نعم.. للحقيقة وجه واحد

> أحمد عمر بن فريد:

> كشف مراسل قناة (الحرة), والعديد من وكالات الأنباء العربية والعالمية- بحسب كلامه- عن موقفه السياسي الواضح في معرض رده على مقالي السابق الذي تطرقت فيه لرسالته الإخبارية الخاصة بأحداث مهرجان التسامح والتصالح في ساحة الهاشمي في عدن, وفي يقيني أن هذا الموقف السياسي الذي يعتبر حقا من حقوقه الشخصية كان العامل المحدد لمضمون رسالته الإخبارية التي ساقها لقناة (الحرة), فوقع الخالد في المحظور.. حينما نسي أن شرف المهنة كان يقتضي التجرد التام عن القناعات السياسية والالتزام - فقط - بتقديم الحقيقة والحقيقة وحدها.

والحقيقة التي زعم أنه كان قد قدمها, وأنه يعشقها كانت بعيدة كل البعد عن مضمون رسالته التي تنطبق تماما في مضمونها ومحتواها مع مضمون أي تقرير رسمي يمكن ان يقدم (زيفا) لأي مسئول حكومي, ونحمد الله أنه لم يكمل حلقات الزيف في تقريره الإخباري ذاك الذي بثه يوم 13 يناير والذي استكمله في مقاله الذي نشرته جريدة «الأيام» يوم الأحد الماضي, وإلا لكانت الكارثة مركبة وكبيرة جدا, على اعتبار أن قناة (الحرة) قناة تصرف عليها الولايات المتحدة الأمريكية مليارات الدولارات من أجل كشف الحقيقة التي جعل لها مراسل الحرة أكثر من وجه.

قال الخالد إنني أكثر قمعية وعجرفة من السلطة!! ونسي أن (قمع الحقيقة) وعسفها ولي ذراعها, وتقديمها للعالم مبتورة, ومزيفة.. بل ومشوهة هو العمل (الأبشع) و(الأسوأ) على الإطلاق.. لأن مغالطة المشاهد، ومغالطة القناة ذاتها, ومغالطة مرؤسيه بحزمة من (الافتراءات) هو عمل أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه عمل يتنافى مع أخلاقيات المهنة الصحفية وحتى القيم الإنسانية, ومن أكبر المغالطات التي حاول أن يقنع نفسه بها, أن العدد الإجمالي للحشد الجماهيري في الهاشمي لم يكن ليتجاوز ألفي شخص فقط! في الوقت الذي قُدر فيه الحضور, من قبل مراسلين إخباريين لقنوات أخرى - وليس من قبلي - بعشرات الآلاف! فكيف يمكن إذا تفسير مثل هذا التباين الكبير في تقدير العدد الإجمالي بمعزل عن عدم حيادية المراسل وتعمده الواضح تزييف الحقيقة ولي ذراعها!.

ومن الافتراء أيضا القول إن التظاهرة السياسية التي خصصت لتثبيت قيم التسامح والتصالح الجنوبية كانت تتعلق بـ(قضايا معيشية) فقط! بينما الحقيقة أيضا كانت تقول إنها تظاهرة سياسية غير منفصلة عن بقية التظاهرات السياسية الجنوبية الأخرى التي ترتبط في الأساس بـ(قضية الجنوب).. القضية التي نهض من أجلها, ومن أجل فرضها على العالم جميع أبناء الجنوب في مختلف المحافظات الجنوبية بلا استثناء, وكان على الضمير المهني- بغض النظر عن الموقف السياسي- أن يذكر هذه الحقيقة مهما بدت غير مقنعة، أو حتى متناقضة مع قناعاته السياسية الأخرى.

وفي حقيقة الأمر.. أن (الحقيقة) التي قال الخالد إن لها وجها واحدا قد جعل لها عدة أوجه, فقد هاله كثيرا أن يتم الاعتداء على أصبع جندي واحد, في حين لم يفجعه أن يجعل هذا الجندي من أصابعه العشرة وسيلة بشرية قاتلة تطلق رصاص الموت على المتظاهرين العزل لتقتل شهيدين, وتنهش في عظام ولحم أكثر من عشرة جرحى في دقائق قليلة, وهنا يبرز لنا جزء من الحقيقة التي لها وجه واحد مشرق, وفحواها أن المواطن الأعزل لم يكن بمقدوره منطقيا مهاجمة أي جندي مدجج بالسلاح في تظاهرة سلمية صرفة, ما لم يكن هذا الجندي قد أثخن فيه الجراح وتمادى معه بالعنف.. مع تأكيدنا التام على رفضنا المطلق لمبدأ العنف من قبل أي جهة وتحت أي مبرر أو ذريعة كانت.. وكم أود على الزميل أن يسأل عن الحالة الصحية للمعتقل أحمد بن أحمد العبادي الذي ضرب بقسوة بأعقاب البنادق حتى أغمي عليه ولاتزال جراح رأسه مفتوحة- وليس أصبعه- بسجن شرطة الشيخ عثمان حتى يومنا هذا!

ومن الحقيقة أيضا أن الحراك الجنوبي الذي احتشد بعشرات الآلاف في ساحة الهاشمي, لم يكن جمهور (الفرزة) كما قال الخالد في مقاله, ونحمد الله أنه لم يقل هذه الكذبة في تقريره الإخباري إياه, لأن الحشد الذي حضر المهرجان كان قد أتى (عانيا معتنيا) من مختلف مناطق الجنوب من أجل المشاركة في هذه الفعالية تحديدا, وما هذا المهرجان الأخير إلا واحد من سلسة مهرجانات سابقة.. ولعل الزميل يعود بذاكرته لمهرجان 14 أكتوبر في ردفان, ويوم تشييع جثامين شهداء هذه المناسبة في لحج.. ليسأل ضميره إن كانت ساحة الحبيلين تقع هي الأخرى في (فرزة) سيارات أم لا!!

ومن الحقيقة التي نود أن نذكرها هنا أن قيادة الفعالية كانت حاضرة وقت إطلاق الرصاص, بل إن عددا من الجرحى سقطوا بالقرب من أماكن تواجدنا, ولايفصلنا عنهم سوى أقدام قليلة, وكنا مشاركين لهم في السراء وفي الضراء.. معجبين بعنائهم وتعبهم وهمومهم, كما أننا لسنا معنيين بأي انتخابات رسمية لكي نبرهن فيها لك على حجمنا في الساحة, فهذه مسألة لم تعد تعنينا بأي حال من الأحوال.

ونود في الختام أن نذكر بجزئية (ميكروسكوبية) وهي أن قائمة الوكالات الإعلامية التي تمثلها مجتمعة تعكس الكيفية التي ترون فيها أنفسكم (محتكرين) كل شئ في هذه الوحدة.. وباسم الوحدة التي تتغنى بها, في حين أن هذه الوطنية الوحدوية تتطلب منك أن تلتفت يمينا ويسارا للتعرف على عدد (الجنوبيين) الذين يتبوأون مهنة مراسلي قنوات فضائية أو ممثلي وكالات أنباء! مع علمنا التام بالكيفية (المهنية) التي يتم فيها انتقاء المراسلين.. مع عظيم تقديري لبعض المراسلين.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى