ملك وعيش كريم.. لا ديمقراطية الجهل والفساد

> د. عبيد عبدالرحمن البري:

> ليعرف القارئ الكريم أن هذا العنوان لا يتضمن دعوة للعودة إلى النظام الملكي، وإنما هي دعوة للأحزاب القائمة من السلطة والمعارضة للكف عن ممارسة اللعبة السياسية الخاسرة على الوطن والمواطن.

لقد أثبتت الأشهر المنصرمة من الحوار بين حزب السلطة والمشترك عدم الجدية من الجانبين لإنجاز أي مهام سياسية أو وطنية لوضع لبنات أساسية لبناء الدولة اليمنية الديمقراطية الحديثة.. فلا نتوقع من الحزب الاشتراكي طرح أي شروط لا ترضي حزب السلطة طالما بقي غير مستقل ماليا وطالما التناقضات والانقسامات في قيادته مستمرة.. والأهم من ذلك أن لا أحد يعوّل على ما يلعبه حزب الإصلاح أمام المؤتمر الذي يعتبر وإياه وجهين لعملة واحدة، ويلعب مع الحزب الاشتراكي لعبة القط والفأر.

لقد كشف الشيخ عبدالله الأحمر هوية حزب الإصلاح في مذكراته (مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الإحمر - قضايا ومواقف) في الصفحات 249-248، فقال: «طلب الرئيس منا بالذات مجموعة الاتجاه الإسلامي وأنا معهم أن نكوّن حزباً في الوقت الذي كنا لا نزال في المؤتمر، قال لنا: كوّنوا حزباً يكون دريفاً للمؤتمر ونحن وإياكم لن نفترق وسنكون كتلة واحدة، ولن نختلف عليكم وسندعمكم مثلما المؤتمر، إضافة إلى أنه قال: إن الاتفاقية تمت بيني وبين الحزب الاشتراكي وهم يمثلون الحزب الاشتراكي والدولة التي كانت في الجنوب وأنا أمثل المؤتمر الشعبي والدولة التي في الشمال، وبيننا اتفاقيات لا أستطيع أتململ منها، وفي ظل وجودكم كتنظيم قوي سوف ننسق معكم بحيث تتبنون مواقف معارضة ضد بعض النقاط أو الأمور التي اتفقنا عليها مع الحزب الاشتراكي وهي غير صائبة ونعرقل تنفيذها. وعلى هذا الأساس أنشأنا التجمع اليمني للاصلاح في حين كان هناك فعلاً تنظيم وهو تنظيم الإخوان المسلمين الذي جعلناه كنواة داخلية في التجمع لديه التنظيم الدقيق والنظرة السياسية والأيديولوجية والتربية الفكرية».

ما اقتبسته من مذكرت الشيخ الأحمر كان قليلاً وقد أراد له أن يُعلن، لكن ما خُفي من أسرار الأحزاب أعظم!.. الظاهر يبين أن في الحوار خللاً سياسياً، وفي الوطن خللاً اقتصادياً ووحدوياً، وفي الدستور خللاً مخيفاً من النظام، وفي كل اقتراع للانتخابات خللاً أخلاقياً.

لذلك نتمنى على فخامة الرئيس أن لا يترك الحبل على الغارب وأن يضع حداً لهذا الانفلات في كل نواحي الحياة وخاصة ما يتعلق بمعيشة المواطن، وأن يتراجع عن مشروعه في النظام الرئاسي تجنباً لدخول البلد في أي متاهات، لأنه يعرف أن اليمن لا تشبه الولايات المتحدة الأمريكية، ويعرف تماماً أن النظام القبلي ورموزه التي تمثل أهم مفاصل السلطة لن تتيح له الفرصة في اتخاذ القرار، ولن يساعده الجهل المتفشي في البلاد في اللحاق بركب التطور.

إن الاقتداء بأنظمة ناجحة مثل الولايات المتحدة هو طموح عظيم وهدف يجب تحقيقه، ولكن لابد من خطوات أساسية ومدروسة نبدأها في بناء الإنسان والتخلص من الموروثات التي تعرقل التطور في كل المجالات. ومازال أمامنا الكثير نعمله حتى نتشبه بالولايات المتحدة التي حافظت على قدسية دستورها منذ القرن التاسع عشر، ويتنافس فيها على الرئاسة حزبان عريقان كل حزب يقدم مرشحه بحيث يقوم بالدعاية الانتخابية من خزانته وليس من خزانة الدولة.

وفي الظرف الراهن الذي تعيشه البلد فإن من الحكمة الاستجابة لما يحدث في الشارع من تعبير عن الأوضاع المأساوية في المجتمع، فتجاهلها سوف يؤدي إلى كارثة كبيرة أهمها تحديدا فشل الوحدة الوطنية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى