العيدة ودخان الدهرة

> علي سالم اليزيدي:

> تصاعدت في مدن المكلا والشحر والحامي والريدة أدخنة الدهرة، عادت العيدة البيضاء السمينة إلى بعض من سابق عهدها، وبدخول موسم العيدة السنوي (الساردين) وشحة السمك في الأسواق تزايدت المخاوف لدينا من أن نفتقد العيدة هذا العام، ولكن التباشير غمرت الأسواق حيث انخفضت الأحاديث الساخنة بين الناس من السؤال ماذا وراء اختفاء العيدة هذه المرة؟ وجاء الجواب أولاً دخول العيدة المثلجة التي لا ترتقي الى مستوى الطازجة (الفرش) اللذيذة التي تجعل من التنار يلهب لهيباً، وهاك السؤال الآخر: هل خيمت التهدئة على كل شيء؟

وبعودة دخان الدهرة وإشعال المواقد والتنانير، ربما هي بديل لاشتعال ما في الصدور وكما في وضع الأدوية هذا يحل محله، وقال أحدهم في سوق الشحر: كله عند العيدة! طبعا آثار الصيد الجائر واضحة على توفر الأسماك في المكلا والشحر وشحير والغيل، معظم المعروض مبرد ومغطى بالثلج ومن نوعيات رديئة وربما قدرنا أن نصطدم بالرداءة التي تنتشر في حياتنا هذه الأيام.

وللحديث عن العيدة وما يرافقها من الوقلة والرز البيض والدهرة وارتفاع أسعار الحطب إذ تغير الحال علينا في المكلا ومعظم الساحل الحضرمي وشبوة والمهرة، كنا نأخذ العيدة بالغرفة ملء اليد ببلاش! وبعدين «يا حامل حمل»! وأمام الوضع الحالي وتدهور وضع البحر والاصطياد نعتبر أن توفر العيد هذا العام مكسباً للفقراء والبسطاء وسكان المدن الساحلية والعائدين من الخريف وكل من لم يستفد من استراتيجية الأجور إلا بالكلام فقط.

رحم الله أمهاتنا أولئك اللاتي أحببن العيدة وكان التنار بمثابة صديق وفي ومن أهم أركان البيت، تأفف بنات اليوم من الدهرة له ما يبرره، إذ تطور العالم فهناك الأفران والمطاعم ورفاهية المنازل ودلع العصر! ومن وحي أيام الدهرة هناك نظام دقيق يرتبط بعملية شراء وتبليق العيدة ومن ثم وضعها في المشكاك صفاً واحداً متراصاً يسند بعضه بعضاً وعندما تحمر وتزبد نسحبها ويا محسن السمن عندئذ.

ومع دخول كميات وافرة من العيدة هذا الأسبوع إلى الأسواق ونقلها بالعوازل أيضاً إلى بعض الدول المجاورة إلى المغتربين وأبناء البلاد محبي العيدة ومتذوقيها وهواة الصيد المسافرين، وطبعا هناك طريقة أخرى لدهرة العيد في أوقات المساء إذ تحفظ مع الملح حتى المساء وتدهر ويطلق عليها (غبوب)، والعيدة في بدايتها يقال لها (خضيرة) ثم (مشوكة) ثم السمينة، وهي فاكهة المواطنين ورزقهم من ربهم، فمن يقدر أن يشتري كليو ثمد بألف ريال، هذا إذا وجد، ولكن مشكك العيد يقسم على الأولاد كلهم ومن شبع قال الحمد لله! ومثلما قال أحد الفقراء: ليست أيامنا كلها عيدة ودهرة يا راد يا عواد!.

إنها أيام العيدة دخلت المكلا والشحر وقصيعر وسيحوت، وهي عادلة في قدومها لأنها صديقة الفقراء والأغنياء والأثرياء من الأراضي ومن قاع ربي! الكل أمام العيد سواء، وقالوا: أنا وخلّي تقاسمنا العيدة في المكلا، علي خزاهم لي في عدن وصنعاء وجعار وكانوا يحبون المكلا وعيدتها وعادهم لها با يحنون.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى