في بلد الإسلام.. المسلمون الذين يطالبون بحقوقهم الشرعية كفار

> قاسم عفيف المحامي:

> قبل الحديث في موضوع العنوان أعلاه، دعونا نتحدث عن ماهيته الأساسية والجوهرية، فالأزمة العامة عند غالبية الدول العربية، والإسلامية أيضاً، إنما هي أزمة حادة، تكمن في الأساس في عدم قدرة تلك الدول على التحول لتصبح دول القانون والنظام، ومكمن السبب عندها ليس في ماهية وقدرات وإمكانيات القائمين على شؤون الحكم فيها، وإنما في فلسفة الحكم لدى كل منها، وفي الثوابت الداخلية غير المعلنة الخاصة لكل منها، وهي كذلك في الإدمان الثقافي عند الكثير من الحكام بالاضطلاع والتمثل بما جاء في «كتاaب الأمير» ذي الشهرة الواسعة، لما يحويه من نصائح للحكام في كيفية إدارة شؤون الحكم وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة!!

وتكون الأزمة المرادفة لهذه الأزمة، هي أزمة الشعوب التي في إطار تلك الدول، وأزمتهم هنا تكمن في التمادي في قبول التمادي الواقع عليها من دولها وحكامها، من خلال الرضا والسكوت واللامبالاه وحتى في المشاركة بالتمادي نفسه، وهذا في حقيقة الأمر لا يمثل وعياً ولا عجزاً منها، وإنما هو نتيجة سلبية بسبب التأثير السلبي لسريان أثر التمادي المستمر عليهم، عبر ، أو بواسطة أو بقوة وسطوة آلية الجهل المؤسسي المركب للمؤسستين السياسية والدينية معاً.

من هنا يكون التباكي على حال الأمة أو استخدام شماعة العدو الخارجي إنما هو هدر لا معنى ولا مبرر له، فالفعل والجريمة إنما هما من صنع أيدينا دولاً وشعوباً عربية وإسلامية. أفلا ننظر إلى (كوبا) هذا البلد الفقير والمحاصر من أعدائه، هي اليوم من أفضل دول العالم في المجالين التعليمي والصحي وتنفق %1,6 من موازنتها على البحث العلمي. أما إذا تحدثنا عن إسرائيل التي عمرها عمر جيل وليس أربعة عشر قرناً فإن المقارنات مذهلة، فماذا يعني على سبيل المثال %2.5 مع أربعة عشر من الألف وهذه النسبة الأخيرة هي نسبة البحث العلمي عند مجموعة الدول العربية خصوصاً؟!

ومع ذلك ورغم ذلك فإن الدعوات الداخلية الرامية إلى إسقاط الأنظمة والدول عبر مزعوم الديمقراطية، إنما هي دعوات حق نتائجها ضارة ومحذور منها، فالشعوب -مثلما أسلفنا القول- صارت من العجز بحيث لا تستطيع تحديد واختيار الأداة المناسبة القادرة على النهوض بها أو على الأقل إخراجها إلى الزمن!!

على أن الأمر الممكن في هذا الزمان الرديء هو في تآزر قوى الحداثة للدول عن طريق مؤسسات المجتمع المدني بهدف الضغط المستمر لإحداث الإصلاحات المنشودة أو التغييرات المطلوبة.

ومن هنا وبالعودة إلى عنوان المقال فإن ثمة آمالاً هنا وهناك تبشر بالخير إذا ما استمرت أو صمدت، فهناك في وطننا اليمني على سبيل المثال وبالذات في المحافظات الجنوبية والشرقية ثمة حراك شعبي وسياسي واعتصامات سلمية عنوانها لا للتمادي لا للسكوت، نعم للمطالبة بالحقوق المشروعة المسلوبة، نعم لدولة القانون والنظام، ثم كانت إدانتهم العلنية في خطبة العيد السيئة الشهرة التي كفّر فيها الخطيب شعباً مسلماً بكامله بمن فيه القائمون على شؤون العقيدة الإسلامية، بوصفه للجميع «كفار قريش» وليس هناك من سبب علني سوى أن المسلمين خرجوا إلى الشوارع بصورة سلمية يطالبون بحقوقهم الشرعية والقانونية والدستورية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى