جِرَابُ الحاوي

> برهان أحمد إبراهيم:

> جِرَابُ الحاوي، لايخلو من العجب.. يببع الوهم، ويغيّر حقيقة الأشياء.. جراب فوق العادة.. فيه من لاشيء كلّ شيء، من المناديل الزاهية الألوان إلى الأرنب والبيضة والحمام.

ولاتختلف حكومتنا عن جراب الحاوي في شيء، فهي تبيع الوهم وتغير حقيقة الشيء، تأخذ منك العمر نظير السراب الذي يروج له جرابها المليء بما لذ وطاب من الإنجازات التنموية و(..التطورات المتسارعة..!). كيف.. وأين.. ومتى؟ لا ندري!، فشواهد الواقع ومعطياته تقول غير ما يقوله سعادة جراب الحكومة (معيشيا.. صحيا .. تعليميا.. إداريا .. إلخ).. تردٍ تجذر في أعماق البلاد، واستولى على كيانها، بفعل أيدي العبث والإفساد التي أوصلت البلاد إلى حالة البؤس والفوضى والتشوه الكلي، ليصدق عليها قول (بشار بن برد):

تالله مافي البلاد شيء

تأسى على فقده العيون

غير أن الشيء المؤكد الذي يُستخلص من جراب الحكومة، هو أن أجهزة الدولة ماتزال غائبة في برجها العاجي ومزاجها المخملي، بعيدا عن الهموم والمشاكل والأزمات.. آمنة غارقة في سباتها الدائم، وكأن أمر البلاد والعباد لايعنيها في شيء، ولم تعد لها وظيفة تجاه شعبها، سوى عرض خُدَع جرابها المتخم بالألاعيب، والتغني بأوهام المنجزات التي نعلمها سماعا من إعلامها البائس فقط.. ولأن الكلام ليس عليه جمارك، نسمع منها العجب، عما شهدته اليمن من تقدم في (.. التنمية الاقتصادية والاجتماعية.. وفي مجالات التنمية البشرية..) في الوقت الذي تشير فيه تقارير المنظمات الدولية إلى أن اليمن قابعة في قاع قائمة التنمية البشرية..!!

آخر ما أتحفنا به جراب حكومتنا الرشيدة، أنها تمكنت من خفض نسبة الفقر، تحت خط الفقر الأعلى من 42% إلى 35% في الريف، وإلى 20% في المدن !.. وليس إلى الشك سبيل، في أن الحكومة لم تقصد من تصريحاتها العجيبة، سوى إرضاء السادة المانحين («شركاء التنمية» حسب التوصيف الجرابي)، وإيهامهم أنها قد أنجزت ما تم الاتفاق عليه، طمعا في نيل المزيد من دعمهم السخي، وهذا هو بيت القصيد من تصريحات الحكومة! أما غير ذلك، لكانت الحكومة تعاني حقا من ضعف وتوقف قوتها الذهنية (الزهايمر)، ولكانت تثير حفيظة شعبها الطيب، المؤمن بقضاء الله وقدره، وتستعديه بتصريحاتها المستفزة.. ولأن بعض الظن إثم فلن نظن أن جنون العظمة قد بلغ بالحكومة هذا الحد من الزيف واستغباء الآخرين، والذي لايمكن وصفه بغير الهراء والعبث المدمر الدال على انهيارها وظيفيا وأخلاقيا.. فالواقع المعاش، بعمقه وأبعاده نقيض تصريحات الحكومة.. فمثلا تشير معدلات وفيات الأمهات والأطفال إلى أن اليمن هي الأعلى عالميا، بسبب تردي الخدمات الصحية، وبسبب تصاعد نسب ومعدلات الفقر الذي يعتصر مدنها وقراها، ساحقا الشعب الذي لاهم له سوى لقمة عيشه فقط.

ويكفي أن نعلم أن أكثر من 75% من الشعب مايزالون أميين.. وأن أكثر من 40% من أطفال اليمن خارج أسوار المدارس أميون، لا مستقبل أمامهم، ولا غاية لديهم سوى البحث المرير عن لقمة العيش، لندرك حجم مأساة اليمن، في ظل أوهام جراب الحاوي!!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى