العوامل الداخلية المساعدة على زيادة الأسعار في البلاد

> محمد عبدالله باشراحيل:

> لقد أشرنا في مقالنا السابق إلى العوامل الخارجية المسببة في ارتفاع الأسعار في البلاد والتي كان أبرزها ارتفاع أسعار النفط والقمح على المستوى العالمي وانخفاض نسبة الفائدة على الدولار الأمريكي، أما العوامل الداخلية التي تساعد أيضاً على زيادة الأسعار فيمكن تلخيصها في الآتي:

-1 عدم اتخاد الدولة أي إجراءات عملية وعدم قيامها بمتابعة تأثيرات ارتفاع أسعار النفط على أسعار السلع بوجه عام والغذائية منها بوجه خاص بالرغم من أننا قد نبهنا لهذه المشكلة قبل أكثر من عامين، والنتيجة أن عدم اكتراث السلطة بقضايا الناس أوصل البلاد إلى مزيد من الغلاء والمعاناة، في حين نرى أن بعض دول المنطقة قد عالجت هذه المشكلة برفع المرتبات والمعاشات في بلدانهم بنسب متفاوتة وصلت إلى %70 في الإمارات العربية المتحدة.

-2 عدم اهتمام الدولة بوضع احتياطي استراتيجي لأهم المواد الغذائية يهدف إلى مواجهة أي أزمة غذاء في العالم أو للحد من ارتفاع أسعار أساسية ما لأسباب طبيعية كالجفاف مثلاً، وفي هذا الصدد فقد قامت الهند بإيقاف تصدير الرز الذي يقل سعره عن سعر القمح كإجراء وقائي من أزمة محتملة، حيث يتوقع الخبراء في الغذاء أن ينخفض الإنتاج العالمي للقمح هذا الموسم بحوالى %30 وقد يتسبب في أزمة غذاء عالمية عام 2008م. تلك إجراءات اتخذتها الهند لحماية مواطنيها. فماذا اتخذت سلطتنا من إجراءات لمواجهة مثل هذه الأزمة المتوقعة؟

-3 وجود مجموعة محتكرة لبعض السلع المهمة وتحظى بحماية متنفذين في السلطة ويحملون لقب ملوك فهناك ملك القمح وملك السكر وملح الدواجن والبيض وملك وملك..الخ.

ولكل ملك حاميته الخاصة من المفسدين ذوي النفوذ ولهم حضور في معظم المنافذ الجمركية، وإلا بماذا نفسر أن أسعار السلع الغذائية المستوردة في دول الجوار أقل بكثير من أسعارها في اليمن؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر فسعر كيلو البرتقال أبو سرة في جدة لا يزيد عن ثلاثة ريالات سعودية (159 ريالا يمنيا) بينما سعره في عدن لا يقل عن 350 ريالاً يمنيا، أي أن السعر في اليمن أكثر من الضعف بالمقارنة مع مراعاة أن الجودة أقل من دول الجوار.

-4 عدم مصداقية الدولة في تنفيذ برامجها الإنمائية التي إذا ما تم الالتزام بها وتنفيذها سوف يزداد الإنتاج في مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وبزيادته سوف يقل الاعتماد على الواردات ويقل معها تأثيرات العوامل الخارجية على الأسعار.

-5 قصور كبير في آليات تنفيذ قانون الأجور لعام 2005م وقانون التأمينات والمعاشات لعام 1992م وعلى سبيل المثال المادة التي ربطت زيادة معاشات المتقاعدين في ضوء زيادة الأسعار بصدور قرار جمهوري بناء على تقرير من وزير الخدمة المدنية، ومنذ صدور القانون الأخير قبل أكثر من 15سنة وإلى يومنا هذا فقد زادت الأسعار أكثر من %1100 (11مرة) ولم يصدر قرار في هذا الشأن. وسؤالنا متى سيحس المسؤولون بلهيب الأسعار الذي يعاني منه الناس؟ وفي الحقيقة من رجله في الماء ليس كمن رجله في النار ولا تحرق النار إلا رجل واطيها.

ومما تجدر الإشارة إليه أن الأيام القادمة تحمل معها جملة من المخاطر المحتملة التي قد تزيد من إشعال الأسعار ومنها:

(أ) قيام أمريكا بعدوان على إيران قد يرفع سعر برميل النفط إلى حوالى 200 دولار.

(ب) تفاقم مشكلة الغذاء بسبب النقص في إنتاج القمح.

(جـ) مزيد من الاعتصامات في المحافظات الجنوبية الداعمة لقضية الجنوب والتي قد تتسع وتمتد إلى بقية المحافظات.

إن تداعيات تلك الأمور سيكون لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة وخطيرة، إذا لم تعر السلطة لها أي اهتمام وتتخذ بشأنها خطوات جادة لإيجاد حلول لها.

وختاماً فإن ارتفاع أسعار النفط كان مصيبة على شعبنا وكان فيه فائدة كبرى لحكامنا وصحيح ما يقال: إن مصائب قوم عند قوم فوائد.. ونسأل الله اللطف.

كبير خبراء سابق بالأسكوا الأمم المتحدة

mabashyahil.hotmail.com

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى