عناوين الماضي لا تكفي!

> عبدالقوي الأشول:

> هنا بمقدورك أن تشير إلى أعرق ميناء بحري وأقدم ناد رياضي وأقدم غرفة تجارية في منطقة الشرق الأوسط جرى تأسيسها في العام 1919م.

وغيرها من عناوين الماضي الذي لم يتصل بالحاضر إلا من خلال مزاعم جرى تكرارها إلى درجة فقدانها اليقين.

عدن منطقة حرة.. ونافذة مشرفة على أنواع الاستثمارات بل مدينة تستوعب أحلاماً متثائبة سريعاً ما تؤول جذوة أصحابها إلى الأفول والتلاشي.. بعد أن تفتحت المدارك صوب مقوماتها الاستثمارية المتصلة بالعقار.. ذلك المال المشاع الذي جرى الاستئثار به على حساب الأولويات المفترضة ما جعل الوحدة منجزاً متعثكلاً في حمى العقارات وكعكتها الشهية التي حولت الاتجاه كلية من حسم بعض قضايا الواقع الموروث والمستجد إلى رحاب الذات المنفلتة تجاه كل ما يتصل بالعقار.. كل شيء، منافذ المدينة وأراضيها البيضاء التي تحولت بين عشية وضحاها إلى قضية متداعية عصية على المعالجة خصوصاً وقد تجاوزت البدايات غير الموفقة ما كان ينبغي له أن يكون في حسم قضايا واقع ظل يجر نفسه سلباً على أي فعل تنموي استثماري في هذه المدينة الشاطئية التي تجاوز مخيلات المتعاقبين عليها حدود الحقائق إلى حالات شد وجذب ما كان لها أن تكون وأن تستمر طيلة هذا الزمن لو أن التعامل مع هذه المزية بحكمة ومسئولية، لكان للمدينة اليوم شأن مختلف متصل بمحيطها الإقليمي والدولي.

ومع ذلك ودون وجل.. مازالوا يشيرون إلى لجة مينائها ومطارها رغم أن هيئة المنفذين تبدد على حال من السكينة والحزن بما يوحي للقادم إلى المدينة أنه في حضرة إحدى الجزر النائية لا في حضرة مدينة من أقدم وأعرق الحواضر العربية على الإطلاق.. مدينة عرفت الأنشطة التجارية والتعليمية وكل ما يتصل بالأنشطة الحضارية للسكان.

إلا أنها توارت بعد ذلك خلف حالة من السكينة والتردي الناجم عن فعل الطيش السياسي والتقدير الخاطئ والعمل اللامسئول.. الذي بدا امتداد نسقه واضحاً جلياً فيما تكشف على امتداد الأعوام الماضية على صدر مدينة الأحلام التي يراد لها أن تكون نواة الأنشطة التنموية في بلادنا.. ولكن بشرط غريب هو التعايش مع كل هذا الخلط الناتج الشرعي والطبيعي لآلية الفساد الماحقة، تلك الآلية التي تزعم أنها ستعلن على غفلة من الزمن عن معجزات الخروج من نفق الماضي إلى الحاضر.. رغم أن مثل هذا التجاوز لا يمكنه أن يكون إلا في المخيلات التي لا ترى في مطالب الآخرين حقاً.. بدليل ذلك التأخير والمماطلة في حل مشكلة العقارات المؤممة واستنفاد مساحات العقار التي يفترض أن تكون جوهراً لحل مشكلة قديمة كان لها عميق الأثر في الاستثمارات.

ولمن يحلمون بعودة عدن إلى الواجهة، تشير حقائق الواقع إلى طريق ثورة إصلاحية حقيقية تعيد اليمن وليس عدن إلى واجهة الحياة الطبيعية، ثورة تتجاوز حسابات العقار وردهات النفوس المشوهة التي لا يمكن معها أن نرى الذهب ولو كان بين أقدامناً، فليس لدينا ما يمكن اعتباره ثورة ثالثة ورابعة إن لم تكن تصب اتجاهاتها صوب إصلاحات جذرية تعيد ميزات الحياة إلى طبيعتها.. وذلك كل ما نريد!

فعناوين الماضي المتصل بعدن لم تعد اليوم مثيرة لأحد من منظور الواقع الذي تعيشه والذي كشف عن عدم معرفة إمكانية هذه المدينة الرائعة، وحالات التجاهل والقفز على حقائق كثيرة كان ينبغي عبرها تحقيق طموحات واسعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى