النفط نعمة أم نقمة!!؟

> م. محسن علي عمر باصرة:

> استكشاف النفط في أي بقعة من العالم يعد فرحة وسروراً وتمنية وازدهاراً عند المواطنين القاطنين بهذه المنطقة التي بها العمليات البترولية حيث يحصلون على امتيازات في التنمية الاجتماعية ومعالجة أضرار التلوث البيئي واستيعاب أبنائهم للعمل بهذه الشركات وتشغيل معداتهم من سيارات وحفارات وغيرها ويكون لهم نصيب الأسد في تقديم الخدمات للشركات العامة وهذه الشركات العاملة في دول الخليج والجزيرة (شركة أرامكو) على سبيل المثال لا الحصر لديها مدارس باسمها في المنطقة الشرقية بالعربية السعودية وتدفع رواتب المدرسين وتوفر حتى الأدوات المدرسية للطلاب بالمناطق البترولية ناهيك عن تقديم الخدمات الاجتماعية من صحة ومياه نقية وتعويض المتضررين من المسوحات الزلزالية وتأهيل الأبناء وتوظيفهم وإذا قارنا بين مناطق العمليات البترولية في بلادنا مع أي دولة منتجة للنفط نجد العجب العجاب فأبناء حضرموت عندما اكتشف النفط فرحوا بل تغنوا بذلك على لسان الفنان الراحل محمد جمعة خان:

ياحضرموت افرحي بترولنا بايجي *** الفقر ولى وراح

وهذه مديرية غيل بن يمين من مناطق العمليات البترولية لا يوجد بها أبسط المقومات لحياة كريمة للمواطنين ونترككم مع الصحفي القدير مرعي كرامة حميد الذي زار المديرية ومكث بها ستة أيام وعمل استطلاعا صحفيت عن خدمات المديرية تم نشره في الأعداد (34، 35، 36) من صحيفة «الريال» الصادرة عن إصلاح حضرموت للأشهر يونيو، يوليو، أغسطس 2007م:

مديرية غيل بن يمين بها عدد سكان لا يقل عن ثلاثين الف نسمة بها ثمان وحدات صحية لا يعمل منها غير وحدتين صحيتين أغلبها بنيت على حساب فاعل خير لا يوجد بالمديرية بعثة طبية توفي مطلع يناير2006م اربع نساء حوامل بسبب النزيف بأحد المراكز الصحية، جهاز أشعة لم يركب حتى اليوم، ما تم تلفه من أدوية المنتهية خلال الفترة الماضية ما قيمته مليون يال والصيدلية مغلقة والمختبر مفتوح ولكن بدون محاليل، ومحلول الايدين الذي يضمد الجرح صلاحيته منتهية منذ عام 2005م ولازال يستخدم، يوجد ثمانية اسرة للرجال والنساء والاطفال ولا يوجد بغرفة الترقيد حتى الاضاءة وبعض النساء يوضعن في ممرات الوحدة الصحية. لا يسمح للمواطنين الدخول للشركات النفطية للتطبيب أما الكهرباء فهي تضيء لمدة ست ساعات فقط من الساعة السادسة الى الثانية عشرة مساء، ثلث المديرية على المواطير الخاصة والفوانيس. المياه لا تصل الى كافة البيوت وبعضها غير نقية. الطريق ترابي حتى يومنا هذا الذي يوصل الى مركز المديرية.

هذا بعض ما ذكره الصحفي مرعي كرامة ولاحظت ذلك بأم عيني وبدون أن أحمل أي نظارات لا سوداء ولا بيضاء من خلال زياراتي العديدة للمديرية.

أما مديرية ساه المنطقة النفطية الاخرى فنكتفي بما سطره مدير عام المديرية في مذكرة رفعها للمحافظة والمجلس المحلي بالمحافظة بتاريخ 2005/9/20م يؤكد فيها ان بعض الظواهر التي يعاني منها المواطنون في المديرية بسبب العمليات البترولية في المديرية حيث يقول: تدني منسوب المياه في الآبار خصوصا المفتوحة ونضوب مياه الآبار وكذا مياه بعض العيون الغيول وتسرب بعض النفايات والمخلفات الى خارج المواقع المحددة في بعض المناطق مما يشكل مخاطر وتغير لون مياه الامطار والسيول الى اللون الاسود في بعض الحالات في بعض الوديان المجاورة للشركات النفطية العاملة كما ان استخدام الكرفان لخزن مياه مخلوطة بالنفط في بعض مناطق المديرية وعند نزول السيول والامطار تؤثر على الزراعة حيث تم ملاحظة الاضرار من حيث تدني انتاج أغلب المحاصيل نتيجة للاصابات التي لم تحصل بصورة مألوفة من قبل وموت كثير من زراعة البرسيم بشكل خاص كما ان المواطنين زادت اصابتهم بالاستماء والحميات وظهرت حالات من الامراض الخبيثة كالسرطان كما حدثت تشققات في المباني السكنية والمساجد والمدارس في منطقة رسب وهذه تكررت عند اجراء الترميم.

هذا ما قاله مدير عام مديرية ساه للسلطة المحلية بالمحافظة .

وفي تقرير نشرته صحيفة «الوسط» في عددها 34 بتاريخ 2004/12/22م مدعم بالصور حول ما تقوم به شركة توتال الفرنسية في منطقة «جثمة» بلوك رقم 10 حيث تقوم بتبخير حوالي %50 من انتاجها في 100 حوض ترابي وتقدر مساحة الحوض بكيلومتر مربع وعمق مترين ويقدر انتاجها بحوالي 12000 برميل يوميا. كما أعلنت شركة DNO في 2004/10/26م انها تقوم بإنتاج في حقل تيسور في بلوك رقم 32 وان كمية البترول الى الماء الملوث تظل ما نسبته 4:1.

كما قدمت كثير من التقارير في عدد من الندوات حول المياه المصاحبة لإنتاج النفط في حقل المسيلة ومن المعلوم ان الطبقات الارضية في منطقة المسيلة هي: أم الرضومة سمكها 250 مترا وهي حاملة للمياه السطحية ثم طبقة الشروين ثم طبقة المكلا وسمكها 400 متر وبها 640 مليون برميل في الميل المربع ثم طبقة فرتك وسمكها 40 مترا ثم طبقة الحرشيات 700 متر وبها 742 مليونا في الميل المربع وكل الطبقات السابقة بها مياه عذبة صالحة للشرب وللاعمال الصناعية والزرعية، ثم تليها طبقة قشن وهي مياه مخلوطة بالنفط وهي الطبقة التي ينتج منها النفط في حقل المسيلة وتختلف نسبة المياه المصاحبة للنفط من بئر لأخرى وقدرت كميات المياه المصاحبة مع النفط بحوالي 400 ألف برميل يوميا لموازنة الضغط في الخزان المنتج للنفط و300 ألف برميل يوميا مطلوب التخلص منها.

ونحن أبناء حضرموت لا نعرف حقيقة أين يتم حقن هذه المياه الملوثة بالنفط هل في طبقة الحرشيات أم المكلا أم قشن كما لم تعرف اللجان التي خرجت في الاعوام السابقة وكانت لجانا شعبية مثل: جمعية حضرموت الخيرية بصنعاء أو لجان برلمانية من لجنة التنمية والنفط ولم يعط للجان حتى لتر ماء من هذه الطبقات لتحليله رغم تطمينات وزارة النفط المتكررة!!

وإن كنا نريد أن نحافظ علىمخزوننا المالي الاستراتيجي وهي مياه جوفية ضخمة موجودة في طبقة الحرشيات وتقدر المياه فيها بمئات الملايين من الامتار المكعبة اذا ما طورت بكفاءة حسب ما أمد تقرير (شركة كومكس الدولية المحدودة في عام 1992م) وهي مكلفة بالدراسة من شركة كنديان قطاع المسيلة.

وإذا كنا تحدثنا سلفاً عن مديريتي غيل بن يمين وساه فلنتأمل معاً المأساة في مديرية الضليعة قرية ذقيم بالحراك قطاع رقم 49 حيث شكا المواطنون منذ 2004/9/26م من ظهور حالات الاصابة بمرض سرطان الدم الحاد (لوكيميا الدم الحادة) وحالات فشل كلوي في قريتهم بعد قيام شركة مول المجرية بالتنقيب قريباً من قريتهم وتوفي من المواطنين:

سعيد بن سالم بالحراك، الطفل عبدالله عمر عبيد بالحراك، علي أحمد بالحراك، هناء علي باكرشوم، علي سعيد بالماس، محمد سالم بالعجم.

ومازال يعاني من المرض ويصارعه المواطنون التالية أسماؤهم:

الطفل عمر صالح احمد بالحراك (سرطان الدم)، سالم عبدالله باكرشوم (سرطان الدم ويحتاج عملية زراعة نخاع)، زوجة سعيد عبيد بالعجم (مرض السرطان)، صالح عمر باصالح (سرطان الغدة النكافية)، سالم عبدالله بابدر (فشل كلوي بحاجة الى زراعة كلى)، سالم مبارك بابدر (فشل كلوي بحاجة الى زراعة كلى).

وبعد المتابعات الحثيثة والمخاطبات من أعضاء مجلس النواب والسلطة المحلية بالمحافظة وافقت الوزارة على معالجة عدد اثنين فقط من المرضى حسب مذكرة وزيرالنفط السابق في 2005/7/21م وبعد الضغوط المتوالية والجهود المضنية تم اقرار المجلس المحلي بالمحافظة في دورته الرابعة لسنة 2006م المنعقدة يوم الاثنين 2007/2/19م على رفع دعوى قضائية ضد شركة مول المجرية لتسببها في احداث تلوث بيئي إضر بالمواطنين ومواشيهم وزراعتهم في مديرية الضليعة وبعد متابعات ايضا تم رفع مذكرة من هيئة رئاسة مجلس النواب الى وزير النفط في يوليو 2007م وكان الرد من الوزارة سلبيا حيث رفع تقرير لهيئة رئاسة المجلس من ست صفحات آخر سطر في الصحفة السادسة من التقرير يقول:(وعليه فإنه لايوجد تلوث بيئي في المنطقة) هذا مما جعل كتلة نواب حضرموت يرفعون مذكرة أخرى لهيئة الرئاسة في 2007/7/27م لإخراج لجنة برلمانية ومازالت لجنتا المياه والبيئة والتنمية والنفط تدرسان ملف التلوث البيئي في مناطق العمليات البترولية ومنها مديرية الضليعة حتى يومنا هذا الذي ننشر فيه هذا الموضوع في شهرنا نوفمبر 2007م. أما القضية الاخرى المتعلقة بالشركات النفطية العاملة فقد حدد لكل مناطق العمليات البترولية %70 من العمالة الفنية والعضلية ونحن لم نحصل حتى الآن على نسبة حقيقية من العمالة رغم عقد أكثر من اجتماع مع وزراء النفط من قبل الكتل البرلمانية المتعاقبة منذ 17 عاما وكذا عقد أكثر من اجتماع للكتلة البرلمانية مع المجلس المحلي بالمحافظة بحضور ممثلين من وزارة النفط آخرها في 2005/7/11م ورفعت لوزيرالنفط وكان الرد انه لا توجد أي امكانية لدى وزارة النفط في حل مشكلة التوظيف لخريجي كلية النفط بجامعة حضرموت وأنه لا توجد أي نسب محددة للمحافظة من المنح الدراسية الخارجية في مجال النفط معتمدة من قبل الشركات النفطية باستثناء كنديان نكسن قطاع 14 وهي تقدم منحاً دراسية محددة للغاية ترتبط بنظام التنافس يرأسها الاخ عبدالعزيز عبدالغني رئيس مجلس الشورى.

هذا ما قاله وزير النفط السابق في مذكرته رقم 1077 بتاريخ 2005/12/7م والحقيقة ان الشركة الكندية تقدم سنوياً عشر منح منذ عشر سنوات ولم يذهب من أبناء حضرموت الا طالبين فقط وفي عامنا هذا 2007م وبعد الضغوط قد يقبل اثنان فقط ومن الظلم والجور الذي يحصل ان إحدى الشركات التابعة لمقربين من السلطة قامت باحتكار بعض الشركات لتوزيع العمالة مع الشركة الأم حيث تم التوظيف ولم تضع أي اعتبار لأبناء حضرموت ولا أبناء مناطق الامتياز ولم تصرف حقوق العمال المادية كاملة وحتى اجازاتهم ومن المضحك المبكي وصول المتنفذين حتى لخدمات التخليص الجمركي للشركة الكندية حيث وصل الينا كنواب حضرموت شكوى من مؤسسة العروبة ووكالات الريان للخدمات في تاريخ 2007/4/16م حيث هددوا من قبل الشركة بشكل مفاجئ ودون سابق انذار بأن عملهم التخليص الجمركي سيعطى لشركة أخرى من خارج المحافظة مع العلم ان الوكالتين السابقتين تعملان منذ عشر سنوات وعلاقتهما متينة مع الشركة الكندية ولديهما شهادات خبرة وكفاءة وإخلاص ونزاهة.

وأخيرا أخي القارئ، أختى القارئة: بعد ان طفنا بكم على هذه المآسي والاحزان والمنغصات فأنت الحكم هل أصبح النفط نعمة للمواطنين الساكنين بمناطق العمليات البترولية أم انه نقمة ولكن سيظل نضالنا مستمراً حتى نعيد كل الحقوق لأهلنا غيرمنقوصة وبالطرق السلمية والحضارية فنحن كنا نطالب بحقنا من العمالة العضلية والفنية ومعالجة التلوث واليوم نرفع سقف المطالبة بأننا نريد حصة من نفطنا وان مبالغ التنمية الاجتماعية التي تدفعها الشركات النفطية العاملة بحضرموت وهو مبلغ مليون دولار أو يزيد ويقسم على ثلاثين مديرية بالمحافظة حيث يصل حصة كل مديرية عشرة مليون ريال يمني أو ينقص كل عام لا يكفي بل نحن نطالب بجزء من ثروتنا كما يحصل أبناء عمران على 20 ريالا عن كل كيس اسمنت يصنع في مصنع محافظتهم ولا حسد، وخيراً عملت قيادة أحزاب اللقاء المشترك عندما أوردت في الصفحة 24 من وثيقة الاصلاح السياسي والوطني (التوزيع العادل للثروات والموارد وتخصيص نسبة من الايرادات والعائدات للمحافظات المنتجة للثروة لمعالجة ما ينجم فيها من أضرار بيئية والاهتمام بالمناطق المحرومة النائية) فإن نضالنا مستمر ومن وسائل نضالنا الآنية تجميع توقيع نص مليون مواطن من أبناء حضرموت حتى نحصل على حقنا غير منقوص في العمالة والتدريب والتأهيل والثروة ومعالجة أضرار التلوث من خلال التعويض العادل للمتضررين وممتلكاتهم ونضالنا مستمر بالطرق السلمية الحضارية وعبر كل المناشط المتاحة حتى تعود كل الحقوق المنهوبة أكانت السياسية أو الاقتصادية أو الخدمات الاجتماعية الخ، للمواطن أكان في حضرموت أو في الجنوب أو في أي منطقة مظلومة وحتى يعيش المواطن حياة كريمة آمنة والله من وراءالقصد.

* عضو مجلس النواب

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى