طــريــق الاسـتقلال

> علي سالم اليزيدي:

> في 28 نوفمبر 1967م وقف همفري تريفليان آخر مندوب سامي بريطاني في عدن على سلم الطائرة التي ستقله إلى إنجلترا، بينما أخذت أوركسترا حاملة الطائرات (أيجل) تعزف لحن - الأمور تسير ليس كما في السابق - وهو لحن غير تقليدي ولكنه ملائم تماماً بالنسبة لهذه اللحظة .

في الساعة 15 بالتوقيت المحلي من يوم 29 نوفمبر دخل المقدم داي مورغان الذي شاء حظه أن يكون آخر عسكري بريطاني في عدن على متن آخر طائرة بريطانية في خور مكسر عدن ومنذ هذه اللحظة وحتى منتصف الليل كان الوجود البريطاني في عدن يتمثل فقط بالسفينة الحربية (البيون) المرابطة في المياه الإقليمية، وبعد منتصف الليل ارتفع فوق جمهورية اليمن الجنوبي الحديثة العهد علم الاستقلال الأحمر والأبيض والأسود.

وفي هذا اليوم نفسه عاد وفد الجبهة القومية إلى عدن على طائرة أقلتهم خصيصاً لذلك منع عليها لاعتبارات أمنية أن تهبط في أي مطار من مطارات الشرق الأوسط ماعدا بيروت وأسمرا وكان رئيس الوفد المفاوض للاستقلال المناضل الراحل قحطان الشعبي قد أعرب عن سروره كرئيس وفد الجبهة المعنية بالاستقلال مؤكدا نيل هذا الإنجاز الوطني للجنوب العربي الذي ظل يرزخ تحت الاحتلال البريطاني لمدة 129 عاما وهاهو اليوم الأغر يأتي، اليوم الذي عبدت الطريق إليه بقوافل الشهداء من أبناء الشعب بكل فئاته وهيئاته الشعبية من عدن إلى المهرة.

وكتبت يومئذ الصحافة العربية عن الاستقلال العربي الجديد وحملت العناوين المعبرة عن فرحة الاستقلال وأخيراً خرج الإنجليز من عدن القاعدة الضخمة على البحر الأحمر والمحيط الهندي، قحطان يرأس دولة الجنوب اليمني. وكتبت صحيفة «الأهرام» عدد 1 ديسمبر 67م تقول : لم ينم الشعب العربي في الجنوب، المواطنون يجوبون شوارع عدن الحرة، وتحت عنوان (وأشرقت شمس الحرية على عدن)، كتب كل من أحمد نافع وفهمي هويدي ومحمد عيسى في العدد نفسه: نزل العلم البريطاني أمس من سارية عدن، ارتفع علم الاستقلال مسجلاً غروب شمس الاحتلال .

هذه لمحة من موقفنا العربي أيام الصعود للاستقلال، يوم كان الوعي العربي آنذاك ناضجاً ومكتملاً، كان هذا قبل أربعين عاماً، ونجحت أهداف الاستقلال ثورة مصر والجلاء في ليبيا وتونس والعراق والمغرب وعدن والخليج، فما الذي نراه اليوم، ألم تتعثر مشروعات التكامل وأصبحنا نتمرغ كالفريسة في شراك التبعية لأعداء العرب وسيطرة الغرب؟! كل هذا في ظل انحسار شامل لفكرة الاستقلال الاقتصادي والسياسي والعسكري في ظل تنازع قوى وأحلاف ضد بعضنا البعض وخيوط تحركنا من بعيد، وهذا ما يحدث الآن !

كل التيارات العربية الوطنية بشتى ألوانها عادت إلى نقطة البدء ! وهاهي تصرخ في بغداد وبيروت ودمشق وفلسطين وعدن ومراكش والمنامة وبصوت واحد، نريد الاستقلال، قبل أربعين سنة كنا نعرف الطريق لما نريد، أما الآن فمن يدعي معرفة الطريق ؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى