في ضوء (استغاثة عاجلة.. معالم عدن تُحتضر)..النقود أهم!

> فريد صحبي:

> طالعتنا «الأيام» في إحدى روائعها بالتقرير أو التحقيق الصحفي الذي أعدته الزميلة الأخت فردوس العلمي في 2008/2/7 تحت عنوان: (استغاثة عاجلة.. معالم عدن تحتضر).. حيث أشار التقرير إلى اجتماع عقده ممثلو الجمعيات والهيئات المختصة والشخصيات الاجتماعية في عدن، وكرس الاجتماع لمناقشة موضوع (جزيرة صيرة وقلعتها).

وفي ختام الاجتماع أصدر المشاركون بيانا جاء في مستهله- كما يقول التقرير الصحفي-: «تداعت في يوم الأربعاء الموافق 6 فبراير 2008 كل من الجمعية الجيولوجية اليمنية - عدن، الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار - عدن، نقابة المهندسين اليمنيين - عدن، جمعية حماية وصيانة الآثار والمعالم - عدن، الهيئة العامة لحماية البيئة - عدن، وشخصيات تخصصية أخرى في علوم الآثار والهندسة، الهيئة الإدارية للمجلس المحلي - صيرة، صندوق النظافة وتحسين المدينة - عدن، مكتب الآثار -عدن، ومكتب الأشغال العامة - صيرة».

وفي البيان أبدت تلك الجهات مخاوفها مما يحدث من أشغال في قلعة صيرة لاتمت بصلة إلى ما يجب الالتزام به من معايير فنية وعلمية في التعامل مع المواقع الأثرية وأساليب ترميمها وإعادة تأهيلها.. كما أن الاستمرار بهذا الشكل العشوائي سيؤدي إلى ضياع وطمس هذا الصرح، ومحو أثره من على وجه التاريخ كما يقول البيان.

هذا وقد خلص البيان في النهاية إلى التشديد على نقاط محدودة منها:

- الوقف الفوري للأعمال الجارية في جزيرة صيرة والمجلس التشريعي.

- وقف مشروع هدم بريد عدن الذي يعد معلما تاريخيا كأول مكتب بريد في شبه الجزيرة العربية، كما يحمل مشروع هدمه خطرا محدقا بمعلم تاريخي مهم إلى جانبه وهو (منارة عدن).

- إعلان عدن محمية تاريخية من قبل الدولة اليمنية، وفتح المجال للمنظمات الدولية لحمايتها واستثمارها، وإعادة توظيفها لصالح التنمية.

هذا ومع كل إعجابي واحترامي وتقديري لكل تصريحات وأقوال الإخوة الذين مثلوا الجهات التي تداعت للاجتماع، وأصدرت البيان، وأكثرهم ممن أعرفهم على المستوى الشخصي، وفي مقدمتهم الأخ خالد وهبي عقبة، مأمور مديرية صيرة، والأخ معروف إبراهيم عقبة رئيس الجمعية الجيولوجية، والأخت د. إسمهان العلس الأمين العام للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار في عدن، وكذا الأخ المهندس عمر خميس سكرتير نقابة المهندسين.. إلا أنني لا أنسى في النهاية الأخ ضرار عبدالله سبولة رئيس لجنة الخدمات بمديرية صيرة، الذي كان السبب في تحفيزي ودفعي لكتابة هذا المقال.

والآن ليسمح لي الإخوة المذكورين أعلاه أن أدلي بتصريحي وأقوالي في الموضوع، وبعد إذن «الأيام» على الأقل تلبية لاستغاثتهم العاجلة.

يا جماعة.. إن ما يجري اليوم لجبل صيرة الذي قضموه- مكان (الجدمة) واضح لكل ذي عينين- وما يجري اليوم لقلعة صيرة التي توشك أن تتهاوى.. هذا كله يا سادة ليس سوى نتيجة طبيعية لسكوتنا يوم تحطم جسر صيرة التاريخي.. ولسكوتنا يوم تحول شاطئ صيرة إلى أملاك خاصة.

ماذا بقي لعدن بعد أن باعوا شاطئ صيرة.. وحقات وأبو الوادي؟! أين الماء الأزرق.. والصياد الأسمر والزورق.. والموجات الصغيرة تقبل وتغسل الأقدام العارية ولاتلبث تتدحرج.. والرمل الأبيض؟!

أين الرمل الأبيض؟! حفنة من ذاك الرمل الأبيض تساوي أكثر من كل الدور والقصور والمنتجعات والملاهي والكازينوهات التي شيدوها وأقاموها في كل مكان في عدن!

ياسادة.. إذا كانت عدن هي (عين اليمن) كما قال التاريخ.. فإن شاطئ صيرة هو حدقة وبؤبؤ و(نني) هذه العين.. عين اليمن.. قولوا لي من يفقأ عين مدينة.. نحن فقأنا عيننا.. عيننا التي كنا بها نرى الدنيا والدنيا ترانا!

عزيزي ضرار عبدالله سبولة.. ها أنا أعود إليك.. قلت ياسيدي: «ضرورة توفير حراسة أمنية للحفاظ على المعالم الأثرية، لأن النبش الحاصل في الكثير من المواقع هو من أفراد ينتمون إلى الجهات الأمنية».. ثم أضفت: «يجب أن يكون هناك حراسات أمنية مؤتمنة للمعالم الأثرية، كما يتم توفير الحراسات في البنوك والمرافق الإدارية، لأن المعالم الأثرية هي أغلى قيمة من النقود».

لا ياسيدي.. بل النقود هي الأغلى والأهم من كل الآثار التي في كل الدنيا.. فيوم أن فقد الناس النقود فقدوا الإحساس بالحياة.. لم يعد للحياة أهمية ولا معنى.. انهارت بيوت وتحطمت أسر.. كيف لاتنهار الآثار؟! كيف لاتنهار قيم ومبادئ عندما يعض الجوع أحشاء الأطفال؟!.. الجوع كافر ياسيدي..!

إذا كان الناس لايكادون يحصلون على قوت يومهم.. أعياهم اللهاث وراء حقوقهم.. يكتوون بلهيب نار الأسعار.. يسعون وراء الراتب الضامر والوظيفة السراب كالمتسول وطالب الصدقة.. فهل يهمهم بعد ذلك أن ينهار تراث أو معلم أثري.. لتذهب الدنيا بمن فيها.. و(إذا متُ ضمآنا فلا نزل القطْر)!

عزيزي ضرار.. يوم كان الناس قد ألفوا العيش الطيب.. وتحصلوا على الوظيفة واللقمة النظيفة، وآمنهم ربهم من خوف.. يومذاك لا أحد كان يجرؤ أو حتى يفكر في الاعتداء على تاريخ شعب وتراث وآثار الآباء والأجداد!

عزيزي ضرار.. إن أردت حماية الآثار.. فلا تبحث عن رجال أمن مؤتمنين.. فربما لن تجدهم.. ابحث عن العدل والنظام والقانون!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى