شبوة كأخواتها .. خيرها لغيرها !

> الشيخ / علي محمد ثابت:

> إن العنوان الأبرز للمظالم في محافظات الجنوب يبدأ بافتقادها الشراكة الحقيقية في الوحدة .. وتحولها بحرب 1994م إلى طرف مهزوم فقد وجوده الفاعل في السلطة مركزيا ومحليا .. وصارت المعادلة المأزومة غير المتوازنة تجسد سلطة وهيمنة ومصالح الطرف المنتصر على كل المستويات .

إن الكيفية التي تدار بها موارد وثروات البلاد ابتداء بمساحات الأراضي للمخططات العمرانية والاستثمارية في عدن وحضرموت ولحج، والأراضي الزراعية والبنية الاقتصادية للقطاع العام في الجنوب بمختلف مؤسساتها، والأراضي الزراعية، حتى الإيرادات العامة كالضرائب والجمارك وكل مصادر الإيراد والثروة والكيفية التي يتم بها التحصيل والتوزيع.. ومن المستفيد ومن الخاسر في هذا الجانب المتصل بالحياة المعيشية لأبناء محافظات الجنوب.. نجد للأسف أن عقلية المنتصر والمتنفذ والفاسد هي التي استحوذت على المصالح العامة والاستحقاقات، حتى الحقوق الخاصة.. لمصلحة الطرف المتسلط الذي يحقق ثروات بالمليارات بكل الوسائل التي تتيحها سلطته على القطاعات الاقتصادية بما فيها من مصالح وعقود وفرص عمل ووظائف وتأهيل واستثمار .

وفي مقابل ذلك يتراكم الغضب، والمعاناة والفقر، واحتقانات تتحول إلى حراك سياسي.. مدني للمطالبة بالحقوق ابتداء بالمواطنة المتساوية.. في العلاقة مع هذه المحافظات التي أنهكتها مركزية السلطة ومركزية المصالح .. وحرمتها من مصالحها وحقوقها وفرصها في الوظائف والأعمال وتولي شؤونها المحلية.. في ظل مواطنة بعيدة عن التهم الانفصالية .. والتخوين .

وقياسا على هذه العلاقة .. تعاني محافظة شبوة وغيرها من المحافظات المنتجة للنفط والغاز من نظرة تسلطية متجهة إلى الأرض وثرواتها.. ولا ترى الإنسان ابن هذه الأرض .. الذي ارتبطت حياته بمراعيها .. وبيئتها الطبيعية التي يتم اقتحامها وتلويثها بالنفايات والحرائق وفرضت عليه حالة أمنية بالأطقم المسلحة وصارت حياته مقيدة.. ومتضرراً من أوجه عدة من مصالحه .. إما بمد الأنابيب أو بالإبعاد من مصادر رزقه كالصيادين في بلحاف وأصحاب الأراضي وغيرهم في كل الحقول المستثمرة وموانئ التصدير.

ولو نتوقف عند الكيفية التي تتم من خلالها عملية الاستغلال للثروات هذه نجدها تتكون من مرحلتين.. الأولى المسح والتنقيب وإقامة المنشآت عند الاكتشافات.. والمرحلة الثانية التشغيل للمنشآت لاستغلال الثروات.. وهي فترة قد تمتد لعدة عقود وكلا هاتين العمليتين مهما تكن لاستغلال مورد سيادي من الناحية الدستورية في اليمن والدول العربية.. وهذا ليس موضوع نقاش.. حتى ولو كانت دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية تعطي الحق لمالك الأرض في استغلال كل ثرواتها أكانت سطحية أو في الأعماق، فنحن نريد الثروة أن تكون لكل أبناء الوطن .. دون استثناء وتكون هناك شفافية ونزاهة في توزيعها وإنفاقها في مجالات التنمية الأساسية للبلاد ليعود نفعها لجميع أبناء اليمن .

إلا أن ما يؤلم أبناء محافظة شبوة الذين لا يجدون فرصة العمل إلا بالاغتراب أو مواجهة البطالة والفقر ومنهم مئات من الخريجين من كلية النفط وغيرهم والمقاولون والفنيون وأصحاب المعدات والسيارات لا يجدون سبيلاً للحصول على الأولوية المزعومة والنسب الكاذبة.. التي تعلن أنها أعطيت لهم.

حتى المجلس المحلي للمحافظة كهيئة سلطة منتخبة يطالب دون جدوى بالحصول على إحصائيات صحيحة عن نسبة العمالة من أبناء المحافظة التي لا تزيد عن %10 فقط وفشل في جهوده كمجلس في بحث علاقة المحافظة وحصة أبنائها في الاستثمارات النفطية والغازية في المحافظة ..التي يمكنها أن تستوعب كل البطالة في المحافظة وتحقق فرصاً وتحقق مصلحة وارتباطاً لأبناء المحافظة بهذين القطاعين سواء أثناء الإنشاء أم في مرحلة التشغيل.. حيث إن حجم الاستثمارات المعلنة رسمياً في قطاعي الغاز والنفط في شبوة يتعدى خمسة مليارات دولار والعمالة تزيد على ثلاثة عشر ألف عامل ومهندس وفني وكادر إداري خلاف الخبراء الأجانب .

وللدخول في الصيغة التي تتم بها عملية الاستثمارات النفطية للشركات فهي من شأن المركز إبرامعقود الدولة مع الشركات .. أما ما يتصل بعقود الشركات مع المقاولين والمهندسين والعمالة وسائر الطلبات والخدمات اللوجستية فالسلطات المختصة في المحافظات المنتجة لديها جهازها المختص في كل الجوانب وهي صاحبة الاختصاص قانونياً في الإشراف على تلك المهام في عمل القطاعات الاقتصادية في المحافظة.. كما أنه حق طبيعي يحقق الأولوية في فرص العمل والخدمات والتأهيل ويحقق ارتباط مصالح.. مقابل أضرار وكونهم أبناء الأرض المنتجة للنفط والغاز .

إلا أن مركزة السلطة والمصالح والهيمنة جعلت العملية تفرض على الشركات فتح مكاتبها في المركز لتسهيل الاستحواذ على سائر المهام.. حتى توريد المياه والبوتاجاز.. تتم بعقود بمئات ملايين الدولارات وتمر بسلسلة من الصفقات بالباطن.. حتى الأرض التي تقام عليها معسكرات الشركات يتم الاستحواذ عليها بعقود من خلال نافذين يدعون ملكيتهم لأراض في صحاري وسواحل شبوة لا يملكونها ولا يعرفونها .

هذا الواقع المر لاستغلال الثروات الطبيعية في شبوة يتم بنزول الشركات إلى الحقول محمية بقوات حماية.. ووعي يستخف بمطالب أبناء القبائل أصحاب الأرض للحصول على فرصة عمل عضلي أو تشغيل آلية وبشروط مذلة لطردهم لأتفه الأسباب.. هو ما أدى إلى عدة تناحرات بين أمن الشركات وعدة قبائل في عدة مواقع.. آخرها المجزرة التي حدثت بين قبيلة بلحارث والجيش في صحراء عسيلان .. بذلك تكون شبوة كأخواتها خيرها لغيرها وهي تعاني الحاجة الماسة إلى شبكة طرق داخلية.. ومحطة كهرباء عتق مستأجرة من شركة بريطانية.. وتفتقر إلى مياه الشرب النقية وعاصمتها عتق بدون شبكة مجاري وكلية التربية فيها في مستودعات مبنية من الطين منذ عقود . والله من وراء القصد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى