دعونا نجنب الوطن المآسي

> سعيد عبدالرب الحوثري:

> دعونا يا سادتي نتحدث بعقلانية وهدوء بعيداً عن أي مزايدة كانت التي شبع منها شعبنا ردحاً من الزمن وبعيداً عن الرواسب الحقيقية والمفتعلة ومن منطلق إحساسنا وفهنا المتواضع لحقائق العصر وحتمية التاريخ وعبر هذه الصحيفة الغراء نقول للجميع بشتى مشاربهم إن الوطن لم يعد يحتمل أي صراعات سياسية وعدم ثقة قد تدمل ما تبقى من جسم الوطن والمواطن ويكفينا صراعات ومناكفات فلقد مررنا بالكثير من هذه المنعطفات والمسارات المؤلمة التي أودت بحياة الكثير من الرموز الوطنية الصادقة والمناضلة لأننا منذ البداية لم نحتكم لصوت العقل لأن البداية كانت شبه خاطئة لهذا فإن هذا الخطأ استمر يلازمنا لأن هناك أزمة ثقة، فما يدعيه البعض من مظالم وحقوق مهضومة وعدم مساواة في الحقوق أمر لا ينكره أحد وفخامة رئيس الجمهورية نفسه يؤكد هذا لأنه من الظلم والإجحاف أن يسلب المرء حقوقه المشروعة ويحرم آخرون قدموا عصارة جهدهم من أجل الوطن فهذا منتهى الغبن والحرمان، إلا أنه بالمقابل كانت هناك مظالم وتجاوزات بل وجرائم حدثت في كلا الشطرين منذ عام 62 وحتى 90م وإلى الآن. ومن جراء تلك الموجات من الصراعات والحروب العبثية فقدنا رموزاً وطنية وضحايا كثيرين، هذه الصراعات والحروب لم تمكن يوماً لمصلحة الوطن وإنما من أجل الأهواء والنزوات والجاه.. الخ.

إذن بات لزاماً علينا دينياً وأخلاقياً أن نأخذ من ذلك العبث موعظة وعبرة وأن نرتفع فوق الصغائر فالمواطن لم يعد يحتمل أي صراعات إذ يكفيه معاناته في لقمة العيش وهضم حقوقه من قبل بعض أدعياء الوحدة زوراً وكذباً فمن هو المستفيد حالياً من هذا الشد والجذب والمكايدات بين أحزابنا السياسية حاكمة ومعارضة والتي أصبحت معظمها أشبه بدكاكين موسمية تبيع وتشتري بحق هذا الوطن، أحزاب مع الأسف لم ترتق إلى مستوى المسؤولية المنوطة بها.. فهذا هو حالنا بحاجة إلى رثاء.

وأنا هنا بفهمي المتواضع جداً كمواطن أتساءل أين هي هذه الأحزاب منذ التسعينات وقبلها منذ 85م من قضايا الوطن ومن هموم المتقاعدين والعاطلين والموقوفين قسراً حينما رأوا أصحاب الشأن يتحركون ويصرخون بدافع معاناتهم والغبن الواقع على كواهلهم ؟ أين هي هذه الدكاكين وزعاماتها إن كانت معارضة أم حاكمة لاسيما إذا عرفنا أن الكثير من هذه الزعامات تعيش في بروج عاجية تلهث وراء مصالحها واستثماراتها وتدلي بالتصريحات الطنانة وبالألوان لكن ما خفي كان أكثر.

يا سادتي ارتفعوا قليلا إلى مستوى المسؤولية النابعة من أدبيات أحزابكم ومفهوكم الحقيقي للوطنية والانتماء لتراب الوطن فالوطن لم يكن يوماً ملكاً لحزب أو طائفة أو قبيلة.. يا بني قومنا تعالوا نحتكم بثقة وحب وليس من يحكم ومن يعارض نضع في أولوياتنا الوطن أولاً وأخيراً والأغلبية الساحقة من المواطنين التي تمتهن في لقمة العيش.. ونقف وقفة جادة وبصدق وشجاعة في وجه من يتاجرون بلقمة عيشهم بعيداً عن العنف والإساءة لبعضنا بعض ولكن ما نعتقده أن من يعيشون في رفاهية وتحت المكيفات والفلل الفاخرة لا يهمهم المواطن الجائع من بعيد أو قريب فالوطن لم يعد يحتمل صراعاتكم وبياناتكم فلقد بلغ سن الرشد فما يعانيه اليوم هو بسبب صراعاتكم وعدم نضج تفكيركم ومن كان منكم بلا خطيئة فليرم نفسه بحجر.

فلا تحملوا الوحدة اليمنية وزراً هي براء منه فالعيب يكمن فيكم فانزلوا من بروجكم العاجية ومن ثم التفتوا يميناً وشمالاً سترون ماذا تفعل الأغلبية الساحقة كيف تعيش ومن أين تأكل فلنغلق جميع الملفات السابقة ونترك التمترس وراء متاريس المكايدات والفلسفة البيزنطية ونعترف بالواقع ونجد له كل الحلول فنحن لسنا في عالم المستحيل متى ما صلحت النوايا لأن فتح الملفات سوف يحرق الجميع وينبش قبوراً نحن في غنى عن نبشها، علينا العودة إلى صوت العقل لنصحح عيوبنا وعاهاتنا وتشوهاتنا ويعطى لكل ذي حق حقه وبالقانون المجني عليه ونحاسب وبالقانون كل لصوص الوطن السابقين منهم والحاليين فنحن نقر جميعاً بأن هناك خللاً واختلالات وهناك فساد وفسدة وهناك من يتبوأون المسؤولية ليسوا جديرين بها وهناك وهناك.. الخ في ظل غياب مبدأ العقاب والثواب إلا أن كل هذا ممكن أن يحل بلغة العقل والحوار بعيداً عن العنف بل والإضرار بالصالح العام وأن يحتكم رجالات وعقلاء الوطن لهذا الحوار الصادق لأن الاعتراف بالخطأ فضيلة والاستمرار فيه جريمة. والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى