عدن .. ودفء الوحدة!!

> عامر علي سلام:

> تعودنا دائما عندما تحل بالوطن الأزمات أيا كان نوعها أن نذهب في أحاديثنا وكتاباتنا وتناولاتنا إلى تأويل أسبابها وخلق المبررات والاتهامات والادعاءات (وكل ذلك هروبا من واقع الحال ومعالجته المعالجة الصابئة.. لأن الحكمة كما كان يقال يمانية)! ولكننا في شتاء هذا العام 2007م وبالذات في نوفمبر فيه .. تذكرت عدن وكيف كانت دائما دفئا لوحدتنا اليمنية.. تذكرت الثلاثين من نوفمبر 1967م عندما أنزل من مقامه العالي علم الامبراطورية البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس .. ورفرف عليها علم الجمهورية الجديدة المستقلة (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية).. تذكرت أنها ظلت تحلم ويسكنها الهم الوطني العام في تحقيق الوحدة اليمنية (شعارا) استهلكناه لأكثر من عشرين عاما .

رددته عدن بعد عام 1969م وكانت أكثر جراءة وجرأة بأن توقعه اتفاقية وحدوية في الثلاثين من نوفمبر أيضا عام 1989م !! (فكانت اتفاقية الوحدة اليمنية الأولى التي تجمع الفرقاء .. الأشقاء في دفئها الوحدوي).

واليوم نقول بأنها انفصالية؟!! وكل من يكتب عنها وعن قضياها العامة بأنه انفصالي أو أءنه فقد مصالحه في السلطة، ونحاول أن نغطيها وقضاياها السكانية ونتعامل معها على أنها قضايا يمنية من نوع آخر!!

وهي التي كانت على موعد خاص لتحقيق الوحدة ورفع علمها أيضا في الثلاثين من نوفمبر من عام 1989م فعجلت الوحدة في غفلة وعجلة من الزمن إلى تاريخ ميلادها وإعلانها في 22مايو (1990م) حتى لا تفقد مصيرها وتموت قبل الأوان .. أمام الأوضاع الخليجية التي كانت على موعد لتعصف بنا جميعا في أغسطس من العام نفسه (1990م) باحتلال الكويت من قبل قوات صدام الغازية.. واليوم مازالت عدن تشعرك بدفء الوحدة.. بحرها وشواطئها التي توافد إليها كل أبناء الوطن ليقضوا فيها إجازة عيد الفطر المبارك).. وجاء إليها الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية كعادته عندما يحل فيها تشعره بالأمان .

وتشعر هي أيضا بالطمأنينة والأمن .. تدرون لماذا ؟! لأنها عدن بأهلها وناسها تعطي ولا تبخل .. وتسامح وتعذر.. فبوجود فخامته فيها يتوقف المتنفذون عن نهب أراضيها أو البسط عليها!! حتى أنك تجد المسئولين فيها وقياداتها العسكرية والءمنية والمدنية والمحلية لا يوقعون أي ملف فيه إساءة إليها من قريب أو بعيد !!.. لذلك تشعرك عدن بدفء الوحدة التي بدأت أكثر برودة من ذي قبل.

فكانت المطالب الأخيرة والمسيرات والمظاهرات لفئات عديدة من أبنائها المتقاعدين والمسرحين العسكريين والعاطلين.. وهي مطالب مشروعة وحقوق إنسانية مطلوبة، تعاملت معها السلطة بواقع الرفض والهيمنة والقوة فأسات استخدام سلطتها!! معتقدة كما هي دوما تدعي بأنها (مفتعلة) وأن وراءها معارضة وأحزاباً هي في الأصل غائبة عن الساحة.. غائبة عن معاناة الشعب بالغلاء والبطالة والإجحاف العام والتصلف والفساد العام معتبرة كل تلك المطالب البسيطة مسألة دعائية انتخابية قادمة (قبل أوانها) !! كانت عدن على موعد خاص لتعطي الوحدة اليمنية دفئا أبديا مجيدا.. فتحملت سنوات وسنوات ضائعة من عمرها الوحدوي .. فمنذ عام (1990حتى 1994م) تحملت المماحكات السياسية والاغتيالات السياسية .. وأزمات مفتعلة (في المرحلة الانتقالية) وتراكمات ماض أثرا سلباً عليها وعلى مكانتها والوضع الاقتصادي والاجتماعي لسكانها!!

لتختتم بحرب ضروس (لمدة سبعين يوما) تجرع فيها شعبنا الموت والخوف والجوع.. تلتها سنوات إعادة ما خربته الحرب لتتحمل معها قوت الشعب اليمني الصابر.. لتأتي بعد هذه السنوات العجاف الأزمة الاقتصادية والجرعات السعرية .. إلى جانب تهميش أبنائها من العمل أو توليهم أي مناصب أو استحقاقات وظيفية (إدارية ومالية) مختلفة!؟

فأصبح دفء الوحدة فيها أكثر برودا خصوصا في نوفمبر المجيد .. شهر الاستقلال واتفاقية مجد الوحدة.

لذا فإننا ندعو عدن اليوم ألا تبخل بدفء وحدتها المجيدة.. ندعوها بأن تحتضن كل لجان السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية.. وأن تضرب مثالا عظيما.. بأنها رغم نهب تربتها الطاهرة والتلاعب والبسط الهمجي على أراضيها وتعطيل مينائها التاريخي.. وهمينة القوات العسكرية فيها وتسريح أبنائها من الجيش .. وإغلاق أبواب الدراسات والمنح الخارجية أمام أبنائها .. وعدم توظيف شبابها الجامعي.. وقتل ساكنيها بفواتير كهرباء ومياه عالية ومشاريع سكنية لجمعيات وهمية ..الخ تظل عدن الوحدة .. طالما الرئيس فيها يستطيع أن يستمع لصوت البحر في خلجانها.. يستطيع أن يتعرف عليها أكثر .. واكثر لو دخل إلى حاراتها وتلمس مشاعر أبنائها الطيبين لأيقن تماما أن هذا الدفء الوحدوي النادر لن يجده سوى في أم المدن اليمنية (عدن)!!

لذلك عدن تدعونا جميعاً إلى أن نعيد كتابة مشروع وحدتنا اليمنية بقراءة ملفاتها والنظر فيها بتمعن دون تميز أو انتصار باطل !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى