كــركــر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> لو أننا التفتنا إلى ما نقوله للناس.. وما يقوله الناس لنا.. لعرفنا بوضوح أننا أصبحنا غرباء.. نتحدث فلا أحد يفهم الآخر أو أصبحنا لا نتكلم وإذا تكلمنا فإننا لا نقول شيئاً.. أو أن عباراتنا غير واضحة أو أنها واضحة بصورة مشوهة.. والابتسامة التي نراها على وجه أي أحد منا.. ليست إلا شماتة بالزمن الذي جعل حياتنا تعبانة حائرة وضالة بلا هدف واضح.. مثل صاروخ أسكود الذي يسقط في أي مكان. لكن أحداً لا يدري به .. ثم يكون شعورنا هو خيبة الأمل.. فبدلاً من أن نشعر بالحماس.. نشعر بالضيق بعد أن أوهمونا بأننا سنرى شيئاً عظيماً.. ولكننا لا رأينا شيئاً عظيماً.. ولا شيئاً تافهاً.

> ولذلك انظر إلى الناس في أي مكان.. في البيت.. في الشارع.. في العمل.. نجد أنهم يتكلمون في أي شيء.. وكل شيء.. وفي كثير من الأحيان يخيل إليك أنك تتكلم مع نفسك.. أو أنك فعلاً تتحدث إلى نفسك ..فأنت لست وحدك الذي يتكلم مع الآخرين..أو مع نفسه ..فالناس جميعاً يتكلمون في كل وقت ..فليس عندهم أوقات خاصة للكلام.. وهذا هو الفرق بين الإنسان والحيوان.. فالإنسان لكي يكون واضحاً ومفهوماً لابد أن يتكلم .. وأن يقول أي شيء.. في أي مكان.

> ومن المؤكد أن الناس يتكلمون.. ولكن كلام بعضهم غير واضح ولا مفهوم.. أي أن الناس عاجزون عن فهم كلام بعضهم البعض أحياناً.. وأصعب شيء عند الإنسان هو التفاهم مع الناس.. ولذلك تجده يحاول أن يكون واضحاً ومفهوماً للناس.. ولكن مصيبة بعض الناس أنهم يسمعون الكلام الذي يعجبهم.. ولا يسمعون الكلام الذي لا يعجبهم.. وهذه مشكلة معقدة جداً.. ولكن ما الذي نريد أن نقوله أو نفعله.. ونحن نشعر بأنه لم يعد عندنا وقت للتفكير والكلام.. وأن كل شيء قد تلاشى.. ضاع منا .. وأننا أصبحنا في حالة عجز عن الاتصال بالآخرين.. أو أن الآخرين حاولوا ثم فشلوا في الاتصال بنا.. فلا أحد يقترب من أحد.. ولا أحد يكلم أحداً ..وهذه حالة غريبة عند الناس.

> المهم الناس يتكلمون كثيراً هذه الأيام.. والسلطة تتكلم أكثر.. فالكلام كثير والعمل قليل.. حتى أصبحنا لا نصدق أي كلام يقوله المسؤولون.. وإذا صدقناهم لا نرى شيئاً مما يقولونه.. ثم نكون في حيرة.. ويولد شيء غريب وغامض في نفوسنا.. وينمو شعور عجيب فينا بأن شيئاً ينتظره الناس بلهفة شديدة.. وأن هذا الانتظار يعذبنا.. لأننا كلما اقترب الواقع منا.. ابتعدنا عنه بالهروب منه إلى لا شيء.

> ثم هل درسنا وحللنا وفهمنا ماذا أصابنا.. أم أننا أصحبنا مثل الأطرش في الزفة.. لا نعرف شيئاً عن الذي جرى لنا في الماضي والحاضر. ماذا حدث؟.. وكيف حدث؟.. وكيف قاومناه؟.. هل بالسكوت وحده أم بالصبر والعناء والتعب واحتمال الأذى ورؤية جانيه صباحاً ومساء؟.. ثم إذا كانت اليابان صبرت على مأساة (هيروشيما).. وأمريكا تحملت نتائج الحرب مع فيتنام.. وخرجت مصر من هزيمة يونيو إلى الانتصار العظيم على إسرائيل في أكتوبر 1973م.. إلا أننا لم نستطع الخروج من حرب صيف 1994م.

> (إذا لم تستطع أن تقول للحاكم ..لا.. فاقفل فمك.. ولا تقل له ما أعدلك)!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى