وستبقي شبوة.. تعاني

> الشيخ علي محمد ثابت:

> تعرضت محافظات الجنوب منذ 7 يوليو 94م لسياسة ممنهجة تختلف أجندتها وأدواتها ووسائلها باختلاف طبيعة التركيبة الاجتماعية والاقتصادية لكل محافظة، بهدف إذلال هذه المحافظات لإرادة السلطة.. المنتصرة بالحرب على وحدة الشراكة الوطنية المعلنة في 22 مايو 1990م، التي تحولت إلى وحدة الغالب والمغلوب، وقد واجهت محافظة شبوة منذ الأيام الأولى لانتصارهم، عملية إزاحة للكادر القيادي، وإضعافاً للإدارة المحلية.. وتغييباً متعمداً لسلطة القانون، وإشاعة العنف في حياة المجتمع، بترك قضايا المجتمع والأرض وغيرها بدون حلول، تتحول إلى بؤر صراع وعنف قبلي بهدف إعادة المجتمع المدني الناشئ إلى جذورة القبلية بموروثاتها المتخلفة، لتمزيق وحدة النسيح الاجتماعي.

ومن الجانب الآخر واجهت المحافظة إهمالاًً لا مثيل له لأولويات التنمية الأساسية المستحقة لأبناء هذه المحافظة من مشاريع المياه.. والكهرباء.. وشبكة الطرق والاتصالات.. وتمَّ إبقاؤها أصقاعاً محرومة من الخدمات ومعزولة عن بعضها من المديريات، وعن المحافظات المجاورة كمحافظة كبرى تتعدى مساحتها ثمانين ألف كيلو متر مربع وسكانها يربو تعدادهم الحقيقي على ثلاثة أرباع المليون، ولندلل على حالة الحرمان فإن سبع مديريات لا تعرف الكهرباء، وأن ما ينتج من الطاقة التي لدى محطات تملكها المحافظة والمستأجرة لا يتعدى ثمانية ميجاوات، وهي أقل محافظة على الإطلاق. وفي مجال المياه لا تزل ثماني مديريات تعتمد على الكرفان، وعلى نقل المياه في بعضها من الآبار الموسمية، وتنقل المياه إلى منازلها بوسائل بدائية.. وتمثل معاناة يومية لأسرها، ولا تمتلك المحافظة أي مشروع استراتيجي للمياه ولا حتى دراسات لحل إشكالية مياه الشرب في المحافظة سواء مشاريع أهلية صغيرة في بقية المديريات.. وفي مجال الطرقات فإن مشاريع الطرق ربط المحافظة بوادي حضرموت ومحافظة البيضاء.. ومديرية مودية (أبين).. متعثرة ومرحّلة طول السنوات الماضية.. أما شبكة الطرق الداخلية لربط المديريات بعاصمة المحافظة، فلم ينجز شيء، ولا تزال ثماني مديريات لا تعرف إلا الدروب الوعرة والعقبات المخيفة، وهي مديرية دهر وعرما والطلح ومرخمة العليا وحطيب وهدى وخورة. ورفض عدس.. وهي غالباً مديريات تتشارك في الحرمان التام من الخدمات، كما أن نصف المحافظة لايزال خارج التغطية للشبكة الأرضية للاتصالات. وخلاصة القول إن ما تعتمده السلطة لمواجهة متطلبات التنمية لتلبية الحاجة الإنسانية الملحة.. للطريق.. المياه.. الكهرباء.. الاتصالات وغيرها لأبناء محافظة شبوة، لا يتعدى المليار ريال سنوياً وأغلبها يوجه لبناء إدارات فارهة.. وقاعات.. وأحواش.. كما أن نصيب محافظة أخرى.. كأمانة العاصمة من الموازنة الاستثمارية للدولة يتجاوز الستين مليار ريال تنفق في ألعاب ومشاريع ترفيه دون مراعاة للأولويات الإنسانية للتنمية في شبوة.

وبمضي السنوات تراكمت الاستحقاقات وزادت المعاناة في ظل تسلط يصادر المساواة في المواطنة وفي فرص العمل، ويستبعد أي مشاركة حقيقية في السلطة المحلية، ويفرض مركزية مطلقة لكل شيء..موازاد الأمور سوءاً هو أنه في ظل تدفق الثروات من النفط والغاز في المحافظة، لم تعط لأبناء المحافظة أي فرص تذكر في العمالة والتأهيل للكادر التقني والاستثمارات في الخدمات المختلفة ولا نسبة من الإنتاج لمواجهة الاحتياجات للمحافظة وهو ما عمق الغبن لدى أبنا محافظة شبوة، كغيرهم من أبناء محافظات الجنوب من نهج الإقصاء، والحرمان من الحقوق الطبيعية لهم في محافظاتهم.

وللبحث عن حلول للقضايا المستعصية التي أنتجاتها السياسات الخاطئة في المحافظة، سعى وفد من المشايخ والأعيان للقاء بقمة السلطة.. ومنهم من لا يزال يراهن على الوعود أو الذين يريدون الوصول إلى نهاية الشوط مع السلطة. وطرحت القضايا بجدية وبتحديد لحق المحافظة الطبيعي في حصة من الثروة، لتنمية مناطقها المحرومة، وحقها في فرص العمل، والخدمات والتأهيل لأبنائها في مجالات الثروات لمستخرجة، والحاجة إلى سلطة محلية حقيقية منتخبة من المحافظ إلى المدير العام من أبناء المحافظة.. ونبذ الفساد والتسلط والفتن... في العلاقة مع المحافظة وقضاياها، وسائر قضايا محافظات الجنوب، إلا أنهم واجهوا تمترس السلطة عند سياساتها المخلة بالتوازن الوطني بكل تفاصيلها وأجندتها، التي لا تساعد على حل قضايا المحافظة، والتي دأبت على التعامل مع القيادات والرموز الاجتماعية، وفقا لقاعدة..«اتبع..واشبع» التي تريد تلك الرموز أن تمثل مناطقها في السلطة شكلاً، وتبيع لمواطنيها الوهم والوعود في الحملات الانتخابية، دون أن تقدم لهم إلا الأكاذيب.. وهو دور بات مكشوفاً، ولا يحل قضايا المجتمع في أي مكان.

وتبين أن قضايا المحافظة لن تحلها تلك السياسات، ولا وفود السلطة من رئيس وزراء ووزراء لا يملكون صلاحيات لوضع أسس عمل صحيحة لبناء العلاقة المثلى، تنبذ السياسات الخاطئة في المحافظة ونتائجها، ولا صلاحيات مالية لاعتماد مشاريع استثنائية لمواجهة التأخر الكبير للمحافظة في مجال مشاريع البنية الأساسية، لتشمل كافة المديريات المحرومة، ولإعادة هيكلة قطاع النفط والغاز لإعطاء الأولوية لأبناء المحافظة، وحسن النوايا لا يحل قضية وستبقى شبوة تعاني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى