عدن طيف الجنوب وروحه

> عبدالقوي الأشول:

> نعم, ينبغي الاعتذار لعدن.. فعدن المدينة الحاضنة، والحضن الذي تنكر له الكثيرون.. مدينة وقعت على مر الأزمنة والعقود تحت ضغط شديد وظلم متعاقب وجحود قل أن يوجد له نظير.

فقدت إمكانياتها ومميزاتها كمدينة تجارية قريبة أو هي شديدة القرب من خط الملاحة الدولي.

وجرى الاستحواذ على عقاراتها بصورة لم يسبق لها مثيل.. قدمت الكثير ولم يقدم لها شيء.. وهي طيف الجنوب وعاصمته التي لايمكن إنكارها وإنكار انتساب هذا الامتداد الجغرافي لها باعتبارها العاصمة الجنوبية التاريخية التي يسكنها طيف أبناء المحافظات الست، ناهيك عن سكانها من أبناء المحافظات الشمالية، خصوصا الوسطى منها.. وجود ارتبط بعدن وتاريخ ظل ومايزال ينسب لعدن.. وهي دون شك حاضنة حراك الجنوب على مر الأزمنة، نعم دفعت الكثير ثمنا لذلك إلا أنها لاتستطيع أن تنأ بنفسها عن محيطها الجغرافي وتنوعها السكاني، هي غير ممثلة بشريحة معينة كما يصور البعض، وستظل عدن .

كما عهدها الجميع جامعة لروافد الجنوب، شديدة الصلة بمحيطها الذي هو في الأول والأخير مكونها الديمغرافي، وإذا كان لابد من الاعتذار لعدن فليكن الاعتذار أولا عن حالة الإفقار التي تعيشها والبطالة التي تئن تحت وطأتها، وكل منتسبي مؤسسات دولتها الجنوبية باتوا يستلمون نفقة شهرية من البريد بعد أن أقصوا عن مواقع عملهم على نحو مؤسف ودون وجه حق.. فليكن الاعتذار لهذه الجموع والقدرات والكفاءات الوطنية التي تم التشكيك في نزاهتها، وباتوا غير متصلين بحياة تضمن لهم حقوقهم المشروعة في حياة يشعرون معها أنهم جزء فاعل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

لابل يكون شديد الاعتذار من وضعها في زمن اللادولة، ممن لايرى فيها وفي سكانها إلا قبيلة أيضا، ما أتاح له التصرف بحدود أملاكها وعقاراتها بإباحية مطلقة، مع حرمان أبنائها من هذا الحق.

فليعتذر لعدن وللجنوب من شرع سفك دماءنا، ووضع ساحة الجنوب موضع غنائم تم تنهاشها بنهم مريب، وليعتذر أيضا الساعون نحو طمس تاريخها ومعالمها ومن أجهضوا إمكانياتها الاقتصادية والاستثمارية ومنطقتها الحرة وميناءها العالمي ومطارها الجوي، ومن لايزالون يزيفون الحقائق موحين بأن عدن تعيش اليوم عهد تحولاتها وزمن اللبن والعسل وسط أنين الجياع وبؤس المعوزين وسعار اللاهثين وراء تحقيق أكبر المكاسب الذاتية جراء عملية الخلط المؤسفة التي وضعت فيها عدن والجنوب بصورة عامة.

نعم، فليعتذر الحزب الاشتراكي اليمني عن كل ما ارتكب بحق عدن والجنوب من مظالم كان أبلغها وأشدها إغفال حقوق الجنوبيين، ورسم مسارات تحديد مصيرهم خارج نطاق رأيهم، فليعتذر هذا الحزب الذي لم يعد يمثل الجنوب بأي حال، أعني يعتذر للحراك الجماهيري الواسع الذي لسان حاله عن الاشتراكي يقول: «ضيعني صغيرا وحملني دمه كبيرا» وفق قول الشاعر الجاهلي امرؤ القيس، ورغم يقيننا جراء كل ما سلف أن الاعتذار سواء من طرف الحزب الحاكم أم الاشتراكي لن يكون ذا نفع لأن ما ترتب على مظالم العهود الماضية أكبر وأبلغ وأنكأ، على امتداد الجنوب بصورة عامة وعدن خصوصا.

فأي اعتذار يمكن تقديمه لمدينة حمل تاريخها السماحة والعطاء، وكوفئت ببطش الباطشين ونهبهم ونهمهم وظلمهم، وصولا إلى حال مدينة بتلك المقومات والثراء أصبح أبناءها يحلمون بفرصة عمل هامشية يحصلون من عائدها على ما يسد الرمق، في حين يجري تداول عقارات أرضها المسلوبة بالملايين!

أخيرا.. فليستسمح عدن كل من يصطاد في الماء العكر باسمها.. فعدن ستظل نورس الجنوب وشمعته المضيئة، وفنار محيطها الأصيل هو كل هذا الطيف الإنساني الذي هذبته وأنسنته حتى غدا مكونها الحضاري محط اعتزاز وفخر الجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى