إنه منطق من يخشون رياح التغيير !!

> علي الذرحاني:

> جلس أحد الأدباء والكتاب مصادفة إلى جوار أحد الزعماء فسأله هذا السؤال: سيدي الرئيس.. هل تقرأ روايات وقصصاً؟ فأجاب ذلك الزعيم على الفور : لا. فقال له الأديب : لماذا ؟ قال: لأنني لا أجد فرصة لقراءة قصة أو رواية بسبب كثرة مشاغلي وبسبب هموم الناس وقضاياهم ومشاكلهم. فرد عليه ذلك الأديب: إن الأدب ممثلاً بالقصيدة والرواية وغيرهما من الفنون هو مرآة وانعكاس لذلك الواقع والمجتمع الذي تتحدث عنه وهو تعبير عن الحياة وعن تطلعات الناس وهمومهم وآمالهم وآلامهم، فالسياسي الذي لا يطلع على آداب بلاده وفنون مجتمعه وواقعه وعصره فهو كمن يعيش في برج عاجي أو في مدينة نائية أو في كوكب آخر ولا يفهم فقه الواقع أو الحكم والسياسة والكياسة. من هنا تأتي أهمية الاطلاع على الآداب والفنون.

فقد كتب أحد الكتاب من كوسوفو قصة مؤثرة ومعبرة وذات دلالات سياسية واجتماعية عميقة عن ظاهرة الفساد، ولها علاقة وثيقة بالواقع الراهن خاصة في بلادنا التي تعاني هذه الظاهرة التي كادت أن تتحول إلى مرض مزمن أو ورم خبيث يستعصي علاجه أو استئصاله.. وخلاصة تلك القصة القصيرة:

«أن أحد الحكام كان له وزير للمالية كثيراً ما يتهمه الناس بالفساد، فاضطر الحاكم إلى أن يسجنه عريان في بركة ماء راكد، وأمر أحد حراسه بمراقبته فلاحظ ذلك الحارس أن أسراباً من البعوض أو الناموس قد غطت جسد ذلك الوزير، وكادت أن تمتص آخر قطرة من دمه، فعطف ذلك الحارس على الوزير بأن قام بطرد ذلك البعوض الذي ينهش دمه وجسده حتى لا يتحول إلى هيكل عظمي ويفارق الحياة، فقال له الوزير: دع البعوض وشأنه، فقال له الحارس : أصنع لك معروفاً وتقول لي دع البعوض وشأنه!، فقال له ذلك الوزير : لو حاولت طرد ذلك البعوض الذي يغطي كل جسدي وهو الآن في حالة شبع من دمي ولا يستطيع الحركة أو الطيران لأتى بعوض جديد جوعان فيمتص ما تبقى من دمي وينهي حياتي.

فلما حكى الحارس هذه القصة على الحاكم الذي كلفه بحراسة الوزير قال له على الفور : اذهب وفك أسر وزير ماليتي وأحضره مكرماً معززا، ثم قال الحاكم في نفسه : فاسد شبعان أهون لي من فاسد جوعان، سيأتي ويطم ما بين يديه وما خلفه».

وهذا منطق من لا يريدون أن يتزحزحوا من مراكزهم أو مناصبهم أو كراسيهم ويعادون التغيير والتطوير ويفسدون في الأرض ولا يصلحونها ويجثمون على صدورنا دهوراً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى