نجوم المثلث الذهبي

> صالح علي السباعي:

> في بلادنا اعتاد الناس تجاهل الحكومات المتعاقبة لقضاياهم الملحة، وتركها تتراكم وتتفاقم حتى تصل حافة الهاوية، حينها يدرك الكبار أن الخطر أصبح قريباً جداً من الكراسي ولابد من إيقافه.

وترى على الشاشات كبار القوم يصولون ويجولون من مدينة إلى أخرى، وأحياناً يلوحون بالعصا دون جزرة، مذكرين الناس بأنهم هم وحدهم أهل الحل والعقد.

وما لم يدركه هؤلاء الكبار أن العامة فقدوا ثقتهم في الكثير من الوجوه المصنفة كبيرة، وفي معظم الحكومات التي أدارت شؤون البلاد حتى اليوم، بعد أن تأكد للناس على أرض الواقع أنه ليس من بين هؤلاء موسى لينقذهم من واقعهم، وإنما في كل مؤسسة ووزارة هناك أكثر من فرعون، أجاز لنفسه امتلاك كل شيء وحرّمه على الآخرين، ورغم أن العالم قد تغير ولم يعد قرية صغيرة كما كان يقول (ماكماهان) بل أصبح مجرد عمارة من عدة أدوار وشقق، حيث تغير كل شيء في هذه العمارة الكونية، واختفت عن الأضواء في العقدين الأخيرين عشرات الحكومات، ومئات المسئولين والمستشارين الكبار في بلدانهم، بينما بقي غالبية وزرائنا الناجحين والفاشلين إضافة إلى جيش المستشارين تحت الأضواء صامدين منذ عشرات السنين، مسيطرين على المثلث الذهبي، يتبادلون المواقع بين مجالس الوزراء والنواب والشورى، لأن هذا المثلث شبيه ببيت أبي سفيان، من دخله كان آمناً، هو وأولاده وأحفاده، حيث معظم أعضاء هذا المثلث هم المسيطرون على السلع والخدمات، ومقاولات البنية التحتية والبترولية والوظائف الكبيرة في الدولة، وهم الذين يوافقون على الجرع ورفع الدعم وتحرير الأسعار، وعن طريقهم يتم كل شيء في هذا البلد، رغم أن بعضهم متواضع الذكاء والخبرة وفشل في المهمات الموكلة إليه أكثر من مرة، وربما كان السبب في الكثير من الكوارث والمآسي، ومع ذلك لايزالون تحت الأضواء يأكلون ثلاثة أرباع الكعكة في كروشهم، ويلمعون صورهم بعمليات شد الوجوه وصبغات الشعر الباريسية، لإثبات أهلية بقائهم في المثلث في الصفوف الأمامية، مواصلين بذلك سد الطريق أمام الجيل الجديد في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية من الوصول إلى المثلث إلا بموافقتهم وبعد استشارتهم.

والأغرب من ذلك أن الكثير من هؤلاء الكبار رؤساء وأعضاء في لجان إصلاح الأمور ومكافحة الفساد ومشاكل الأراضي، بينما يعرف الناس أن بطون بعضهم حبلى بكل شيء.

مثل هؤلاء لا يتوقع الناس أن تصلح الأمور على أيديهم، وقد آن الأوان لهم أن يرتاحوا ويريحوا، والتمتع بما كنزوه لأنفسهم من ثروات قبل حلول الأجل، على أن تترك لجان إصلاح الأمور لوجوه جديدة زاهدة في الكراسي، تخاف الله قبل أي عمل تقدم عليه وقبل إعطاء أي استشارة، لأن استشاراتهم لن تكون إلا خيراً على البلاد والعباد، وهي بالتأكيد عكس استشارات من عرفناهم منذ عشرات السنين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى