الدرجة: متسوّل عام!

> صالح حسين الفردي:

> فقدت مسميات كثيرة في التراتبية الوظيفية في المؤسسات الحكومية وهجها ولمعانها الذي كانته في ما مضى، وأصبحت محل تندر وسخرية بين شرائح المجتمع، ومن هذه المسميات درجة المدير العام، التي حظيت بتقدير وإجلال لما لها من مكانة في السلم الإداري، وما تمثله من قيمة أخلاقية ومهنية وعلمية وسلوكية، وبقيت تحافظ على هذه القيمة بين جموع الناس حتى وقت قريب، خاصة في حضرموت التي عرف عنها وفيها الكثير من القمم الإدارية الشامخة الناهضة، كأسطورة المالية في عهد السلطنة القعيطية العم سالم صفي والأستاذ المؤرخ عبدالرحمن عبدالكريم الملاحي مدير عام الثقافة- أطال الله في عمريهما- والراحلين حسين سالم باغويطة مدير عام المالية، وعاشور العبد سعيد مدير عام الأشغال، وغيرهم في مرافق الدولة الأخرى، فلن تجد مرفقاً حكومياً أو مؤسسة إلا ولهذه القمم الإدارية حضور في ذاكرتها، ومازالت الألسن تتهجى سيرتها العطرة في كل كآبة حالية تعصف بها.

ومن المؤسف اليوم أن تتقلد مثل هذه المكانة بعض الشخصيات التي جاءت بقرار حزبي أو رضى متنفذين، فظلت تمارس عملها تحت هذه الحماية، على الرغم من عجزها وفشلها الذي لا يحتاج إلى دليل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما تجاوزه إلى أسوأ من ذلك حين تصبح أبجديات الدرجة- على أيديهم- في تراجع مخيف، يسيء إلى الآخرين الذين يبذلون جهوداً كبيرة على الرغم من قلة الموارد وشحة الموازنات التشغيلية لمرافقهم الخدماتية والتعليمية والإعلامية، فنجد البعض قد اتجه لممارسة (التسول العام) في كل شارقة نهار، مهيناً هذه الدرجة التي كان يجب أن تربأ بحاملها أو يربأ بها عن الوقوع في هذا المستنقع الذي يجعل الآخرين- وإن سايروه في ما يطلب حرصاً منهم على بقاء هذه الخدمة التي تقدمها إدارته- ينظرون بخزي لما آلت إليه أحوال بعض هذه الوجوه التي استعذبت مثل هذا الطريق، مستغلة التعاطف الكبير من قبل بعض المستثمرين ورجال المال والأعمال في حضرموت لتقديم الدعم والمساعدة لتجاوز هذا القصور الذي يدعونه، معلقين تسولهم على شماعة عدم وجود مخصصات كافية للنهوض بعملهم اليومي، وقد بلغ الحال ببعضهم أن أصبح يصر للحصول على الفتات، بعد إراقة ماء وجه هذه المكانة السامية.

وكان بالإمكان تفهم مثل هذه الممارسات والأساليب التي يتبعها هؤلاء للحصول على موارد مالية إضافية تسهم في تنفيذهم خططاً طموحة تتجاوز المتاح الذي يقف عائقاً أمام تحركهم المهني والإداري، إلا أن ما لم يتم تبريره هو المنحى السلوكي المعيب الذي يدفع هؤلاء إلى التسول العام، بواجهة رسمية، ودرجة وظيفية، تصب قطراتها في جيوب معاطفهم الباذخة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى