الاستقلال ووحدة النضال الوطني ..الحركة الطلابية رافد من روافد الحركة الوطنية إبان الكفاح المسلح

> رضية شمشير علي :

> هذه الورقة قدمت إلى ندوة توثيق تاريخ الثورة اليمنية (الانطلاق.. تطور.. آفاق ومستقبل) الجزء الخامس: «الاستقلال ووحدة النضال الوطني»، التي انعقدت في محافظة عدن خلال الفترة 29 نوفمبر - 3 ديسمبر 2007 وفيما يلي نصها:

-1 المدخل:

مع نهاية أربعينات القرن الماضي وتحديداً في 15 مايو 1948م، شهدت مدينة عدن أول مظاهرة طلابية، كانت في ظاهرها تعبر عن الاحتجاج الشعبي على تسليم بريطانيا فلسطين للكيان الصهيوني، ولكنها في حقيقة الأمر كانت المؤشرات الأولى لبروز حركة طلابية، تطورت مع أوائل ستينيات القرن الماضي، لتأخذ بعداً نضالياً، سياسياً، حقوقياً ومطلبياً.

فقد كان الخامس عشر من فبراير 1962م، يوماً مشهوداً في تاريخ الحركة الطلابية في المستعمرة (عدن)، إذ شكل إضراب الطالبات في كلية البنات بخور مكسر، الرافض للسياسة التعليمية التي كانت تمارسها السلطات البريطانية في عدن، بداية الانطلاقة لخوض الحركة الطلابية غمار النضال الوطني التحرري الذي بدأت ملامحه تتبلور من خلال المسيرات والمظاهرات العمالية التي كانت تشهدها مدينة عدن المطالبة بالحقوق العمالية والمساندة للثورة المصرية «ثورة 23يوليو 1952م» والمؤيدة لحركة تأميم قناة السويس 1956م.

-2 أدوار مشرفة... ومسؤوليات مبكرة:

تقول رضية إحسان الله في كتابها (عدن الخالدة ميناء عالمي حر) :«إن الثورة الطلابية كانت الشرارة الأولى التي أشعلت ثورة 26 سبتمبر 62م، كما عرفنا من سيرة علي عبدالمغني ومن أفواه زملائه الضباط الأحرار» ص172.

- وقفت الحركة الطلابية في مواجهة الدعوة إلى الاتحاد الفيدرالي «وتعدين عدن» وهي المحاولات التي حاول الاستعمار البريطاني فرضها خلال الفترة (-1955 1956م)، فعملت على إنشاء النوادي الثقافية لتنظيم أنشطتها وفعالياتها المختلفة، ليس في مستعمرة عدن فحسب، بل سعت وفق أهدافها إلى أن يشمل هذا النشاط بقية المناطق الجنوبية.. فكانت عدن هي مركز الصدارة لنمو وتطور هذه الحركة الطلابية التي تعرضت لمحاولات الإجهاض والقمع من قبل السلطة الاستعمارية.

- تقدمت صفوف الطلبة مسيرة الزحف الشهيرة إلى مقر المجلس التشريعي 1965م، وسقط شهداء للحركة أبرزهم هشام زوقري وتعرض آخرون للاعتقال.. ومنذ ذلك الحين استطاعت الحركة الطلابية أن تتحمل المسؤولية بجدارة لتحريك الشارع والجماهير في كل المناسبات والأحداث الوطنية التي شهدتها عدن وبقية المناطق الجنوبية، كما كانت لها مواقفها المشهودة دعماً لحركة التحرر الوطني العربية.

وتعاظم دورها النضالي لمواقفها المشرفة من القضايا النضالية للشعوب العربية التي ترزح تحت نير الاستعمار، فتقدمت الحركة الطلابية بالمظاهرات في عدن مستنكرة حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الجزائري من قبل الاستعمار الفرنسي، فقامت بجمع التبرعات لصالح الثوار الجزائريين.

كما قادت المسيرات والمظاهرات في عدن إثر نكسة حزيران 1967م لتصبح بذلك ركيزة أساسية في مسيرة النضال الوطني، وليصبح لها كيان مستقل استطاعت من خلاله بلورة رؤيتها الفكرية والثقافية والسياسية في مسيرة النضال الوطني، وكرافد من روافد الحركة الوطنية أسهم في الحراك المجتمعي والسياسي في عدن المستعمرة وبقية المناطق الجنوبية.

-3 قراءة لبعض منشورات وبيانات الحركة الطلابية إبان الكفاح المسلح:

مع تشكل الكيانات الطلابية التابعة للجبهة القومية، وجهة التحرير، والتنظيم الشعبي الناصري، تبرز البيانات والمنشورات كمعبر سياسي عن أهداف القضايا التي تبنتها الحركة الطلابية.

فالقيادة المشتركة لمنظمة هشام الطلابية- جميع الطلائع الطلابية بجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل تطالب بمطالب، يرى اتحاد طلبة الجنوب اليمني المحتل أنها لا تتلاءم وواقع الأحداث والتطورات الجارية في الساحة النضالية وبشكل خاص المتعلقة بالإضرابات الطلابية.

-1 منشور صادر بتاريخ 1967/4/28م باسم منظمة هشام الطلابية تطالب برفع الإضراب في:

أ- مدرسة البنات كريتر

ب- مدرسة البادري

ج- مدرسة المدراسي

د- المعهد العلمي

هـ- مدرسة المرسابة

-2 1967/4/30م:

أصدر اتحاد طلبة الجنوب المحتل بياناً حول الأزمة الطلابية يوضح فيه نتائج التفاوض مع الجهات المسؤولة في وزارة المعارف جاء فيه:«رضوخ السلطات المسؤولة في المعارف والتزامها التزاماً كاملاً بتحقيق المطالب الطلابية الأساسية منها والفرعية وهي:

- إعادة فتح جميع المدارس في عدن والولايات.

- رفع قرار التوقيف بحق الطالبات الخمس من كلية البنات وهن:

-1 عيشة سعيد نايله -2 عيشة السقاف -3 هيام معتوق منصور مكاوي -4 سلوى سليمان -5 ثريا منقوش.

- عدم تعرض طالبات المدارس للتفتيش من قبل جنود الاحتلال.

- الإفراج عن جميع الطلبة المعتقلين في عدن والولايات.

-الاعتراف الكامل من جديد باتحاد طلبة الجنوب المحتل كممثل لجماهير الطلبة في الجنوب.

- إلغاء القرار الخاص بتسريح المدرسات والمدرسين المؤقتين.

- إلزام السلطات المسؤولة في المعارف إعادة الأستاذين علي جعفر محمد ناصر وعبدالله علي القرشي إلى منصبهما.

-3 12 مايو1967م:

أصدرت منظمة هشام الطلابية بياناً هاماً بعنوان «مأزق خطير»، وحددت هذا المأزق بوجود تفرقة في صفوف الطلبة والطالبات، مطالبة إزاء هذه الظروف المتوترة من:

- تكاتف الجهود لبناء صرح وحدة طلابية متينة أساسها المصلحة الطلابية.

- المطالبة بقيام منظمة طلابية خالية من جميع الحزبيين وأن يكون هذا التنظيم تحت مسمى التنظيم الطلابي لطلائع الجنوب اليمني المحتل.. على أن تتحدد مطالب هذا التنظيم في:

1) أن تكون مصالح القطاع الطلابي هي الغاية المنشودة.

2) ليس شرطاً اعتراف وزارة المعارف الاتحادية بهذا التنظيم والاكتفاء باعتراف الجماهير الطلابية كممثل شرعي ووحيد له.

-4 24 مايو1967م:

أصدر اتحاد طلبة الجنوب المحتل بياناً عبر في مقدمته على أن الظروف التي يمر بها شعبنا ونضاله المرير ضد الوجود البريطاني وممارساته البربرية اللاأخلاقية، حيث تعرضت قوات الاحتلال البريطاني لطالبات المدرسة المتوسطة للبنات في المعلا من تفتيش واعتداء على شرفهن وكرامتهن، وأساليب لا تتمشى مع تقاليدنا الإسلامية والعربية، ودفع الطالبات إلى التوقف عن الدراسة، ولهذا يطالب:

-1 عدم انتهاك حرمة المدارس ومنع دخول القوات البريطانية إليها.

-2 عدم التعرض لتفتيش الطالبات من قبل الاحتلال، وإذا لزم الأمر فيجب أن تفتش من قبل نساء مجندات.

-3 وقف الأعمال الإجرامية تجاه طلبة الولايات والنظر إلى مطالبهم بجدية كاملة.

-4 إضافة قبل الخاتمة:

إضافة إلى ما تناولتُ تتطلب الأمانة مني الإشارة إلى عتاب للأستاذة ثريا هلال وتوضيحها بأن أخاها قاسم هلال، هو أول شهيد للحركة الطلابية في المستعمرة عدن والذي استشهد برصاص قوات الاحتلال البريطانية عام 1956م في مدينة التواهي بعد محاولته قتل أحد الضباط البريطانيين.

كما أضمن الورقة قائمة بأسماء الطلبة والطالبات من الحركة الطلابية بحسب ما أسعفتني الذاكرة وكذلك التواصل الذي تم من قبل البعض في تقديم شهاداتهم الحية لأدوارهم المختلفة فـي الحركـة الطـلابـية وهم:

طه قربى - غازي علوان - إبراهيم صعيدي - أحمد صالح عولقي- هشام باشراحيل - عصام محمد عبده غانم- فاروق ناصر علي - نصر ناصر علي- حيدرة شمشير- وجدان لقمان - حبيب عبدالشكور - نجيب حامد خان - د. نجيب عبده عبدالله - أحمد عبدالواسع صالح - اللبني - د.جعفر مقبل الشلالي- د. أمين أحمد علي الشيباني - درويش فضل - عبدالرحمن الحسني- أحمد صالح عوض- أحمد عبده علي- أحمد سعيد علي- مهدي الوجيهي- حسين عامر علي- ناصر الوالي- فارع على حاجب- رشيد جرهوم- محمد عبدالقادر- صالح أحمد صالح- عمر قائد علي- محمد إبراهيم عبدالله- محمد علي الصوفي - أحمد محمد الحبيشي- عصام سعيد سالم- بدر سفيان الدبيش- أحمد هاشم علي- صادق عبدالولي.

ومن الطالبات: إلهام عيدروس- د. سعاد عثمان يافعي- د. صباح أحمد شرف- د. أسمهان عقلان العلس - د. أنيسة عبود- ملكي يافعي - إلهام سليمان بهيجي- إلهام عقبة- رجاء باسندوه- رشيده همداني- زينب سقاف- ملاك حسين عبدالنبي- سهام حامد خان- هدى حبيشي- آمنة شرماني- صباح عبدالمجيد لقمان- ملكة موتي- فوزية محمد عبدالله عجينه- أنصاف عراسي- فوزية باوزير- فوزية عبدالشكور - شفيقة علي ناصر - آمنة إسماعيل - حواء آدم - عديلة سعيد سالم - نفيسه حامد- شادية عبدالقوي مكاوي- فوزية عبدالقوي مكاوي- ليلى الأبيض- أم الخير باذيب- سعادة جامع- سعاد قاضي- سهير الجاوي- فايزة عبدالمجيد- نبوية بركات - فاطمة لكو - نعمة علي أحمد- وفاء عبدالملك- عزيزة شرف حميد- نادية أحمد سعيد- مرام أحمد علي زوقري - سهام عبدالسلام- ألطاف عبدالسلام- سهام عبدالله حسن - هدية محمد سعيد - سامية على محمد الصوفي- أحلام أحـمد عـلي الزوقـري- رضـية شمـشير عـلـي.

والقائمة تتضمن أسماء المستقلين، والمنتمين إلى جبهة التحرير والجبهة القومية والتنظيم الشعبي الناصري، وهي بحاجة إلى إغناء من أولئك الذين سهوت عن ذكرهم، بحكم الفترة الزمنية والانقطاع والابتعاد بسبب ظروف الحياة، ورغبة البعض منهم في الاكتفاء بما قدموه إبان مرحلة الكفاح المسلح.

-5 الخاتمة:

إن الهدف من إجراء المقارنة لمنشورات وبيانات الحركة الطلابية إبان الكفاح المسلح، وخاصة الفترة التي سبقت خروج الاستعمار البريطاني بأشهر، يؤكد على القضايا الخلافية والمتفق بشأنها والتي تصاعدت أحداثها تباعاً، تدل على:

-1 النضوج المبكر للمواقف والأهداف السياسية التي اتخذت من قبل الحركة الطلابية وخاصة فيما يتعلق بالقضايا التضامنية مع نضالات القوى الثورية في الوطن العربي بشكل عام والوقوف إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة بشكل خاص.

-2 تمتع الحركة الطلابية بروح عالية من المسؤولية واستعدادها الدائم لتلبية النداء لمقتضيات وطنية وقومية.

-3 دخول الحركة الطلابية معترك الصراع الدائر بين الجبهة القومية وجبهة التحرير كطرف رئيس.

-4 وضوح المطالب الحقوقية والنقابية وتحديداً في مجال التفاوض مع وزارة المعارف الاتحادية.

-5 ضرورة توحيد الحركة الطلابية والعمل في إطار موحد يخدم مصلحة القضية الطلابية دون تسييسها.

المصادر:

1. منشورات الحركة الطلابية.

2. عدن الخالدة «ميناء عالمي حر» رضية إحسان الله - الطبعة الأولى 1995م، دار النشر مؤسسة دار الهلال القاهرة.

3. وثائق يمنية الجنوب اليمني - عبدالله بن أحمد الثور، الطبعة الأولى 1986م- مطبعة المدني - المؤسسة السعودية بمصر.

4. الحركات الاجتماعية والسياسية في اليمن -1918 1967م، د.صادق عبده علي- طبع بمطابع دار الهمداني للطباعة والنشر - عدن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى