حياكم الله: سدوها بعودي

> أحمد يسلم صالح:

> نعيد إلى الأذهان ذيوع عبارة لمسؤول كبير في الدولة توفاه الله رداً على تكرار فاتورة شراء حنفية، ومن روحه الساخرة والحازمة معاً لم يعلق سوى بعبارة (حياكم الله: سدوها بعودي).

وأظن أن تلك العبارة الموجزة أصلح ما يمكن تناوله في حال أوضاع البلاد اليوم وما تمر به من أزمة هي استمرار لأزمة حقيقية عبرت عن نفسها في أكثر من اتجاه وعلى أكثر من صعيد كانت نتاجاً لروح المكابرة والعنت لا بل أن أزمة البلاد أشبه بكرة الثلج (كلما تدحرجت كبرت) ولأن الوقت يمر (ولات ساعة مندم) كما يقول المثل العربي فالمسألة برمتها بحاجة إلى إعادة نظر كون التجارب عملتنا أن القرارات الخاطئة بالضرورة تؤدي إلى نتائج خاطئة بل وكارثية أحياناً بدليل فشل كل تجارب الحكم التي اعتمدت على إقصاء الآخر بالحرب سواء في الشمال أم الجنوب، وتجربة الوحدة غير بعيدة عن تجارب ثوار سبتمبر الذين لم تستكن لهم الأمور إلا بالاعتراف بالملكيين بل ومشاركتهم وهكذا لم تدم لتياري (الزمرة والطغمة) في الجنوب قبل الوحدة على الرغم من أن العصر الذهبي لدولة الجنوب كان في فترة تحالفهم وصولاً إلى ما أفرزته حرب 94م..وهاهي نتائجها تفصح عن نفسها.

بل أن الاستقواء بشعار الوحدة وإشهاره في وجه الآخرين لم يعد ذا نفع الآن كون نسر دولة الوحدة صار مهيض الجناح ويحلق بجناح واحد والاعتقاد بترقيع الجناح المكسور بالعزف على خلافات الجنوب هو الخطأ بعينه وأن الحفاظ على الوحدة لن يأتي من باب استدعاء المآسي والأحزان سواء في الشمال أم الجنوب.

على كل حال عاش الناس الماضي بكل تبعاته والأمم الناهضة والحية ترنو صوب المستقبل، والمشكلات إن وجدت لم تنعدم معها العقول النيرة إذا ما تم الاستعانة بها وإفساح المجال لها وهناك عقلاء في الحزب الحاكم وفي المعارضة.

ولأن الحال أشبه ما يكون بحنفية (مخروطة) تهدر الإمكانيات والثروة والوقت (فالعودي) على حد النكتة السالفة الذكر أسلم حتى وإن بقيت ثمة تسريبات من بين الفتحات شرط أن تتجه الأمور صوب الإصلاح الحقيقي الجاد عن طريق إصدار قرارات شجاعة وحاسمة وملموسة لا مجرد شعارات فضفاضة حيث لا مانع أن ترتقي فلسفة الحكم المحلي إلى صيغة راقية بما فيها (الفيدرالية) أو الأقاليم فقد أثبتت الأيام صواب رؤية الرئيس علي عبدالله صالح حين جاء بفكرة الفيدرالية يومها وبعدها كانت رؤية شريكه وزميله علي سالم البيض كما روى الشيخ سنان أبو لحوم في مذكراته وهكذا أيضاً مع الأخ سالم صالح حين ووجه بحملة شرسة عندما أفصح عن ذلك ذات مرة.

أمر آخر يتعلق بتقليص الإنفاق على القوات المسلحة مادامت مشاكل الحدود قد تم تسويتها من ناحية ومن الناحية الأخرى أن إصلاح الإنفاق في المؤسسة العسكرية له الأولوية وجعلها المؤسسة الأولى في الإصلاح الإداري والمالي بالاستفادة من مبدأ الضبط والربط والاتجاه لتعزيز الأمن والاستقرار للمواطنين وإعادة هيبة القضاء باعتبار العدل أساس الملك، والاستفادة من فوارق أسعار النفط، وتبني مبدأ الشفافية في سياسة الإنتاج والتصدير، لصالح تأمين المواد الغذائية الأساسية، وتجذير أوضاع التعليم والصحة برمتها بانتهاج سياسات جديدة وفعالة على غير ماهي الحالة الحالية.

كما أن انتهاج سياسات جديدة إزاء الرأسمال اليمني المهاجر وتشجيعه على الاستثمار في الوطن يمثل أفضل بديل اقتصادي ناجح عن أي نقص في إنتاج النفط، بل هو ثروة وطنية لا تعادلها ثروة ولنا في الصين مثلاً رائعاً وكذا بلدان الشرق الأقصى.

يصاحب كلما سبق ذكره توجيه ضربات موجعة وقوية لقوى الفساد والمتنفذين ولو بإشهار قائمة سوداء تضم كل من ثبت له علاقة من كبار المفسدين والعمل بقانون براءة الذمة المالية، مع ضرورة إجراء إصلاحات موازية أخرى تتعلق في تحريم استخدام القوات ضد الشعب وتغيير مفهوم الخطاب السياسي لدى إفرادها بما يتلاءم وروح الديمقراطية والتعددية السياسية.

وأخيراً بدون إجراء معالجات سريعة وفعالة وحقيقية نخشى أن يتسع (الخرق على الراقع) وعوضاً عن إهدار الوقت سارعوا وحاولوا أن تسدوها ولو بعودي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى