قيادة الحزب الاشتراكي: حبتي وإلا الديك!

> سيف العسيلي:

> يروى أن أحد المحتالين قد طمع في أحد ديوك قريته فبحث عن حيلة تمكنه من الحصول عليه مجاناًً. فبعد تفكير طويل هداه شيطانه ( غير المسلم) إلى حيلة خبيثة مفادها العمل على استدراج الديك لبلع حبة قدمها له. وبعد أن نجح في ذلك ذهب إلى مالك الديك وطالبه باسترجاع حبته من جوف الديك.

وبما أنه يستحيل إقناع الديك بتقيؤ حبة هذا المحتال لأن الديك لا يفهم خبث صاحب الحبة أو لأن الحبة قد تم هضمها في معدة الديك أو أنها قد اختلطت بحبوب أخرى فإنه يصبح من المستحيل تلبية طلب هذا المحتال مما يمكنه من إظهار غرضه الحقيقي وهو الحصول على الديك وليس الحبة.

عملاً بالعدالة فقد عرض عليه مالك الديك أن يعوضه بدلاً من حبته بحبة أخرى مساوية لحبته بالوزن والجودة لكن صاحب الحب يرفض ذلك لأنه لم يكن هدفه الحبة وإنما الديك وإلا لما استدرج الديك لنقمها من الأساس.

واكتفاء لشر مالك الحبة فقد عرض عليه مالك الديك أن يعوضه بدلاً عن حبته بحبات كثيرة أكبر وزناً وأفضل جودة ومع ذلك فإن مالك الحبة لم يرض بذلك. وهناك ينجح المحتال بوضع مالك الديك أمام خيارين لا ثالث لهما وهما إما حبته بشحمها ولحمها أو الديك بشحمه ولحمه. وعلى الرغم من أنه عرض عليه خيارين لكن الحقيقة فإنه لم يترك لمالك الديك إلا خياراً واحداً هو الديك، فإعادة الحبة بذاتها يعني ذبح الديك وفي هذه الحالة فإنه يصعب تميز حبته من الحبات الأخرى التي نقمها الديك. وحتى لو تم التعرف على حبته فإنه سيكابر ويرفض القبول بها على أساس أنها قد تلوثت في بطن الديك فلن يقبل صاحب الحبة بأي شيء آخر سوى الديك نفسه.

ويبدو أن مالك الديك قد أخطأ عندما تعامل مع مالك الحبة بحسن نية غير مدرك لخبثه الشديد. فقد كان على مالك الديك أن يرفض طلب هذا المحتال ابتداءً فهو المسؤول عند فقدان حبته عندما وضعها طوعاً في متناول الديك.

فما أشبه تصرفات بعض قيادة الحزب الاشتراكي بتصرفات صاحب الحبة. فإذا كان صاحب الحبة يهدف إلى الحصول على الديك فإن الحزب الاشتراكي بإثارته ما يسمى بالقضية الجنوبية يهدف إلى الوصول إلى السلطة، فحبة الحزب الاشتراكي كانت ولا زالت القضية الجنوبية، فهو الذي اخترع ما سمي بالجنوب اليمني بهدف الوصول إلى السلطة والانفراد بها.

صحيح أنه كان هناك أجزاء من اليمن محتلة من قبل بريطانيا لكن كان العالم كله بما في ذلك المحتل يعترف بأن هذه المناطق جزء من اليمن لأنها كانت كذلك من القدم. وبدلاً من أن تعود الأمور إلى طبيعتها بعد رحيل المحتل فإن الحزب الاشتراكي أصر على إقامة دولة مستقلة في هذا الجزء من اليمن موهماً الرأي العام بأن ذلك وضع مؤقت سينتهي بتحقيق الوحدة اليمنية.

وظل الحزب الاشتراكي يبرر بقاءه في السلطة في ذلك الجزء من اليمن من خلال ادعائه بسعيه الحثيث والمستمر لإقامة الوحدة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أنه برر الحروب التي شنها بهدف تحقيق الوحدة اليمنية.

وعندما افتضح أمره لم يكن أمامه خيار إلا أن يهرب من ممارساته الضارة بأبناء اليمن في المحافظات الجنوبية والشرقية إلى الوحدة. لكنه لم يكن مخلصاً لها فعمل كل ما في وسعه في جعلها ضعفية ومؤقتة.

وعندما فشل في الانفراد بالسلطة في اليمن الموحد لم يتردد في محاولة القضاء على الوحدة مستخدماً في ذلك ما سماه بقضية الجنوب. وعلى الرغم من فشله في ذلك في عام 1994م فإنه اليوم يعاود الكرة بنفس الأسلوب أي من خلال ما يطلق عليه القضية الجنوبية. إنه يتعمد اختلاق الأكاذيب والأوهام بهدف تضليل الناس وإقناعهم بأن هناك قضية اسمها قضية الجنوب.

لكن نسي بأن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين. فشعبنا اليمني قد جربهم وعرفهم تمام المعرفة ولذلك لفظهم في عام 1994 وسوف يخزيهم في عام 2009.

لقد هيج وضخم بعض الأخطاء التي ارتكبها هو لربطها بما يسمى بقضية الجنوب.. فقضية المتقاعدين التي يستخدمها في الوقت الحاضر لإثارة العنف والاضطرابات لا علاقة لها بالوحدة لا من قريب أو بعيد ولا تخص أبناء الجنوب وحدهم. أضف إلى أن الحزب الاشتراكي يتحمل الجزء الأكبر من ذلك، فلولا تسببه في حرب عام 1994م لما حدث ما حدث. ولولا تحريضه لبعض المنتمين للمؤسسة العسكرية والأمنية لعدم الاستفادة من العفو العام وعدم العودة إلى وحداتهم لما حدث ما حدث. واليوم والدولة تعمل على معالجة الأخطاء التي ارتكبها مثل هؤلاء فإنهم يحاولون بكل ما يستطيعون عرقلة ذلك. فما علاقة ما يسمى بجمعية المتقاعدين بالوحدة وبالدعوة إلى التشطير وبتحريض المواطنين اليمنيين في المحافظات الشرقية و الغربية ضد إخوانهم اليمنيين الآخرين. فحتى إذا ارتكبت الحكومة بعض الأخطاء فما ذنب المواطن العادي من تعز أو صعدة أو ذمار حتى يتم تحريض أخيه المواطن في عدن أو المكلا ضده؟

لا يختلف الأمر فيما يخص ما يسمى بقضية الأراضي. فالحزب الاشتراكي هو الذي صادر أراضي المواطنين في المحافظات الجنوبية والشرقية وبذلك فقد تسبب الحزب في هذه المشكلة. فهو الذي أسكن أتباعه بالقوة في مساكن المواطنين وطرد سكانها منها إلى الشوارع. وهو الذي عمل بعد الوحدة على توزيع أراضي الدولة على أتباعه.و هو الذي نزع الأراضي الزراعية من ملاكها وحولها إلى مزارع مملوكة للحزب الاشتراكي.

وعندما تم معالجة بعض هذه الآثار بعد حرب عام 1994على أساس مبدأ لا ضرر ولا ضرار فإنه عمل ويعمل اليوم على عرقلة ذلك تحت الادعاء بأن هناك نهباً لأراضي الجنوب. فمعظم هذه الأراضي تم توزيعها لمعالجة المشكلة التي خلقها هو وهي في معظمها وزعت على أبناء الجنوب سواءً الملاك الأصليين أو المنتفعين أو المتضررين من تصفية الحزب الاشتراكي.

وبعد أن تم معالجة هذه الزوابع فإنه لم يعتبر ويتوقف عن ممارساته هذه فيعمل على خلق زوابع أخرى. إن ذلك يدل على أنه لا يهتم بالمواطن اليمني سواءً في الشمال أو الجنوب وإنما يهتم فقط بمصلحته وهي العودة إلى السلطة والتفرد بها بأي وسيلة كانت وبأي ثمن كان حتى لو على جثث المواطنين وشظايا الوطن.

إن هذه الممارسات تدل بشكل قاطع بأن هدف الحزب الاشتراكي هو حصوله على السلطة أو الدمار. وبطبيعة الحال فإن حصوله على السلطة يعني الدمار كما يثبت ذلك تاريخه عندما كان في السلطة في الشطر الجنوبي سابقاً. أي أن الحزب الاشتراكي يسعى إلى تدمير اليمن سواءً في الشمال أو الجنوب.

لذلك فإنه يجب علينا أن لا نتعامل مع الحزب الاشتراكي كما تعامل صاحب الحبة مع صاحب الديك. فعلينا أن نقول له إنك لسن مفوضاً بالحديث عن الشمال ولا عن الجنوب. فتوقف أنت وما تستنسخه من منظمات وهمية عن الإساءة لليمن والتعرض لثوابته. فإذا كان لك مشاكل داخلية فعالجها بعيداً عن التخفي وراء المتقاعدين أو العاطلين أو أصحاب الأراضي أو أبناء الجنوب.

المحرر: كان مقرراً أن تنشر المادة في موعدها بحسب خطة إدارة التحرير وتم إرجاء نشرها بعد مهاتفة الكاتب لعامل التحويلة مساءً حيث تساءل عن تأخر نشر مقالته مخاطباً إياه بالقول:«أنتم لا تنشرون إلا للانفصاليين؟».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى