وحدويو ما بعد الفيد

> محمد عبدالله الموس:

> للأمانة الأدبية فإن عنوان هذا الموضوع هو محاكاة لمقولة (وحدويو ما بعد الوحدة) لكاتب لا أتذكره في محاكاة ذكية مع (مسلمي مابعد الإسلام) خلال تعليق له على مقال لأحد الوزراء الكثر الذين دخلوا وخرجوا من الوزارة دون أن يحدثوا تحولاً إيجابياً يذكره الناس منسوباً لأي منهم، على أن ذلك لا ينتقص من حقوق وزراء كان لأدائهم الأثر الطيب، ولا يعفي وزراء كانت أوزارهم كارثية على الناس ليس أقلها استراتيجيات سلب الحقوق المكتسبة والتفريط بالقطاع العام في الجنوب وآلاف المبعدين من أعمالهم تسريحاً وإقعاداً مبكراً وخليك بالبيت لدرجة أصبح معها معظم الجنوبيين على المعاش بسعر الجملة بواقع 20 ألف ريال شهرياً للرأس، كما قال أحدهم تعليقاً على طوابير المتقاعدين ومن في حكمهم أمام مكاتب البريد التي هجرت هي الأخرى وظيفتها الأساسية لتتحول إلى صناديق صرف فتات الإعاشة.

لم تنس ذاكرة المجتمع مخاض دولة الوحدة وشدة اندفاع أبناء المحافظات الجنوبية نحوها وفتاوي الدين والسياسة التي انهالت في المحافظات الشمالية ترهيباً وتخويفاً من أولئك القادمين من الجنوب المنفتح إلى الشمال المنغلق، ولم ينس الناس الحملات التي يواجهها أنصار دستور الوحدة في الشمال في مواجهة قوى الرفض هناك التي لم يكن لها وجود في الجنوب، بل إن أبناء الجنوب في المحافظات الشمالية كانوا في مقدمة المدافعين عن دستور دولة الوحدة بوصفه أساس هذ الكيان الوليد.

هناك حقيقة يجب عدم القفز عليها وهي أن التحول الذي شاب بعض المواقف المعادية للوحدة كان يرجع إلى مكاسب وغنائم وفيد ما بعد (7/7) المحفور في الذاكرة الجمعية لأبناء الجنوب بوصفه يوم الاستباحة التي كانت أرتال السيارات تخرج فيه محملة بالفيد المنقول من محافظات الجنوب وأبناء هذه المحافظات، حتى من كان منهم مع الطرف المنتصر يتأملون في حالة ذهول ناهيك عن الاستئثار بالأراضي والعقارات (عامة وخاصة) والعبث والتمييز الذي تعرضت له الحياة والناس في هذه المحافظات، حتى أن مصطلحي (وحدوي، انفصالي) الذي صار يفهمه البعض (شمالي منتصر، جنوبي مهزوم) يرجع إلى المنتصر والمهزوم في الحرب وليس إلى الوحدة ذاتها ولم تؤثر في هذا الفهم المتغيرات التي حدثت في المواقف والنتائج.

يا هؤلاء هناك بون شاسع بين الانفصال ومفهوم القضية الجنوبية، فالقضية الجنوبية لا تحمل هذا المسمى إلا إذا كان المقصود معالجتها في إطار الدولة اليمنية الواحدة التي تحترم كل مكوناته (إنسان وأرض وثروة وثقافة)، أما القفز إلى تهم الانفصال التي تطال أولئك الذين كانوا في مقدمة الصفوف اندفاعاً نحو الوحدة وتأييداً لدستورها، فهو هروب من استحقاقات واجبة إما خوفاً على مغانم ومكاسب تهددها عملية التصحيح والإصلاح، أو تبريراً للانقضاض على ما تبقى في الجنوب وهذا لا يحل الأمر بقدر كونه صباً للزيت على النار يجعل المعالجات أكثر كلفة وألماً، ألا هل بلغنا؟.. اللهم فاشهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى