> د. محمد علي يحيى:
«النظام القانوني والقضائي في عدن والمحميات واتحاد إمارات الجنوب العربي 1967-1839م» كتاب صادر عن مكتبة الصادق بصنعاء 2008م لمؤلفه الدكتور يحيى قاسم علي سهل. يعد بحق كما وصفه الأستاذ الصحفي الرائع نجيب اليابلي سفراً في تاريخ التشريعات اليمنية، جمع بين أسلوب الدراسة الممهدة والتوثيق، إذ حوى مواد قانونية وتشريعية وقرارات منظمة واسعة وثرية تفتح آفاق البحث العلمي للباحثين في الدراسات المتخصصة، وتضيء دروب كثير من الدراسات التاريخية والفكرية والسياسية.وهذا السفر -لاشك- حصيلة بحث مضن، وصبر ومثابرة وتواصل دؤوب لمؤلفه مع الخيرين الذين لم يبخلوا عليه بما بين أيديهم من المحفوظات والوثائق، وهم من رجال القانون والتاريخ ومن المهتمين بالشؤون السياسية والثقافية، ولم يغمط الباحث جهودهم فأهداهم في مقدمة كتابه آيات الشكر والثناء والعرفان.
والمؤلف بعمله هذا يرفد المكتبة القانونية اليمنية بمادة قيمة، تعيد الاعتبار لمرحلة من تاريخ اليمن الحديث، صودرت منجزات رجالاتها بمبررات سياسية ضيقة، وتنتصر للحاضر وللأجيال القادمة وللبحث العلمي الموضوعي، ليخرجنا من نفق الإلغاء والمصادرة.
وفضلا عن أن الكتاب يجلو ما كانت عليه الحياة في تلك المرحلة من مشاغل وشؤون في أمور الإدارة والحكم والتنظيم لأمور الحياة المختلفة، فإنه ينبئ بمستوى تطور الفكر السياسي والحقوقي والاجتماعي والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية. إنه يقدم لنا صورة منضبطة لمنظومة العلاقات والمعاملات القانونية المرتبطة بقضايا، مازال امتداد بعضها قائماً حتى اليوم، لاسيما في مجال علاقات الأراضي الزراعية ومصطلحاتها ونظام المحاكم والتوثيق، بما ينور القضاة بطبيعة العلاقات التي كانت قائمة في المحافظات الجنوبية قبل الاستقلال، فقد عانت المحاكم من اختلاف فهم القضاة، ولاسيما القادمين من المحافظات الشمالية لأشكال العلاقات الزراعية، فاجتهد بعضهم في فهمها بتفسيرها قياساً على ما عرفه من علاقات الأرض في محافظاتهم.
وتعكس محتويات الكتاب مؤثرات الهيمنة البريطانية، والارتباط بإدارة بومبي في حياة عدن (المستعمرة) وآمال الكيانات السياسية في محميات عدن الشرقية والغربية وطموحات زعاماتها، وتباين مستوى تطور تلك الكيانات واختلاف آفاق حياتها التشريعية.
فمع أننا نجدها تلتقي في التشريع لشؤون إدارة الحكم -وإن باتجاهات مختلفة- وفي تنظيم الضرائب وشؤون المحاكم والقضاء، فإنها تفترق في التفات المشرع القعيطي كثيراً إلى تنظيم النشاط التجاري، والتفات المشرعين الفضلي واللحجي إلى علاقات الأرض الزراعية.
وقد تميزت الحياة التشريعية في السلطنة القعيطية بحركية المراجعات القانونية، والقوانين المعدلة. وقاد تطور الحياة في حضرموت المشرعين القعيطي والكثيري إلى تشريع قوانين الجوازات والإقامة والجنسية، وإلى الاهتمام بإصدار قوانين لحفظ العاديات (الآثار)، وبدا طريفاً وخاصاً أن يخص المشرع القعيطي القبائل بمحاكم خاصة، وأن يصدر قانونا خاصاً يسميه (لائحة العيد لسنة 1357هـ) في حين التفت المشرع الفضلي مبكراً إلى شؤون حماية البيئة حين أصدر عام 1953م قانوناً لحماية الحيوانات والطيور.
لقد أشار المؤلف إلى منهجه في الوقوف أمام هذا العدد الكبير من القوانين والتشريعات وإلى الصعوبات التي واجهته، مدركا أن مشروعه مازال دون غايته، فقد خلا من ذكر تشريعات سلطنات يافع والعواذل والعوالق والواحدي وإماراتي الضالع وبيحان وغيرهما من المشيخات الأخرى. وذلك ليس خللاً في هذا العمل الموسوعي، ولاينقص من جلاله شيئاً، إذا عرفنا أن الباحث لم يألُ جهداً في البحث عن مواد موضوعه على وفق إماكاناته الشخصية، وهو مايزال يصرخ داعياً من لديه شيء أن يمده به. ونحن نعلم أن عوامل النقص مرجعها هو إخفاء أو اختفاء كثير من وثائق تلك المرحلة نتيجة لعوامل سياسية قيمت تلك المرحلة بمنظور معاد للنظام بعد الاستقلال. فضلاً عن غياب مراكز التوثيق والمحفوظات وغياب دور الهيئات والمؤسسات في دعم البحث العلمي والتاريخي.
ختاماً أعتذر لزملائي أهل الاختصاص أن أكتب متطفلاً عن كتاب مفعم باختصاصيته، فلهم وللقراء الأعزاء أن يصفحوا لي هذا التطفل الذي ما كنت لأنساق إليه لولا أن مؤلفه آثرني على نفسه، حين راح ينسب لي بعث الروح في كتابه هذا، ولا أراه إلا كريماً يستحق كل الوفاء.
والمؤلف بعمله هذا يرفد المكتبة القانونية اليمنية بمادة قيمة، تعيد الاعتبار لمرحلة من تاريخ اليمن الحديث، صودرت منجزات رجالاتها بمبررات سياسية ضيقة، وتنتصر للحاضر وللأجيال القادمة وللبحث العلمي الموضوعي، ليخرجنا من نفق الإلغاء والمصادرة.
وفضلا عن أن الكتاب يجلو ما كانت عليه الحياة في تلك المرحلة من مشاغل وشؤون في أمور الإدارة والحكم والتنظيم لأمور الحياة المختلفة، فإنه ينبئ بمستوى تطور الفكر السياسي والحقوقي والاجتماعي والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية. إنه يقدم لنا صورة منضبطة لمنظومة العلاقات والمعاملات القانونية المرتبطة بقضايا، مازال امتداد بعضها قائماً حتى اليوم، لاسيما في مجال علاقات الأراضي الزراعية ومصطلحاتها ونظام المحاكم والتوثيق، بما ينور القضاة بطبيعة العلاقات التي كانت قائمة في المحافظات الجنوبية قبل الاستقلال، فقد عانت المحاكم من اختلاف فهم القضاة، ولاسيما القادمين من المحافظات الشمالية لأشكال العلاقات الزراعية، فاجتهد بعضهم في فهمها بتفسيرها قياساً على ما عرفه من علاقات الأرض في محافظاتهم.
وتعكس محتويات الكتاب مؤثرات الهيمنة البريطانية، والارتباط بإدارة بومبي في حياة عدن (المستعمرة) وآمال الكيانات السياسية في محميات عدن الشرقية والغربية وطموحات زعاماتها، وتباين مستوى تطور تلك الكيانات واختلاف آفاق حياتها التشريعية.
فمع أننا نجدها تلتقي في التشريع لشؤون إدارة الحكم -وإن باتجاهات مختلفة- وفي تنظيم الضرائب وشؤون المحاكم والقضاء، فإنها تفترق في التفات المشرع القعيطي كثيراً إلى تنظيم النشاط التجاري، والتفات المشرعين الفضلي واللحجي إلى علاقات الأرض الزراعية.
وقد تميزت الحياة التشريعية في السلطنة القعيطية بحركية المراجعات القانونية، والقوانين المعدلة. وقاد تطور الحياة في حضرموت المشرعين القعيطي والكثيري إلى تشريع قوانين الجوازات والإقامة والجنسية، وإلى الاهتمام بإصدار قوانين لحفظ العاديات (الآثار)، وبدا طريفاً وخاصاً أن يخص المشرع القعيطي القبائل بمحاكم خاصة، وأن يصدر قانونا خاصاً يسميه (لائحة العيد لسنة 1357هـ) في حين التفت المشرع الفضلي مبكراً إلى شؤون حماية البيئة حين أصدر عام 1953م قانوناً لحماية الحيوانات والطيور.
لقد أشار المؤلف إلى منهجه في الوقوف أمام هذا العدد الكبير من القوانين والتشريعات وإلى الصعوبات التي واجهته، مدركا أن مشروعه مازال دون غايته، فقد خلا من ذكر تشريعات سلطنات يافع والعواذل والعوالق والواحدي وإماراتي الضالع وبيحان وغيرهما من المشيخات الأخرى. وذلك ليس خللاً في هذا العمل الموسوعي، ولاينقص من جلاله شيئاً، إذا عرفنا أن الباحث لم يألُ جهداً في البحث عن مواد موضوعه على وفق إماكاناته الشخصية، وهو مايزال يصرخ داعياً من لديه شيء أن يمده به. ونحن نعلم أن عوامل النقص مرجعها هو إخفاء أو اختفاء كثير من وثائق تلك المرحلة نتيجة لعوامل سياسية قيمت تلك المرحلة بمنظور معاد للنظام بعد الاستقلال. فضلاً عن غياب مراكز التوثيق والمحفوظات وغياب دور الهيئات والمؤسسات في دعم البحث العلمي والتاريخي.
ختاماً أعتذر لزملائي أهل الاختصاص أن أكتب متطفلاً عن كتاب مفعم باختصاصيته، فلهم وللقراء الأعزاء أن يصفحوا لي هذا التطفل الذي ما كنت لأنساق إليه لولا أن مؤلفه آثرني على نفسه، حين راح ينسب لي بعث الروح في كتابه هذا، ولا أراه إلا كريماً يستحق كل الوفاء.