المعلم التليد في جبل حديد!

> نعمان الحكيم:

> حتى لا نفقد هذا المعلم الحضاري التليد، الذي شيد في الثلاثينيات من القرن الماضي، وحتى نحافظ عليه ليغدو موقعاً آثريا يزوره الزائرون، ويطلعون على مافيه وحواليه من تاريخ وآثار، وإن كانت هناك استحالة في تحويله إلى كلية للأرصاد أو علوم الفلك والبحار.. نظرا لموقعه ومكانته، وتعاقب فترات تأسيسه وسكناه..إلخ!

ذلك المعلم هو مدرسة جبل حديد أو مسجد جبل حديد أو سجن جبل حديد أو ثكنة جبل حديد أو مطعم جبل حديد.. إلخ من التسميات التي أوردها الباحثون والساسة والمثقفون والكتاب والصحفيون.. هذا المعلم الذي يشاع أنه قد سلم لمستثمر، وذلك يعني وصول الحال إلى إفلاس ما بعده إفلاس. وأن آثارنا قد صارت تباع وتشترى، وكأننا ليس لدينا حس بقيمة ومكانة الآثار التي تدل علينا.. ويكفي أن ننظر في تاريخ هذا المعلم والمؤسسين له الذين كانوا من صفوة القوم، وتركوا بصمات لايمحوها الدهر أبدا!

المؤرخ سلطان ناجي -رحمة الله عليه- يورد أن هذا الأثر هو (كلية أبناء الرؤساء)، وقد افتتحت في (1 أبريل 1935)وكان قد اقترح أنشاءها الكابتن (ورنفود)، غير أن من نفذ الفكرة السر (برنار درايلى) المقيم السياسي، وقد اقترح أن تخفض صرفيات الهدايا للرؤوساء، وأن ما يوفر منها يتم به افتتاح مدرسة لأبنائهم.. وكلف لتلك المهمة (إنجرامز)، وذلك مقتطف من كتاب إنجرامز نفسه بعنوان (العرب والجزر البريطانية) الشهير.

ويذكر إنجرامز أن الموقع الذي وقع عليه الاختيار هو (ثكنة مهجورة استخدمت يوما ما كمطعم لضباط الوحدة الهندية، وبعدها أصبحت معتقلا للزعيم المصري (المنفي) سعد زغلول باشا.. ولكن بشكل مؤقت.

على أن باحثين وكتابا آخرين منهم الأستاذ يحيى قاسم علي من كلية الحقوق بجامعة عدن يؤكد مستندا إلى زميله الأستاذ فاروق العزيبي وهو (عقيد متقاعد في الجيش) وله اهتمامات بذلك، حيث زار المدرسة وتأكد من اللوحة التذكارية الرخامية المدون عليها أسماء المساهمين، مؤكدا بأنها (مسجد) وليس مدرسة، من خلال العبارات التالية المكتوبة على اللوحة الرخامية « بسم الله الرحمن الرحيم، المتبرعون في بناية هذا المسجد: حكومة جلالة الملكة في المملكة المتحدة:

1- سمو السلطان عبدالكريم فضل (KCMGCIE)

2- سمو السلطان عمر بن عوض القعيطي سلطان الشحر والمكلا 3- سمو السلطان عبدالله بن بن حسين الفضلي 4- الأمير منصر بن شائف سيف (CMG) 5- السلطان عيدروس بن محسن علي العفيفي سلطان يافع بن قاصد 6- السلطان صالح بن عبدالله العولقي 7- الشيخ محسن بن فريد العولقي 8- السلطان عيدروس بن علي عبدالله سلطان أحور 9- الشريف أحمد محسن شريف بيحان 10- السلطان علي بن محسن الواحدي سلطان بلحاف 11- الشيخ فضل بن عبدالله العقربي 12- الشيخ أحمد يوسف المصعبي 13- السلطان علي بن منصور الكثيري 14- السيد أبوبكر بن شيخ الكاف وإخوانه.. وغيرهم..

إذن.. ونحن إزاء هذه الكوكبة من الشيوخ والسلاطين الذين أنشأوا هذا المعلم وفترة الحفاظ عليه حتى قيام الوحدة، وتكريما لعدن ولمن بذلوا فيها جهودا كبيرة لكي تبقى معالمها كما هي، أو العمل على تطويرها وجعلها قبلة للزائرين (إن جاز التعبير)، وسواء أكانت مدرسة أم كلية أم مسجدا، فجميعها آثار ضاربة في التاريخ، ولنجعلها تحاكي مجمع العرضي التركي بصنعاء، أو مدرسة رداع العامرية، أو قلعة صيرة التاريخية.. لماذا نتركها وهي شاهدة على عصر يجب ألا يذهب سدى؟!

أفيقوا أيها السادة وانتبهوا، فيكفي طمس معالم مثل(مسجد أبان - مدرسة عقبة- مسجد الهاشمي - بوابة سجن عدن - معالم جبل التعكر..) وغيرها من المعالم التي صارت تذكر دون أن ترى بالعين المجردة، بعد أن طالها الهدم والتحديث على أسس عصرية بعيدة عن التاريخ والحضارة!

نحن مع التحديث لكن ليس لأجل الطمس.. و(خبر دال أيها المعنيون)!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى