اليمن للبيع .. هل هناك تفسير آخر؟

> محفوظ سالم شماخ:

> كم يحز في نفسي أن أضطر إلى اختيار عنوان مقالي هذا، فلم أجد لما يجري على الساحة اليمنية من ألاعيب تهدف إلى انهيار اليمن اقتصادياً و اجتماعياً إلا هذا التفسير، فقد تهافت الكثير من الجهلة و أنصاف المتعلمين ممن تولوا أمور اقتصادنا و عبر عقود إلى الاندفاع وراء التوقيع على صكوك عبودية اليمن منبهرين بجلوسهم على الطاولات مع الأجانب و أضواء التلفزيون و الكاميرات تغمرهم و الإقامة في أفخر الفنادق و التمتع ببدلات السفر تتساقط إلى جيوبهم و هم “يظنون أنهم يحسنون صنعاً”.

فالاندفاع و التهافت على الانضمام إلى “العولمة” رغم أن أنات و آهات دول العالم الثالث المتخلف مثلنا تصم الآذان و تدمي العيون، ماذا يعني انضمامنا إلى العولمة؟ لا يعني شيئاً سوى فتح بلادنا وخلع أبوابها أمام شذاذ الآفاق من الأجانب ليغمرونا بسلعهم و خدماتهم و مصارفهم و كل ما يدر أرباحاً لهم ليحولوها إلى بلدانهم، و تواجدهم هو على حساب كل المشتغلين في هذا المجال من قطاعات شعبنا.. تجار - صناع - أطباء - محامون - محاسبون .. إلخ.

لقد بدأ التمهيد للعولمة بالضغط على وجوب تخفيض الجمارك لوضع حد للتهريب السلعي، بينما المنطق يفرض أن نعمد لمعالجة التهريب بوسائل أخرى.. لأن تخفيض الجمارك لايعني سوى تخفيف العبء عن كلفة السلع الواردة من الخارج لتصل إلى مستوى يستحيل معه قيام صناعات محلية منافسة، ثم بعد ذلك وضع قوانين جديدة للضرائب و بتعقيدات يستحيل على القطاع المحلي تطبيقها وبالتالي يصبح عرضة لغرامات كبيرة و إيداع في السجون، فيؤدي إلى تقليص أعداد القطاعات الخاضعة لتلك الضرائب وبالتالي انقراضها لإفساح المجال أمام القادمين الأجانب ليحلوا محلهم .. مثل ضريبة الاستهلاك و الأرباح و المبيعات و الدخل و كسب العمل و الصناديق المختلفة و رسوم التحسين و النظافة و غير ذلك، و تعني فرض الضرائب داخلياً جعل السلع الواردة تتحمل نفس القدر من الضرائب المفروضة على الإنتاج المحلي.. بينما الإنتاج المحلي لم يبلغ الخبرة و الكفاءة مثل ما لدى المنتجين في الخارج الذين تم قيام صناعاتهم منذ سنين طويلة، بينما صناعاتنا المحلية لازالت وليدة بسبب العراقيل و العقبات

و الكم الهائل من الفساد و انعدام الأمن وكذا الافتقار إلى البنيات التحتية وأي دعم للصناعات، الأمر الذي أدى إلى تأخرها

وبالتالي إنهاء ما قام منها، والحيلولة دون أي صناعات جديدة، حتى أن زراعتنا ستتأثر حتماً بسبب إفساح المجال للبديل القادم من الخارج، ناهيك عن الخدمات الأخرى كما أسلفنا.

إن من يريد الدخول في العولمة عليه أن يكون قد جهز الأرضية لمواجهة تبعاتها وأهمها إيجاد ما يمكن أن يتبادله ويصدره إلى الدول الأعضاء في العولمة، فهل تم عمل شئ من ذلك.. كلا و ألف كلا.. فقد حال دون تمهيد الأرض العبث بالمعونات و الخبراء الذين نستقدمهم، و تدني مخرجات التعليم

والثقافة على كل المستويات لدينا،

وعدم وجود خطط إستراتيجية سليمة. ماذا فعلنا لنواجه العولمة ونصدر.. سوى “القات” و الأيدي العاملة غير المدربة؟! .. إذاً فلنضع ذلك شرطاً لدخولنا العولمة، وهو قبول تصديرنا للقات و الأيدي غير المدربة، عندها فقط سنرى كيف تكون ردة فعل من يجرجرونا إلى العولمة مستغلين جهل مسئولينا و حبهم للظهور و للأجانب.

أمة قد فت في ساعدها

بغضها الأهل و حب الغرباء

هنا لانجد سوى استنتاج واحد، هو أن اليمن معروضة أو معرضة للبيع أرضاً وشعباً.. إلا أن يوجد تفسير غير هذا لدى مثقفينا الذين للأسف لم يعودوا صالحين أو عاملين لأي شئ حتى ولو للديكور لتحسين واقعنا.. وقد لا ألومهم في ذلك، فقد ضرب بعضهم بعضاً وثبط بعضهم بعضاً، وإلا لكان الأجدى بهم أن يكونوا هم رواد التصحيح

والإصلاح و النهوض بالأمة.

و عالم بعلمه لم يعملن

معذب من قبل عباد الوثن

أسأل الله أن يحفظ اليمن حتى لايأتي اليوم الذي يقول فيه اليمني المغترب لمن أراد أن يسافر إلى اليمن “إذا قابلت يمنياً في اليمن فبلغه السلام”

و الله من وراء القصد،،،

2007/11/20م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى