أسطورتان في الملاكمة لا ثالث لهما

> «الأيام الرياضي» صالح عميران:

> «أن تكون ملماً بثقافة رياضتك المفضلة، فأنت ستظل حتى الشيخوخة رياضياً بالفطرة، لأن الشيخوخة هي المرحلة الأخيرة من العمر، ولن تصل إليك تخاريفها» هذه حكمة من الأسطورة البطل الخالد في لعبة الملاكمة الذي تربع على عرشها عشر سنوات دون أية هزيمة، جلها بالضربات القاضية، إنه الإنسان الملاكم (جو لويس) رحمه الله، فقد لعب منذ عام 1930م، وكانت أسطورة فوزه على بطل ألمانيا الهتلرية عام 1938م بمثابة الحجة التاريخية لإلغاء المقولة العنصرية التي كان يرددها (هتلر) «إن العنصر الأبيض متفوق في كل شيء».

فعندما هزم الملاكم الألماني (ماكس شملينج) البطل جو لويس في عام 1938م كانت هذه الهزيمة بمثابة النكبة على الولايات المتحدة الأميركية، رغم أنها كانت في الجولة (10) من المباراة، وكان حينها البطل جو لويس صغيراً في السن، وفي غضون ثلاثة أشهر ومن خلال (دائرة التنافس البطولية) اختصر جو لويس الطريق، فقد هزم عمالقة أبطال (الدائرة) وفي مقدمتهم البطل (برادوك) وتهيأ لبطولة الثأر من البطل الألماني (ماكس) فذهب إليه رئيس الولايات المتحدة حينها (روزفلت) المقعد وشد من أزره بمقولة رائعة :«أيها البطل (ألسن جو لويس) عندما تقابل بطل العالم الألماني هذه المرة، تذكر بأنك تلعب بإسم الولايات المتحدة وليس بإسمك، إننا بحاجة ماسة للنصر»..وفي البطولة التي أقيمت أيضاً على أرض الرايخ استطاع لويس إلحاق الهزيمة النكراء به أمام هتلر وجمهوره الغفير بالضربة القاضية وفي الجولة الأولى.

ولم تجعل هذه البطولة من جو لويس بطلاً قومياً فقط بل بطلاً عالمياً، وهذا البطل الأسطورة بعد أكثر من عشر سنوات اعتزل الملاكمة عملاً بمشورة عمالقة الصحافة العالمية، وتحول إلى أقوى رجل في الصحافة الرياضية عموماً، وكان لوفاته عام 1949م أثر محزن حتى عند خصومه، لقد هزم هذا البطل عمالقة كثيرين في عصره أشهرهم البطل الرائد في الملاكمة (جاك ديمبسي) وهو من أكثر اللاعبين عنفاً.

أما الأسطورة النادرة جداً التي ربما لن يجود الزمان بمثلها،وهو البطل العظيم الذي سيظل اسمه خالداً على مدى سنين طويلة الإنسان الملاكم المعجزة (محمد علي كلاي) الذي منذ ظهوره في نهاية الخمسينات كان بطلاً شجاعاً، ينازل كل الأبطال من كل الجهات الأربع وهو يتمتع بفطنة وذكاء، بل كان أكثر الملاكمين ألمعية، والذي أدهش العالم حينها عندما قال مقولته الشهيرة قبل أن يسلم:«أنا كاسيوس كلاي سوف أصبح قريباً من أعظم الأبطال في الملاكمة في وزني» وقال هذا بعد احترافه للعبة الملاكمة في الوزن الثقيل في عام 1963، وله تصريحات عديدة.

وزاد من إعجاب الجماهير به في مسقط رأسه بولاية (كنتاكي) أنه أخذ في قرض الشعر (الزجل)، ويبلغ اليوم من العمر (65) عاماً، وهو الذي ابتدع الحرب الكلامية في الملاكمة قبل التحدي وأثنائه وبعده، وهو حاد اللسان على خصومه، وله ميزات عديدة في لعبه أصبحت من أدبيات الملاكمة علما وفنا، وهذا البطل دائماً قبل البطولة ما يكون هادئاً جداً وغير مضطرب وواثقاً من نفسه ومن الفوز خاصة بعد أن أشهر إسلامه، أو كما قال المرحوم الشيخ الشعراوي:«إنه بطل مبارك بالإسلام»، وبعد الانتصار وبسرعة بديهية نراه يطلق العبارات الصريحة السريعة وهو يعدد ما صنع بخصمه من فعال عظيمة، حتى أن الأبطال الآخرين أصبحوا يحسبون له حسابات كبيرة، فهم يعلمون أن ما يصدر عنه من تصريحات إنما هي مدروسة بذكاء، وليست عشوائية.

قال عنه الزعيم الكوبي الكبير البطل فيدل كاسترو إنه يود أن يرى بطل كوبا (أستيفنسون) الذي قبل التحدي باللعب ضد البطل العظيم محمد علي كلاي، لأن هذا يعود بالفائدة على الملاكمة، ولأن البطل الكوبي كان من الهواة، فقانون الملاكمين المحترفين لم يسمح بذلك.

واختتم هذا المقال بشيء من الزجل الشعري الذي قاله البطل محمد علي كلاي قبل التحدي الأخير للبطل (إيرني تيرل) في مدينة (هيوستن) بتكساس قبل صعوده للحلقة:

إن دق الجرس فحذار

سيذوق تيرل طعم النار

إرني تيرل ظل ظلاله

في الحلقة قد رام نزالا

سأريه خسفاً ونكالا

تيرل لا.. لا.. تر لا لا

قد يأتي حسن الهندام

قد يبدو حلواً أعلاه

لكن ويلاه ويلاه

سيجر هناك الأقدام

قد راح يصول ويقول

هو سيد كل الأبطال

فتعالوا تلقوه خيالا

من وسط الحلقة قد زال

سأسددها فوق الفك

في الوجه وفي أعلى الحنك

سيدور منها دور الفلك

لكنه بعدها لن يلقى الأبطال

ويلاه من لكمات علــــي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى