لماذا لانتعلم من درس الوحدة الألمانية..؟!

> علي الذرحاني:

> ذكر المفكر الإسلامي وعالم الفلك المعروف البروفيسور زغلول النجار في أحد البرامج الحوارية لقناة (اقرأ) «أن ألمانيا الغربية خسرت ملايين الدولارات أو اليوروات من أجل رفع مستوى ألمانيا الشرقية من أول يوم تم فيه توحيد شطري ألمانيا وإزالة جدار برلين». فما أحوجنا اليوم إلى أن نتعلم من درس وتجربة الوحدة الألمانية التي تمت بهدوء وبلا ضجيج، ولم تسفك فيها قطرة دم، ولم تشهد احتجاجات ولا اعتصامات ولا مظاهرات في أي منطقة شرقية كانت أم غربية، ولم نسمع عن حدوث قلاقل أو تفاقم مشاكل، أو تراكم قضايا أو شكاوى أو تظلمات كما حدث عندنا.

ولماذا لا نستوعب درس هذه الوحدة، ونتتبع مراحلها خطوة بخطوة، منذ أن بدأت بتوحيد (العملة) مصدر الرزق ورمز الاقتصاد والمعيشة ولغة التعامل والتعايش وتبادل المصالح بين الناس.

أليس من العيب عدم الاستفادة من تجربتهم، والاقتباس من خططهم وبرامجهم، بما يتوافق مع مصالحنا، ولا يتعارض مع ظروفنا وهويتنا وخصوصيتنا..؟!.

لماذا لانتابع خطواتهم الوحدوية والاندماجية في كافة المجالات، خاصة في الاقتصاد أو السياسة أو الشؤون الاجتماعية والعمل أو التعليم أو الصناعة أو الصحة أو في حقوق الإنسان والحريات العامة، أو في رعاية الطفولة والمسنين أو المتقاعدين أو المهمشين أو العاطلين عن العمل، أوفي العلاقة بين السلطة والمعارضة وكافة أطياف المجتمع.

إن من الخطأ والعيب أن تأخذنا العزة بالإثم، وأن نكابر ولانستفيد من تجربة هذه الدولة الغربية المتقدمة والمتطورة القوية والواثقة الخطى!.

ولكن ماذا لو مشي الألمان على هدي طريقة وحدتنا؟ هل كانوا سيصلون إلى ما وصلت إليه أوضاعنا المتردية في الوقت الراهن؟!.

ربما سيصلون إلى النتيجة نفسها التي وصلنا إليها، ولو أنهم صدَّقونا وطبقوا حكمتنا في التوحد هل كانوا سيخوضون حربا ضروسا من أجل تعميد وحدتهم تلك؟ مجرد تساؤل فقط لاغير..!! ولكنهم لم يفعلوا، ومشوا وراء الحكمة الألمانية الفولاذية بخطى ثابتة وعلمية مدروسة.

فما أحوجنا اليوم إلى الاقتداء بحكمتهم، واستيعاب درسهم في التوحد والاندماج الحضاري الهادئ والمستقر والقوي الذي لايتزعزع.. لماذا لايرفع الإخوة الساكنون في أعلى سفينة الوطن من مستوى معيشة إخوانهم الساكنين في الطابق الأسفل من السفينة- كما فعل الألمان الغربيون مع إخوانهم الشرقيين- بدلا من رفع خيرات الطابق الأسفل لإسعاد ورفاهية الطابق الأعلى..؟!.

ولماذا لايستفيد الجميع من خيرات سفينة الوحدة بلا استثناء؟!.. (ويابخت من نفّع واستنفع وأكل وأكّل) كما يقول المثل الشعبي.. ولماذا لا تتعزز روابط وأواصر اللحمة الواحدة وتزداد تماسكا وتكاثفا وتعاونا وتآلفا وانسجاما، فيصير الجميع كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر!.

وماذا لو فكر أهل الطابق الأسفل من السفينة بخرق طابقهم؟! لغرقت السفينة بأكملها لا سمح الله!.

وهل غاب هذا الاحتمال المفترض عن وعي أهل الطابق الأعلى؟! فيعملون على عدم حصوله بإرساء وتجذير قيم الأخوة والعدالة والمساواة، وإحقاق الحقوق والحريات في واقع الناس وحياتهم.. نتمنى ذلك!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى