قـــــرار حــكـيــم وشـجـاع

> د. هشام محسن السقاف:

> كانت صحيفة «14أكتوبر» قد نشرت في بداية الأسبوع الماضي، ضمن ابتهاج الصحيفة بالذكرى الأربعين للاستقلال الوطني صوراً لعدد من المناضلين في الصفحة الأخيرة، ممن كان لهم إسهامهم في صنع الاستقلال للشطر الجنوبي من الوطن في العام 1967م، وقد تناست الصحيفة - إذا اعتمدنا حسن النية تجاهها- رهطاً آخر من صناع الحدث أذكر منهم علي ناصر محمد، علي سالم البيض، حيدر أبوبكر العطاس.. إلخ وقد رأيت علامات التذمر بادية على رجلين أوقفاني في الشارع مبديين الاستغراب أن تتعمد الصحيفة حذف صورة مناضل كبير بحجم الوالد عبدالله مطلق، وهو أحد قادة النضال الوطني النقابي والمسلح على السواء، وليس له إشكالات معينة- إذا افترضنا وجود مثل تلك الإشكالات مع آخرين لم تأت الصحيفة على نشر صورهم- ويتبوأ منصباً رسمياً ليس كبيراً بحجم المناضل عبدالله مطلق في محافظة لحج ولكنه على الأقل المتيسر الذي وصل إليه. والعمل بحد ذاته يندرج في خانة الإعلام الرسمي الذي لم يتحرك كثيراً في موروثات الشمولية الإعلامية، التي تقدم نفسها دائماً في خانة (ملكي أكثر من الملك) وتستهلك جهد ومال الدولة ثم لا تقدم خدمة إعلامية راقية المستوى، تجعل الخطاب الرسمي مهوى أفئدة المتلقين وتجعل من العاملين فيه موظفين بدرجة بلداء، بينما هم من أكفأ الكوادر وأقدرها.

لكن الأمر قد تعدل على صعيد الزميلة «14أكتوبر» صبيحة 29 نوفمبر2007م بقوة المبادرة الرئاسية التي أطلقها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح في المهرجان الكرنفالي الاحتفائي بعيد الاستقلال الوطني والتي تضمنت القرار القاضي بعودة كل العناصر الوطنية إلى رحاب الوطن كمواطنين أو للعمل السياسي في الداخل، حيث نشرت الصحيفة صوراً للمحتفى بهم من المناضلين لم تستثن هذه المرة الإخوة على سالم البيض، وعلي ناصر محمد، وحيدر العطاس، وياسين سعيد نعمان، وهو أمر ليس جديداً على فخامة الأخ الرئيس ونظرته للمستقبل في تعامله مع الأحداث مهما كانت درجة التقاطع السياسي فيها، فالوطن اليمني لن تشيده سياسة الإقصاء بقدر ما تشيده خيارات العمل الوطني المشترك، والتوازن السياسي بين مختلف أطراف الطيف السياسي. وعلي سالم البيض اختفى من الظهور إعلامياً في لحظة تاريخية كان هو والرئيس علي عبدالله صالح صانعيها في تلك الفترة، بتجيير الحاضر السياسي على الماضي التاريخي.

والثابت أن الرئيس قادر على اتخاذ القرارات المهمة والمبادرات الوطنية الشجاعة متخطياً الأجهزة التي اعتادت رسم سياساتها بعيداً عن المبادرة والإبداع وتقديم الرؤية العصرية التي - بلا شك- تفيد صانع القرار السياسي في اتخاذ قرارته في حينها ووقتها، ومن ثم تشكل سبقاً سياسياً ووطنياً، بدلاً من إطالة أمد انتظار مثل هذه المبادرات الشجاعة والمهمة.

والقول نفسه يقال على الأخ الرئيس السابق علي ناصر محمد، على صعيد العمل الوحدوي الذي تخطى سدوداً كثيرة وحواجز مصطنعة في عهده، ناهيك عن التجربة الإدارية والنضالية التي لا ينكرها أحد. وكم كنت أتمنى أن تلتقط القوى السياسية المختلفة مبادرة فخامة الأخ الرئيس بما فيها إطلاق سراح المعتقلين على ذمة الأحداث الأخيرة في المحافظات الجنوبية والتفاعل معها، وبلورتها على صعيد إنعاش حوار سياسي هادئ ومثمر في قضايا الوطن المختلفة، بما في ذلك الدعوة إلى مؤتمر وطني (أو ملتقى) شامل لكافة القوة الوطنية في التنظيمات والأحزاب ومن خارجهما، بالإضافة إلى قوى المجتمع المدني المختلفة، يضع الرؤية الاستراتيجية للخروج من نفق الأزمات بالاعتماد على الصيغ العصرية الناجحة،سواءً أكانت برنامج فخامة الأخ الرئيس أم برامج ومبادرات الأحزاب والقوى الأخرى.

بما في ذلك الشروع في إدارة الوطن عن طريق المحليات كاملة الصلاحية، وفك الارتباط الهرم مع المركز بآلياته التعقيدية الروتينية التي تساهم في بؤس المواطنين وتشجيع دوائر الفساد على الاتساع والنمو، مستفيدين من تجارب الشعوب التي انتقلت إلى أطوار أخرى من الحياة تاركة وراءها الاحتقان والمواجهة والترصد، فانتعشت أوضاع المواطنين وتحسنت أحوالهم المعيشية.

2007/11/29م

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى