عدن لأهلها .. وليست للجميع

> د. عبيد البري:

> كان في طريقي يلوح لي بالاتجاه الذي ينشده... قررت أخذه معي لعلي أكسب ثواباً بتوصيل ذلك الشاب، فلن أخسر شيئاً.. فتح الباب، وصعد السيارة، وقال:«الله يحفظك»، قلت له:«تفضل» ، وفي الطريق دار بيننا حديث تلقائي فهمت منه أنه من ضواحي صنعاء، ويدرس في عدن، ولم أشأ التعرف على أي تفاصيل، لكن خطر لي سؤال وتعليق!، قلت له:«ما الذي جاء بك للدراسة في عدن، في حين عدن وجامعتها ومعاهدها لم تعد قادرة على استيعاب أبنائها؟!». فأجاب بطريقة استفزازية:«عدن للجميع، ويجب أن تستوعب الجميع» ،فقلت له:«من قال ذلك؟!»، قال:«ألم تسمع الرئيس عندما قال:عدن لكل اليمنيين، واليمن قرية واحدة»؟!.. قلت:«نعم سمعت ذلك، ولكن ذلك هو مفهوم العصر ، والعولمة نتيجة التطور التكنولوجي و...، وليس كما قد يفهم البعض !». سكت ،ولكن بالرغم من إثارته لأعصابي، لم أقل أكثر من هذا لذلك الشاب الصغير الذي أردت أن عمل معه معروفاً ، بينما هو أراد استفزازي، وكان قد وصل إلى المكان الذي أراد.. وقبل نزوله من السيارة قال:«تبدو زعلان»، قلت:«أنت ضيف، وأتمنى أن تكون صالحاً ،ولا تفهم الأمور خطأ».

حيرني ذلك الشاب في جرأته في الكلام، وكذلك في تصديقه لأسباب إقامته في عدن!.. ولكن السؤال المهم؛ كيف يفهم الطامعون بعدن قول الرئيس؟!.. لأنه يوجد من يكيف مفهوم (عدن لكل اليمنيين) كما يريد.. فقياساً على هذا المفهوم، ترى هل يسمح سكان (هونج كونج) اعتبار بلدهم لكل الصينيين؟!.. أو أن يعتبر الهنود (بومبي) لكل الهنود؟!.. أو (هل يحق للروس خارج الشيشان استباحة ثروات وعقارات وأراضي وسلطات الشيشان ؟!).

لقد قال الرئيس:«إن عدن لكل اليمنيين مثل العاصمة صنعاء لكل اليمنيين».. وهنا نستنتج التأكيد على الحفاظ على الخصوصيات.

فبهذا المفهوم الصحيح لا يمكن لسكان صعدة ، أو حجة -مثلاً- الحصول على أراض زراعية وسكنية من أراضي صنعاء مجاناً مثلما يحصل في عدن وأخواتها؟! ولا يسمح لهم استثمار ثروات صنعاء -إن وجدت- ولا تستطيع السلطة تعويض أحد الأطراف المتنازعة في أي محافظة من المحافظات من أراضي صنعاء كما تتصرف في أراضي عدن.. بل حتى لا تستطيع السلطة أن تتصرف بأراضي صنعاء للمؤسسات الحكومية، والمتنزهات العامة، أو المتنفذين كما هو حاصل في عدن.

وقد قال الرئيس أيضاًً:«إن عدن ليست لأي منطقة معينة» ،وهذا صحيح ،ومفهوم، لأن عدن ليست مشروعاً استثمارياً لأفراد أو جماعات، وليست جزيرة مكتسبة على الحدود الدولية لليمن؛ بل هي (سكان) لهم تاريخ عريق و(أرض بكر) على مدى التاريخ أيضاً، أبت أن يستبيحها الغزاة المستعمرون مهما كانت قوتهم وزاد جبروتهم، ومهما طال وجودهم. وبذلك فإن عدن جديرة بالحفاظ على ملكيتها لنفسها، وكل ما يرتبط باسمها مثلها في ذلك مثل صنعاء -كما قال الرئيس- ماضياً، وحاضراً.

أما إذا سلب من عدن حقها، فماذا يمكن أن يقول اليوم سكان عدن الذين صبروا وصابروا بانتظار أن يأتي اليوم الذي يستفيدون فيه من خيرات عدن التي حرموا منها طوال العهود السابقة، وما زالوا كذلك؟! وماذا يقول من دافع عن عدن في فترات الغزوات الأجنبية لها، وقدموا الآلاف من الشهداء على ترابها من قبائل الفضلي والعقربي واليافعي والعولقي والعوذلي والحوشبي والأميري والعلوي والصبيحي والحضرمي والعبدلي، وغيرهم من أهالي ماكان يسمى سابقاً (جنوب اليمن المحتل)؟!

لذلك فإن عدن تبقى كغيرها من المحافظات الأخرى، مرتبطة بموانئها البحرية والجوية، وأرضها، وبحرها واستثماراتها.. وتبقى بذلك كما كانت بأهلها شامخة، قادرة على إدارة نفسها بنفسها.. وتبقى عدن -أيضاً- قبلة للاستثمارات المحلية، والعربية، والعالمية كمنطقة حرة قادمة كما حلمنا بها، يستفيد منها كل اليمنيين، ولابد أن تبقى كما وجدت لأهلها وليس للجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى