منظمات المجتمع المدني وموقف السلطة منها ومن الديمقراطية

> محمد عبدالله باشراحيل :

> منظمات المجتمع المدني مثل الجمعيات الخيرية وجمعيات المتقاعدين وما شابهها التي تعرف «بأنها كيان يؤسس طوعيا من قبل أشخاص وليس الغرض منه تحقيق الأرباح، بل يهدف إلى تحقيق منفعة عامة، في أي منحى من مناحي الحياة، أو لحماية حق دستوري أو قانوني أو إنساني دون أن يهدف الوصول إلى السلطة» هذا التعريف مقتبس من مشروع قانون منظمات المجتمع المدني الذي أعدته الهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود)، والذي تنص المادة (6) منه على «تتمتع منظمات المجتمع المدني بالاستقلالية التامة في التأسيس والنشاط وتكفل الدولة رعايتها وتحفيز المواطنين لممارسة حقهم الدستوري في تأسيسها والانضمام إليها»، كما نصت المادة (7) منه على «تمتنع الدولة عن القيام بأي أنشطة أو فعاليات تستهدف الإساءة لمنظمات المجتمع المدني أو تشويه صورتها أو الحد من دورها أو عرقلة أنشطتها»، وذهب مشروع القانون هذا إلى مساحة أوسع في الحرية والديمقراطية في المادة (12) منه التي نصت على «تكتسب منظمات المجتمع المدني الشخصية المعنوية بمجرد التوقيع على عقد تأسيسها أو بإشهارها من قبل مؤسسها أو عقد مؤتمرها التأسيسي وفقا لعقد أو نظام تأسيسها».

وفي الحقيقة لاتكمن المشكلة في إصدار القوانين، فهناك الكثير من القوانين الجيدة، ولكن المشكلة تكمن في تنفيذها، خاصة إذا كان المتضرر منها المتنفذون في السلطة من أبناء القبيلة، فالمفسدون يعيثون في الأرض فسادا، وقانون محاربة الفساد على سبيل المثال مطروح على الرف للزينة ولأغراض ديكورية، كما هو حال قوانين أخرى، لأنها إذا ما طبقت فإنها ستطال المتنفذين في السلطة أولا قبل غيرهم، أضف إلى ذلك التجاوزات والخروقات القانونية التي ارتكبتها السلطة في الانتخابات الرئاسية والمحلية الأخيرة، وهذا ما أكده التقرير النهائي لبعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة انتخابات اليمن 2006م، حيث ورد في الصفحة الأولى منه ما نصه «إن عملية النتائج فقدت مصداقيتها، ولم يكن بالإمكان الثقة في دقة النتائج النهائية، وتم استخدام موارد الدولة بشكل غير عادل من قبل أصحاب المناصب.. إلخ» وأيضا ما حصل يوم 2008/1/31 بقاعة الاجتماعات في إدارة محافظة عدن عندما تدخلت السلطة وبشكل سافر في اجتماع انتخاب الهيئة الإدارية لجمعية المتقاعدين بعدن لإفشاله، عندما لاحظت أن النتائج لن تكون في صالح جماعتها، ولجأت إلى قطع التيار الكهربائي وإيقاف المايكروفونات والإضاءة والتكييف، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ المتقاعدين المجتمعين قرارا بتأجيل الاجتماع وتكليف لجنة تحضرية لعقد الاجتماع الثاني، ولن تقف السلطة هنا، فعند انعقاد الاجتماع الثاني يوم 2008/2/14 في إحدى القاعات التي تمَّ استئجارها أصدرت أمرا من الأمن العام بإغلاقها ذلك اليوم، مما اضطر جموع المتقاعدين إلى عقد اجتماعاتهم في الحديقة بجوار القاعة، وانتخبوا هيئة إدارية لجمعيتهم التي لم تعترف بها السلطة.

المهم أن السلطة في هذه البلاد تسيرها العقلية القبلية التي تنطلق من مبدأ الهيمنة والسطو، وإظهار القوة والمكابرة وعدم القبول بسقوط مرشحيها في أي انتخابات كانت رئاسية أم محلية أم حتى منظمات المجتمع المدني، فهذا لايدخل ضمن ثقافتها، والديمقراطية مجرد شعار للعرض ترفض نتائجها إذا كانت في غير صالحها.

الخلاصة أن السلطة تفتقد إلى المصداقية في تنفيذ قوانينها وبرامجها الانتخابية ووعودها، وتنطلق من فكر قبلي عاف عليه الزمن، وأن الصراع سيظل دائما مستمرا وقائما بين نظام الدولة ونظام القبيلة العتيق، وبين الديمقراطية والدكتاتورية وبين حق الجنوب وباطل السلطة، والله سبحانه وتعالى اسمه الحق، ولابد في النهاية أن ينتصر الحق لا محال!.

* كبير خبرا سابق بالأسكوا الأمم المتحدة

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى