تعني!.. العمل من خلال المجتمع المدني ومؤسساته الديمقراطية

> الشيخ علي محمد ثابت:

> استغربت لأسلوب تناول قضية استقالات بعض الناشطين السياسيين الجنوبيين من أحزابهم في مقالة للأخ الكاتب الصحفي حسن بن حسينون ونشرت في صحيفة «الأيام» في 2007/12/26 بعنوان :«ماذا تعني الاستقالة من عضوية الأحزاب الديمقراطية».

فالمقال لكاتب معروف بكتاباته الجريئة في مواجهة المظالم التي تقع على مواطنيه، والاختلالات في سلوك السلطة، وينتقد الفساد.. وانتقل فجأة في كتابته إلى أسلوب خطاب السلطة.. عندما يتحدث عن التجربة الديمقراطية اليمنية، وآليات عملها وبنيتها الحزبية، والحريات والتداول السلمي للسطة.. فيلجأ إلى أسلوب (التجريد) دون الإشارة إلى حيثيات وحقائق واقع الديمقراطية في اليمن التي لم تتجاوز الواقع السياسي المأزوم، الذي تعيد انتاجه في كل عملية انتخابية، ليجد الناخب نفسه أمام السلطة ذاتها مع مزيد من الفساد والتدهور لمستوى حياته من مختلف الأوجه.

وعندما ينتقل الكاتب إلى عنوان مقالته، يركز على العنوان.. السؤال الذي يصرف شهادة «أحزاب ديمقراطية» للأحزاب السياسية اليمنية، وكأننا كيمنيين لم نجرب هذه الأحزاب خلال 17 عاما من الديمقراطية اليمنية، وماذا استطاعت أن تنجزه هذه الأحزاب عندما كانت الأزمة السياسية تعصف بالبلاد - قبل الحرب- بين تيار الحداثة وبناء دولة المؤسسات والسير باتجاه بناء الوحدة اليمنية الديمقراطية وسيادة القانون وتحقيق العدل والمساواة بين أبناء اليمن، وتيار التخلف والفساد والتمسك بالموروثات السالبة للمستقبل وللحاضر معا؟ وهو ما تحقق بالحرب في 1994م.. التي طرحت الأحزاب على هامش الحدث السياسي.. لا تملك أي قدرة على التغيير.. عدا المساهمة في عملية ديمقراطية عقيمة.

وعندما يصل الكاتب إلى الحديث عن استقالات ناشطين سياسيين من أحزابهم يضع لهم خيارين: إما الانتقال إلى عضوية حزب آخر أو التخلي بالكامل عن الممارسة السياسية.. ودون ذلك فالمسألة فيها نظر.. أي إلى سلوكيات وممارسات غير ديمقراطية.. تجلب الويلات لأصحابها، ومن يدعمهم ويدفع بهم، ثم يوجه دعوة عامة لمن له مطالب خاصة أو عامة أن ينخرط في صفوف الأحزاب اليمنية.. ويعملوا من داخلها لأن أصواتهم ستكون بالتأكيد مسموعة كما يقول!

في هذه الجزئية نجد الكاتب لا يرى الديمقراطية إلا حزباً حاكماً وأحزاباً معارضة فقط، بذلك يغيب حق الاستقلالية السياسية للفرد وحقه في خوض الانتخاب كمستقل، كما أنه يغيب ما هو أهم من ذلك وهو دور المجتمع المدني بقطاعاته المختلفة ومؤسساته النقابية ومنظماته الجماهيرية وجمعيات ناشطة المعبرة عن مواقفه والمطالبة بحقوقه، فالمجتمع المدني الديمقراطي يمثل أرقي مظاهر الديمقراطية، وله الحق الأساس في ممارسة الضغط على السلطات للاستجابة لمطالبه باعتباره القاعدة العريضة للشعب مالك السلطات ومصدرها، وكم شهد العالم من حركات مجتمع مدني استطاعت أن تغير ما عجزت عنه الأحزاب المعارضة.

وعندما يزيد حضور المجتمع المدني بجمعياته ومؤسساته في الحياة العامة للمطالبة بحقوقه، فذلك يشير إلى فشل الأحزاب السياسية في تبني قضاياه، ويشير أيضا إلى نفاذ صبره وهو ما يدل على أن الأزمة السياسية المزمنة في البلاد صارت أكثر حدة وخطورة.

وللأسف يصل الكاتب إلى القضية الجوهرية التي تقض مضجع كل مكونات النظام السياسي في البلاد، وينظر بسطحية إليها قائلا:«وإذا كان هناك من تعاط في الوقت الحاضر مع بعض المطالب والحراك في بعض المحافظات من قبل السلطة فإن ذلك لن يستمر وسيجدون أنفسهم أمام طريق مسدود لن يتعاطف معهم أحد بعد أن تتفاقم وتتدهور الأمور».

فالحراك في الجنوب باعتراف السلطة نابع من ممارسات ومظالم وأخطاء ارتكبت بحق أبناء الجنوب بصورة جمعية وفردية مباشرة وغير مباشرة، حولتهم إلى واقع مواطنة أدنى يعانون الإقصاء كجنوبيين، والنهب لثرواتهم وحقوقهم وأراضيهم وفرصهم في الحياة بكل أشكالها، ويناضلون ضمن نهج ملتزم بالآداب والوسائل السلمية الديمقراطية في حراك سياسي متصل، مدفوعا بواقع معاناة يومية مريرة من الفقر والبطالة ، والظلم، والإقصاء...وأعتقد أن السلطة تدركه أكثر من كاتب المقال وتدرك خطره على الكيان الوطني إجمالا بمضي الوقت، وإن تفاقم وتدهور الأمور مسؤولية السلطة قبل غيرها ومسؤولية كل طرف سياسي حريص على إصلاح وتصحيح مسار البلاد بروح وحدوية ديمقراطية حقيقية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى