طبيعة الأنظمة الاستقلالية

> جلال عبده محسن:

> في الوقت الذي مازال فيه العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تئن تحت وطأتها بعض شعوبنا العربية وتدخل مواطنيها في دوامة التقلبات المعيشية المضطربة نحو مزيد من الفقر والجوع والبطالة وازدياد معدلات الجريمة الاجتماعية ومن تقييد للحقوق والحريات، وبطبيعتها الاستقلالية فإن تلك الأنظمة كثيرا ما تلجأ إلى أساليب وحيل رخيصة تبحث من خلالها عن مبررات وحجج واهية تقنع بها الرأي العام، تمارس خدعة الكلام التي يتقنها أهل الرياء والنفاق أحسن إتقان ممن يجيدون التلوين من مساحيق الديمقراطية ومن مكياج الجدية من أجل إطالة عمرها في الحكم، مستغلة بذلك إمكانات الدولة المختلفة والمتنوعة المتاحة بين يديها.

ولما كان للمثقفين والمفكرين والكتاب والشعراء والفقهاء من رجال الدين وغيرهم من تأثير في نشر الوعي الاجتماعي، وأن باستطاعتهم أن يساهموا بمواقفهم في خلق وعي مضاد في غير ما قد تذهب إليه تلك الأنظمة، وهو الأمر الذي كثيرا ما يؤرق رموزها من الاستمتاع بلذة الترف والنعيم اللذين ينعمان بهما، ويمنعهم من الإحساس بالطمأنية والأمان ويجعلهم في حالة قلق واستنفار دائمين، فإن تلك الأنظمة نجدها دائما ما تبحث عن ذلك المثقف أو المفكر أو الأكاديمي من المسطحين ممن بإمكانهم أن يفصلوا أفكارهم على مقاس السلطة، حتى وإن كان ذلك النفر هم من أساتذة الجامعات عندما يستعان بدور الجامعة في إطار البحث العلمي من بعض القضايا السياسية المصيرية، وبدلاً من إخضاعها للدارسة النقدية والتحليلة بعيداً عن شهوة التشهير أو الرغبة في التبرير، ومن أجل المصلحة الوطنية فإنه يتم إكسابها منهجية تنسجم مع فلسفة واتجاهات النظام السياسي من باب الخوف والجبن أو من باب الارتزاق، بعيداً عن وظيفة الجامعة وأهدافها الحقيقة التي ينبغي أن تصب في تيار العلم دون تأثرها وانجرافها نحو تيار الصراعات السياسية.

حتى على مستوى المعارضة نفسها فإن تلك الأنظمة نجدها حريصة على الاستفادة من حمائم المعارضة من الشخصيات السياسية في بعض المواقف والمحطات، بينما تتحاشى صقورها ممن تفوقها في التفكير والطموح وإن كانوا يحملون بعداً وطنياً خالصاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى