الجدة سعدة وقراءة لخطاب السيد الرئيس

> سلوى صنعاني:

> ما من أحد منا إلا وقد شهد الاحتفال الكرنفالي البهيج خلال احتفالاتنا بعيد الاستقلال الوطني الذي حشدت له جماهير غفيرة من الصغار والكبار وعلت سماءه الأغاني البهيجة والزغاريد العالية الرنانة. وأكثر ما أبهجنا ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية الذي شكل برنامج عمل للمرحلة القادمة بوعود جادة ووردية.

كان ضمن مشاهدي التلفاز تلك الليلة الجميلة جدتي سعدة التي كانت تتابع باهتمام كلمات السيد الرئيس حتى أتت على تلك الطفرة النبيلة في إعلانه العفو عن الجميع ودعوته لهم بالعودة إلى الوطن باعتبار أن الوطن للجميع. رفعت يديها بالدعاء له بسخاء وحماس قائلة :«شوه عاد تبو، الرجال سامح الناس كلهم».

لم يعلق أحد على الجدة سعدة ودعواتها ربما اتفاقاً معها على ذلك السمو والنبل الذي اتسمت به كلمته والمعبرة عن موقفه الوطني وحرصه على اللحمة والائتلاف تحت سماء الوطن مهما كان الاختلاف بين الأخوة .

مضت الجدة سعدة إلى فراشها بينما مضيت لاستقراء موكب كلمات السيد الرئيس مع استقراء مواكب له وللواقع والمشاهد الماثلة أمام الأعين.. واقع تجربتنا الديمقراطية وكفالة الدستور لها بأشكالها كافة تمثلاً في إشاعة التعددية الحزبية والسياسية وحرية الصحافة.. إلخ من وسائل التعبير عن الرأي والرأي الآخر .

تمثل أمامنا حقيقة وإن كانت مرة وموجعة فلابد من التطرق لها فالمسيرات والتظاهرات والاعتصامات كانت شكلاً من أشكال هذه الوسائل التي يعبر فيها عن السمة الديمقراطية لنظامنا.

إذن لماذا تقمع ولماذا يطلق عليها الرصاص الحي ومسيلات الدموع ؟ ولماذا الاعتقلات لها ولقياداتها ؟

إن الذين خرجوا إلى هذه المسيرات هم من حفاة هذا الوطن وجياعه الذين ألهبتهم الأسعار , ومن الذين فاض صبرهم من قهر وتعسف الفاسدين في مرتفعات ومفاصل السلطة .. وهم أبناء هذا الوطن المحرومين من حقوقهم فلماذا يطلق عليهم مسمى «المشاغبين» ولماذا تتخذ بحقهم هذه المواقف المتنافية مع منهجية النظام ومع توجيهات وخطابات السيد الرئيس وعفوه المستمر والدائم حتى عن الذين حملوا السلاح وخاضوا مصادمات أدمت فؤاد هذا الوطن المظلوم في صعدة وحجة وفي كل مكان ؟

بالتطلع إلى ما يحدث في الشارع من رجال الأمن إزاء أشكال التعبير عن الديمقراطية ومقارنته بما جاء في خطابات السيد الرئيس يشعر المرء بذلك التناقض المحير لأكبر المفكرين والفلاسفة ويشعر بوجود هوة كبيرة بين خطاب الدولة وبين سلوكها .

هذه المقارنة تجعلنا نشعر أن هناك دولة أخرى يحكمها العساكر ويتنفذون بقسوة مع أبناء هذا الوطن بينما رئيسه يذهب في مواقفه وخطاباته إلى العفو والتسامح وإلى ترسيخ مبدأ الديمقراطية. أليس الأمر محيرا والله يعطي العافية لسيدنا الرئيس وللجدة سعدة التي تغط في نومها العميق والتي خلفتني في سهري هذا وحيرتي أمام الواقع وأمام الكلمات الجميلة لخطاب السيد الرئيس .

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى