الساحة اليمنية والاختيار الأمثل للإصلاح

> خالد عمر العبد:

> لا تخفى على لبيب أسباب الحراك السياسي من اعتصامات ومسيرات وتظاهرات ومهرجانات وغيرها، فالاعتصامات على اتجاهين أحدهما في محافظات الجنوب وقد بدأت بمطالبة المتقاعدين قسراً من أبناء الجنوب- عسكريين ومدنيين - بحقوق مسلوبة اعترفت السلطة بشرعيتها وبارتكابها أخطاء في حق المتقاعدين تستوجب المعالجة، ورغم المعالجات- قلت نسبتها أم كثرت - إلا أن الاعتصامات المكفولة دستورياً مازالت مستمرة وآخذة في الاتساع بمشاركة مجتمعية وجماهيرية واسعة وبدأت معها حدة الخطاب السياسي لتلك الاعتصامات بالتصعيد في اللهجة والمطالب، والصورة تنبئ باستمرارها رغم ما يتعرض له القائمون بها والمشاركون معهم من أعمال قمع وملاحقات وقتل وجرح. وأما الاتجاه الثاني من الاعتصامات فهو في محافظات الشمال ورغم ما يتردد بين أوساط الناس من أنها مفتعلة ومدعومة من قبل السلطة إلا أنها تعد مظهراً من المظاهر الديمقراطية، ولكن المفارقة بين ما يحصل في تلك الاعتصامات بدءاً بالخطاب السياسي ومروراً بالمطالب وانتهاء بردود فعل السلطة، ففي محافظات الجنوب خطاب سياسي حاد ومطالب سياسية وحقوقية وردود أفعال قمعية من قبل السلطة تمثلت في القتل ومنع إقامة الاعتصامات وملاحقة النشطاء السياسيين، بينما في محافظات خطاب سياسي نرن ومطالبلات حقوقية ونقد للفساد وغلاء الأسعار وغيرها من المطالب الحقوقية، وكانت ردود أفعال السلطة مغايرة لما حدث ويحدث في الجنوب حيث كانت السلطات تعمل بل وتحرص على نجاح تلك الفعاليات وذلك من خلال حضور بعض الشخصيات الرسمية وتبادل كلمات الشكر والثناء بين عناصر الأمن والقائمين بتلك الفعاليات ووصل الأمر إلى تبادل القبلات بعد انتهاء الفعاليات ويستثنى من اعتصامات محافظات الشمال ما يقام منها للمطالبة بالحقوق السياسية مثل اعتصامات أسر وأبناء المعتقلين على خلفية حرب صعدة، والاعتصامات المطالبة بحرية الصحافة والتي أقيمت في العاصمة صنعاء.

وأما المسيرات فتبرز أيضاً المفارقة بين محافظات الجنوب وبين المسيرات في محافظات الشمال، في محافظات الشمال تخرج المسيرات المؤيدة للسلطة نحو أي إجراء تقوم به كالمسيرات التي حدثت تأييدا لقانون حمل السلاح، ولربما أنها- المسيرات- خرجت دون أن يتقدم أصحابها بطلب الإذن من السلطات بينما في محافظات الجنوب لم يحدث أن سمحت السلطة بالقيام بمسيرات تحت مبرر أنها ستتحول إلى أعمال عنف عدا التي تنظمها السلطة كمسيرة أبين المؤيدة لقانون حمل السلاح. وأما المظاهرات فلم يشهد اليمن أي مظاهرات إلا ما ندر وبإيعاز من السلطة.ولكن يبقى هنا الأهم ما الذي يتطلب فعله من أجل نجاح المسيرة الديمقراطية والحفاظ عليها وعلى الوحدة معاً؟

برزت على الساحة السياسية مؤخراً مشاريع بشأن الإصلاح السياسي، كمشروع الأخ الرئيس المعروف بمبادرة الأخ الرئيس بشأن الحكم المحلي وتغيير النظام من رئاسي برلماني مزدوج إلى نظام رئاسي فقط وكذا مشروع الحكم المحلي واسع الصلاحيات المقدم من حزب رابطة أبناء اليمن (رأي) ولربما كانت هناك مشاريع أخرى، ولكن تلك المشاريع - على ما أظن- غير قادرة على إخراج البلاد من النفق المظلم ويظهر ذلك جلياً من خلال المطالب التي يطالب بها أبناء الجنوب في فعالياتهم النضالية السلمية والتي تتركز في معالجة آثار حرب 94 باعتبار ما يعيشه أبناء الجنوب نتاجاً لتلك الحرب.

فإذا أرادت السلطة الحفاظ على الوحدة - كونها المسؤولة التاريخية عنها - فإن عليها الابتعاد عن المكابرة وترك التعالي على الآخرين والاعتراف بالمشكلة وأطرافها الحقيقيين ومن ثم الرجوع إلى مربع الوحدة اليمنية وحدة 22 مايو 1990م والاتفاقيات السابقة لها واعتماد - بالتزام - وثيقة العهد والاتفاق- كمشروع للإصلاحات السياسية المتطلب إجراؤها كونها المشروع السياسي الذي تطلبته الأزمة السياسية بين شركاء الوحدة - ولم ير النور- والموقع عليه من قبل طرفي الأزمة والمرعي من قبل فعاليات إقليمية ودولية (جامعة الدول العربية والأمم المتحدة) ومبارك الفعالية الاجتماعية (كبار المشايخ والشخصيات الاجتماعية) وعدد من الشخصيات السياسية اليمنية، أو الدعوة إلى تشكيل هيئة وطنية عليا تضم كل ألوان الطيف السياسي- دون تغييب لأحد- تعمل على صياغة مشروع سياسي وطني من أجل الحفاظ على الوحدة وضمان استمرارها وتجسيداً للنهج الديمقراطي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى