حوطة الفقيه علي بشبوة مدينة التجارة والمعمار:ماض مشرق بسوق تجاري رائج وبناء معماري يناطح السحاب ..الحوطة.. انعدام النظافة وقدم شبكة الكهرباء ومدينة تهددها السيول

> «الأيام» جمال شنيتر:

>
المدرسة الجديدة بلا سور
المدرسة الجديدة بلا سور
حوطة الفقيه علي بمديرية ميفعة محافظة شبوة واحدة من أشهر المدن اليمنية تاريخاً ومعماراً، وهي تنسب للفقيه علي بن محمد عمر الحبابي القرن المولود في القرن السابع الهجري والذي أسسها واختطها سنة 727هـ.

اشتهرت الحوطة بعمارتها الطينية (ناطحات السحاب) وسوقها التجاري القديم الذي كان أحد أشهر الأسواق التجارية اليمنية.

الحوطة.. المسكونة بالأمل تمد اليوم بصرها نحو الأفق البعيد متمنية أن يكون الغد رفيق آمالها التي زرعت عبر قرون مضت وتجذرت في أعماق التاريخ.

«الأيام» تتجول في حوطة الأمس واليوم لنقل صورة عنها لاسيما وأنها لم تجد أي اهتمام بموروثها الثقافي والمعماري وتعاني في الوقت نفسه شحة المشاريع التنموية.

البناء المعماري

ما إن تضع قدميك على أعتاب الحوطة حتى تأسرك تلك المباني الطينية الرائعة التي تناطح السحاب وترى الجبال تلتف حولها من جميع الاتجاهات.. عمارات طينية موغلة في القدم تظهر كقطع فنية معمارية تتجلى فيها عبقرية التصميم وعظمة الأجداد.

تجولت في أزقتها وأحيائها الموغلة في القدم حتى تخيلت نفسي أسير في أعماق الماضي، وطالما سمعت عن الحوطة وعن لطف أبنائها وعراقة مواطنها ومخزونها التاريخي والحضاري الذي يحمل في طياته كنوزاً من حضارة تليدة ما تزال شواهدها المنتشرة خير شاهد عليها.. نعم هذه الحوطة الإنسان والتاريخ والحضارة والثقافة وهذا سهلها الممتد على مرمى البصر، وهذه تلالها الجبلية في الأعلى تحتضن عماراتها الشاهقة.

السوق القديم

اشتهرت الحوطة قديماً بسوقها التجاري الذي يقع بجوار وادي عماقين الذي يمر فيها، وكان يعقد مولد الفقيه علي سنوياً، وتأتي إلى السوق القوافل التجارية من مختلف أنحاء اليمن فتعقد الصفقات التجارية والاتفاقات القبلية، وكانت البضائع التي تتوفر في السوق متنوعة مثل: الإبل، الأغنام، الأبقار، الحمير، التمور، الأسلحة، الحبوب وغيرها، ويفد إلى السوق الناس من كل حدب وصوب وخاصة من صنعاء، المكلا، الشحر، دوعن العوالق، همام، خليفة، لقموش، باعوضة، بابحر ونعمان وغيرها.

وتميز السوق بالأمن والأمان لكل من سكن فيها أو قدم إليها كزائر، وكان للحوطة منفذان (المرجم والمدعي) وإذا وصلت الوفود إلى الحوطة عبر هذين المنفذين أفرغوا أسلحتهم من الذخيرة لأنهم دخلوا ما كان يسمى (الحبط) فمن دخل حبط الحوطة كان آمناً وهكذا كان الاعتقاد لدى الناس فالحوطة محمية ببركة المشايخ.

خطر السيول

في العام 1996م تعرضت الحوطة لموجة سيول وفيضانات أدت إلى تدمير عدد من منازلها ومصرع أكثر من ثلاثين شخصاً وتشريد عشرات الأسر، ومازالت تعاني خطر السيول حتى اللحظة. وبهذا الصدد يقول الشيخ عبدالله أحمد محضار:«الحوطة بحاجة ملحة إلى دفاعات لحمايتها من خطر السيول فأصبحت المنطقة مشرفة على الوادي، ولهذا نناشد الأخوة المسؤولين بضرورة اعتماد دفاعات إضافية للمنطقة».

شبكة كهربائية قديمة

الأخ عبدالله أحمد باياسين مدير مشروع كهرباء الحوطة قال:«مشروع كهرباء الحوطة تأسس وبدأ العمل فيه عام 1980م كمشروع أهلي واستمر على هذا المنوال حتى عام 2003م عندما تحول إلى المؤسسة العامة للكهرباء ولكن المشكلة تكمن في أن الشبكة قديمة أي مر عليها سبعة وعشرون عاماً دون أن تجدد أو يتم صيانتها، والمشكلة الأخرى تكمن في أن الحوطة لم تربط بعد بكهرباء المحافظة بينما تم ربط مناطق أخرى ونحن نستغرب ونتساءل:لماذا لا يتم ربطنا بمشروع كهرباء المحافظة أسوة بالمناطق الأخرى خاصة وأن المنطقة فيها كثافة سكانية كبيرة.

الحوطة الجميلة أمامها أكوام من القمامة
الحوطة الجميلة أمامها أكوام من القمامة
انعدام النظافة

وحول النظافة يضيف الأخ باياسين: «تتكدس أكوام من القمامة في شوارع الحوطة بشكل لافت للنظر حيث لا توجد سيارة للنظافة ولا عمال نظافة وهذا أمر مؤسف فالحوطة مدينة كبيرة وسياحية متميزة بموروثها الثقافي والمعماري ولكن للأسف أكوام القمامة تشوه المنظر الجمالي للمدينة».

هموم تربوية

مدرسة الفاروق للتعليم الأساسي تقع في حي شعيب علي وهي إحدى المدارس الجديدة، التي يبلغ تلاميذها 379 تلميذاً بين ذكور وإناث حسب ما قاله لنا الأستاذ محمد ناصر اليزيدي الذي أردف قائلاً:«فتحنا أبواب المدرسة هذه السنة أمام التلاميذ بعد أن أنجزت وهي تشمل الصفوف الأولية من الأول إلى الثالث أساسي ولكن للأسف المدرسة لم تسور وهذا أمر يتطلب اهتمام السلطة المحلية ومكتب التربية، ومن المشاكل والهموم لدينا عدم ربط الكهرباء والمياه إلى المدرسة ونقص الأثاث المدرسي والمكتبي وكذا نقص كتب المواد الدراسية مثل كتب اللغة العربية والقرآن والإسلامية للصف الأول أساسي.

المجلس المحلي

الأخ تركي باشيبة عضو المجلس المحلي لمديرية ميفعة استعرض عدداً من الهموم والمنغصات لهذه المدينة حيث قال:«المعاناة لأبناء الحوطة وضواحيها تتشعب ويطول الحديث عنها ولكن من المطالب الأساسية فتح مكتب للأحوال المدنية في الحوطة وذلك لتسهيل عملية صرف بطائق الهوية وشهادات الميلاد وغيرها، وقد تابعنا الموضوع مع الجهات المختصة وتم اتخاذ قرار من المجلس المحلي بشأن اعتماد مندوب للأحوال المدينة في الحوطة ونحن نطالب بتنفيذ القرار».

وأضاف باشيبة:«كما نطالب بفتح قسم للشرطة في مدينتنا وذلك نظراً للكثافة السكانية الكبيرة في الحوطة وضواحيها وحرصاً على حفظ النظام والأمن والاستقرار وهذا مطلب كثير من المواطنين. مع العلم أنه كان يوجد قسم للشرطة».

واختتم الأخ تركي باشيبة بالقول:«هناك مشكلة الصرف الصحي حيث تعاني الحوطة من انتشار المستنقعات والمياه الآسنة في أرجائها ولهذا فإن هناك مشروعاً للصرف الصحي اعتمد من قبل الدولة ولدينا رسالة بتشكيل لجنة من أعضاء المجلس المحلي من أبناء الحوطة والشخصيات الاجتماعية والمشايخ والأعيان للمساعدة في إنجاحه والبحث عن موقع للمشروع ونرجو ألا يتعرقل المشروع وأن يتم إنجازه بأسرع وقت».

مدينة السلام

الحوطة مدينة تمتاز بالسلام الاجتماعي في أيامها الأول وهي الحضن الدافئ لكثير من الناس وعاش سكانها بمختلف طبقاتهم في وئام وسلام، وكان للعلماء والدعاة دور في ذلك.. وبهذا الصدد يقول الأخ الداعية عبدالله حسين بانجوه: «أدعو أولاً الناس إلى تقوى الله عز وجل ثم إصلاح ذات البيت، فالناس بحاجة إلى رجال عقلاء يأخذون بأيديهم ويزيلون الشحناء والبغضاء ويصلحون بين الناس، أما إذا كان الناس يعيشون في ثارات وخلافات وتناحرات فماذا تنفعهم المشاريع، وكذا أدعو ولاة الأمر الاهتمام بأحوال الناس ومشاكلهم والنظر إلى حاجاتهم، وأناشد وزارة الأوقاف الاهتمام بالمساجد وما يلقى على الناس من على المنابر فإن هناك من يستغل المنابر لأغراض شخصية».

إشارة

قبل أحد عشر عاماً وتحديداً عام 1997م كانت زيارتي الأولى للحوطة لإجراء استطلاع عنها وعن أحلامها وآلامها.. وعدت اليوم بعد عقد من الزمن فوجدتها وإن حققت بعضاً من أحلامها ألا أنها لا تزال تحلم بالكثير.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى