> عبدالواحد عبدالله:

مع إطلاق صحافة الإنترنت قبل عامين، كانت المواقع تمشي على عكاز، ومع توسع الحراك السلمي في المحافظات الجنوبية انطلقت الكثير من المواقع تعبر عن رأيها بصراحة وشفافية، فمارست وزارة الاتصالات دور الرقيب وحجبت الكثير من المواقع خاصة خارج اليمن.

غير أن خطوة جديدة جديرة بالتناول تمثل انقلابا في مفهوم الصحافة الإلكترونية في اليمن بدأت مع موقع (يمن بورتال) للزميل وليد السقاف مدير محرك البحث بتبني حملة مقاومة حجب المواقع على الإنترنت، فبعد إغلاق الموقع في منتصف يناير 2008م أنشأ موقعا ضد التكميم وحجب المواقع وحرية الكلمة ووجوب المقاومة، جمع فيها أهم المواقع المحجوبة في اليمن وخارجه.

وقد أغلقت الوزارة الموقع مساء السبت الماضي، وبعد أقل من نصف ساعة تم تشغيل الرابط البديل باستلام عدد كبير من المتصفحين عنوان الرابط الجديد عبر البريد الإلكتروني الذي تم تسجيله في الموقع.

وهذا كر وفر بين الطامحين للتعبير عن رأيهم بشفافية مطلقة وبين وزارة ترعى مصالح دولة في العالم الافتراضي لاتستطيع أن تنافس في مجال الكلمة بالحجة والبيان والسبق الصحفي.

فالمواقع الحكومية جامدة تنشر فتذكر المتصفح والقراء بالعهد الشمولي لابنفس الديمقراطية الناشئة التي يفترض أن تمارسها الدولة، فتغيب عن مواقعها الصراحة والمصداقية حول الأحداث التي تقع، ما يدفع الآلاف من المتصفحين للجوء إلى المواقع المحجوبة والمتاحة اليوم للاستزادة من معلوماتها بتجرد وعفوية.

والحقيقة أن يمن بورتال حين نشأ في البداية بدأ كنسخة مصغرة لما يعرف بمحرك بحث الأخبار في جوجل، فجمع معظم المواقع الحكومية والصحف الأهلية والحزبية، وكان يرحب بانضمام المواقع عبر إعلان يومي، ومن المفترض تبني مثل هذه المواقع، لأنها فاتحة خير على تطور ونشوء الصحافة الإلكترونية، بدل غلقها، ماجعلها أكثر رغبة في التعبير عن رأيها.

ويعبر الموقع «بأن يمن بورتال محرك بحث، وليس مصدرا للمواد المعروضة فيه التي لاتعبر عن موقف المحرك، ولايتحمل مسئوليتها!»، ومع ذلك أقفل.

ولأن صحافة الإنترنت قادمة من العالم الغربي فهي تشترط الانفتاح على الآخر، مجسدة لمبادئ الديمقراطية فيها. وبات من الصعوبة بمكان مصادرة رأي فيها لأن البدائل باتت كثيرة ومعروفة لمن يتعامل مع الشبكة العنكبوتية.

وفي حين كسرت المنتديات والمدونات حاجز الخوف، تبقى جهود مكافحة تطور الصحافة الإلكترونية مهددة بالفشل، لأن العالم الإلكتروني يتطور كل يوم.

والخشية من هذا التطور لايبرره عاقل، فالمعلومات ستصل، أما محاربته فيعني الوصول لقرار مقيت هو الاستغناء عن العالم الافتراضي في البلاد، وهذا مستحيل لأن العالم (قرية).

ويبرز هنا سؤال: إن كانت الدولة تخشى الآن المواقع، وهي قليلة نظرا للأمية المتفشية عموما، وعدم القدرة على شراء الحاسوب عند كثير من المواطنين، وتعمدها إبطاء الخدمة، فكيف ستصنع حين يكبر العدد؟!.

الدولة تخشى الكتابات الكثيرة حول القضية الجنوبية، وهي تريدنا ألا نعيرها أي اهتمام، إذ تعتبر الحراك الجماهيري السلمي الواسع مجرد تعبير عن الرأي.. لامعاناة أمة!.