الاصطفاف الجنوبي في (الهاشمي).. أقوى من أزيز الرصاص

> أحمد عمر بن فريد:

> ليس ثمة ما هو أسوأ من الفشل إلا إنكاره, ولا يوجد أسوأ من تزييف الحقيقة ولي ذراعها إلا صاحب الفعل نفسه.. وفي مهرجان التسامح والتصالح والتضامن الجنوبي الذي نفذه أحرار الجنوب بكل إصرار وبسالة وروح متحضرة تكالبت عدة جهات في محاولات مستميتة منها لقلب الحقائق ومحاولة إخراجها إلى الآخرين بصورة مغايرة, واستخدمت من أجل إنجاح ذلك كل إمكانياتها المتاحة تحت تصرفها, ولكنها في آخر الأمر فشلت فشلا ذريعا.. وأضافت لنجاح الفعالية بفشلها الذريع هذا نجمة أخرى تألقت في سماء نجاح المهرجان الكبير برجاله.

لكن الأسوأ من كل هذا أن يتحول مراسل إعلامي يحمل رسالة وأمانة إعلامية (شريفة) إلى مجرد مخبر في جهاز أمني, ويقيني الشخصي أن هذا المراسل لم يكن في حقيقة الأمر إلا كذلك، حتى وإن ادعى أنه يحمل إرادة إعلامية ومهنية (حرة)!!.. حيث تمكن هذا (المخبر) من مغالطة نفسه فقط وقناته الفضائية لساعات قليلة, حينما ساق إليهم عبر الأثير مجموعة أكاذيب أكثر عددا من مجموعة الأعيرة النارية الحية التي استهدفت أرواح الأبرياء العزل في ساحة الهاشمي.

ذكر هذا الذي اختار أن يبيع شرف المهنة والضمير أن عدد الحاضرين في المهرجان لم يكن يتجاوز ألفي شخص فقط!! وأنهم قد أتوا من الجنوب ومن الشمال!! وأن البعض منهم قد استفز قوات الأمن المتواجدة في الساحة مما أدى إلى اضطرار (الحريصين منهم) على أرواح المواطنين أن يتخلوا عن هذا المبدأ (تحت الضغط) ليشرعوا في إطلاق الرصاص دفاعا عن النفس!!

هذا (المخبر الجديد) تمكن بخداعه أيضا من إخراج فيلم درامي قمعي، ادعى أنه طال كاميرته الخاصة التي كانت ستكشف كل زيفه لمرؤوسيه المخدوعين الذين أعتقد أنهم لن يتوانوا لحظة عن معاقبته بإرادتهم (الحرة) فيما لو تعرفوا على كم التظليل الذي ساقه إليهم عامدا متعمدا وفقا لرسالته الرئيسية البعيدة كل البعد عن المهنية الصحفية.. حيث حول (القضية الجنوبية) بكل عظمتها ومشروعيتها في الساعة الإخبارية لتلك القناة إلى قضية (الكاميرا) المكسورة.. زيفا!

ومن الزوايا المظلمة الأخرى التي ينبغي تسليط الضوء عليها وكشف حقيقتها المؤلمة زاوية أخرى تفيد بأن جميع (شهداء النضال الجنوبي السلمي) قد سقطوا بنيران جنود من الشمال.. وكذلك الحال بالنسبة للجرحى الذين مايزالون حتى اليوم يعانون الأمرين من نتائج إصاباتهم وتأثيراتها النفسية عليهم, ومن هذا المنطلق ينبغي للذين (لايخجلون) من تسويق تصريحاتهم (الوحدوية) أن يعوا هذه الحقيقة المرة علينا.. لأن دماء وأرواح الناس من أبناء الجنوب هي أغلى ألف مرة ومرة من (سور برلين) أو حتى سور الصين العظيم.

لكن في المقابل.. وإلى جانب هذه الزوايا المظلمة التي رافقت أحداث المهرجان من غير أهله الحقيقيين كانت إلى جوارها أيضا زوايا (منيرة - مشرقة).. تمثلت في تجسد روح نضالية كبيرة منقطعة النظير خيمت على أجواء المهرجان ككل, حيث تقاطر أبناء الجنوب من كل مديرية, ومن كل قرية, ومن كل جبل وسهل.. معلنين بصريح العبارة أن ماضيهم المؤلم قد انتهى وولى إلى غير رجعة, وأن خصوماتهم السابقة على مختلف أسبابها قد تبدلت إلى عرى ووشائج تسامح وتصالح وتضامن وروابط علاقات إنسانية وسياسية تحدد وترسم (خارطة طريق) سياسية للمستقبل الجنوبي.

ومن الزوايا المضيئة بقوة في هذا المهرجان وأحداثه تلك الروح الجماعية التي تجسدت في نقل الجرحى بالسرعة المطلوبة وفتح باب التبرع لعلاجهم (على الهواء مباشرة) بجانب المستشفيات, وكانت قمة الروح الجماعية قد تمثلت في كلمة الشيخ أحمد عبدالرحمن السيد الذي قال لجميع معزيه يوم أمس الأول (الإثنين): «إن الشهيد صالح أبوبكر السيد هو شهيد التسامح والتصالح الجنوبي.. وهو وأهله وعشيرته جزء لايتجزأ من الكل الجنوبي, وإنه يعتبر أن مصابهم الجلل هو مصاب الجميع وهم للجميع أيضا».

إذا.. من ساحة الهاشمي، ومن مهرجان التسامح والتصالح الجنوبي يمكن للسياسي (الحصيف) وحده أن يخرج بمجموعة حقائق (أكيدة).. وعلى أساسها عليه أن يستشف ما يمكن أن يقدمه (المستقبل السياسي) القريب, وعلى الذين لهم حسابات خاصة أن يتعرفوا تماما على تلك الحقائق، وأن يضعوها في الحسبان.. لأن تجاهلها ومحاولة القفز عليها سوف تعني أن لديهم حالة (عمى سياسي)، علما بأن اثنين من (البُصراء) كانوا قد تواجدوا وشاركوا في المهرجان الجنوبي بقلوبهم التي جعل الله بها نورا حقيقيا عوضا عن نور العيون التي فارقتهم يوما ما.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى