إصابات.. اغتالت أحلاماً وأمنيات !!

> «الأيام الرياضي» متابعات:

>
تأتي النائبات فتغتال الأمنيات الغاليات وتلقي بها نحو زاوية هي أقرب للفناء .. لماذا وهي أمنيات في الغالب واثقة المسير قوية الخطى.. يحسب اللاعب أنه وصل أو ربما اقترب من الخلود في ذاكرة عشاقه كقيمة لا غنى للمجموعة عنها .. فتصدمه الحياة بأقدارها العاتية , وتحيله إلى ركن مظلم وصَمُوت .. إنها الإصابة التي لم تترك للاعبين كثر الخيرة في أمرهم .. أجبرتهم وهم في أوج عطاءاتهم على التنحي كلياً وأحياناً الأفول جزئياً .. يُخيل لهم أنهم عازمون على مواصلة السير .. فترد الإصابة بلسان الحال قائلة : إنما على رؤوسهم الطير.

بوشكاش (سويسرا 1954)

بينما كان العالم يستعد لانطلاق بطولة كأس العالم في سويسرا عام 1954م كان قائد منتخب المجر (بوشكاش) يحمل أحلام مجموعة لاعبين بدا وكأنها لا تقهر، ولكن الإصابة التي تربصت باللاعب في ثاني لقاءات الدور الأول من البطولة أمام منتخب ألمانيا كانت كفيلة بتحطيم كل الأحلام الوردية التي بناها بوشكاش ورفاقه.. فبعد أن التهم المجريون المنتخب الألماني في ذلك اللقاء وفازوا عليهم بثمانية أهداف نظير ثلاثة، لم يجد مدافع الألمان (لايبزخ) وسيلة لإيقاف بوشكاش سوى الانقضاض عليه بطريقة خشنة ومتعمدة لم تشاهد الجماهير اللاعب بعدها إلا محمولاً على نقالة .. منتخب المجر واصل التقدم وتخطى الجميع حتى وصل إلى المباراة النهائية التي احتاجوا فيها كثيراً لبراعة قائدهم بوشكاش، وفعلاً فقد أصر اللاعب على أن يشترك في النهائي أمام الألمان أنفسهم .. ولكن ، ولأن الإصابة لم تكن قد تعافت بعد فقد عجز بوشكاش في التغلب على آلامه واضطر لمشاهدة فصل كروي من فصول النهايات المريرة لأن الألمان رفعوا الكأس عالياً على مرأى ومسمع من دموع بوشكاش وكل المجريين..!

ديفيد بوست (كوفنتري سيتي 1966م)

لم يقدر اللاعب الانجليزي صاحب الستة والعشرين عاماً لم يقدر على الوقوف للعب مجدداً بعد الإصابة الخطيرة التي نالت منه في مباراة ناديه كوفتنري سيتي مع مانشتر يونايتد في إطار مباريات الدوري الانجليزي .. بوست الذي اصطدم بلاعبي مانشستر يونايتد دينيس اروين و براين مكلير في المباراة تعرض لكسر مفتوح في الساق ، بعدها لم تشفع للاعب أكثر من (26) عملية جراحية للعودة ، فكان ذلك اليوم بمثابة الكلاكيت الأخير لتواجده في الملاعب لذلك ، فقد علق حذاءه وترجل عن اللعب لأن الإصابة لم تترك له الخيار..!

ماركو فان باستن (الدوري الإيطالي 1993م)

في إحدى مباريات فريق نادي الميلان الإيطالي في الدوري .. توقفت أنفاس مشجعي النادي فجأة عندما سقط نجمهم الأول الهولندي فان باستن مصاباً بالتواء خطير في الكاحل في لقاء الميلان مع أنكونا أُخضع اللاعب بعدها لعمليتين جراحيتين في قدمه المصابة،وبعد بضعة أشهر من العلاج المكثف أصر فان باستن على المشاركة في المباراة النهائية لدوري أبطال أوربا بين الميلان ومرسيليا الفرنسي..لكن فان باستن عانى كثيراً في ذلك اليوم فقد كان يركض تحت تأثير مثبطات الألم .

ولكنه لم يكن يعلم أو يتوقع أن الأقدار تسوقه لأن يخرج للمرة الأخيرة في حياته كلاعب ، وذلك لأن مدافع النادي الفرنسي (باسل بولي) تدخل بعنف على قدم فان باستن المصابة أصلاً فغارت الإصابة كثيراً واضطر فان باستن لمغادرة ملعب المباراة والدموع تنهال على مقلتيه .. إذ كم هو مُحزن أن يخسر الميلان ذلك النهائي .

أما الأشد حزناً وخسارة فقد كان خسارة هدافهم الأسطوري فان باستن الذي لم يبلغ عامه الثامن والعشرين وإلى الأبد..!

رونالدو لويز نازاريو داليما (الدوري الإيطالي 2000)

الكثيرون شاهدوا وساندوا واستمتعوا بشغفٍ إلى هذا اللاعب.. والكثيرين شاهدوه وهو يسقط في مباراة ناديه السابق (الانتر) مع لازيو في الدوري الإيطالي .. وذلك عندما كان يشرع بتنفيذ إحدى مراوغاته المدهشة .. أُصيب رونالدو في ذلك اليوم إصابة خطيرة في الركبة ، وكانت الحدث الذي شغل الدنيا وأقلق الناس..رونالدو ظل ملازما للأطباء وكان يَعِدُ الجماهير بالعودة أفضل من السابق، ولكن اللاعب الذي أحتاج لثمانية عشر شهراً كاملاً للعودة بدا كمن يعد الجماهير بما لا قبل له به .. عاد رونالدو ولكنه لم يكن رونالدو الذي عرفه الجميع ، فالإصابة كانت قد نالت منه كثيراً .. بعدها وبعد ثلاثة مواسم مع نادي الريال عاد رونالدو في العام الماضي إلى الميلان ليعود شبح الإصابة القديمة الجديدة ليلقي بظلاله المشئومة على مسيرة اللاعب الرائع وذلك في مباراة النادي الايطالي مع ليفورنو .. رونالدو الذي أوقفته الإصابة عن اللعب مرة أخرى في هذا الموسم لم تتوقف الحناجر العاشقة لفنه عن ترديد إسمه ودفعه للعودة من جديد.!؟

مارك أوفر مارس (هولندا 2002)

في إحدى مباريات المنتخب الهولندي في تصفيات كأس العالم 2002 بين هولندا والبرتغال أُجبر اللاعب الهولندي (أوفر مارس) على خوض صراعاً مريراً مع إصابة الركبة التي نالت منه بعد مخاشنة واضحة من المدافع البرتغالي (ديماس) .. حدت تلك الكبوة كثيراً من تألق اللاعب الهولندي وكانت تجبره على البقاء في مقاعد البدلاء يذرف الدموع المالحة ، حاول جاهداً أن يعود ولكن الإصابة وتداعياتها لم تكن تسمح له بتلبية ما تعودت عليه الجماهير من إبداع كبير .. شعور غامر بالخيبة كان يغمره لكل ذلك فقد أصبح أوفرمارس تحت رحمة مشارط الأطباء وأيديهم.

كان يحاول العودة ولكن الأطباء لم يكونوا يهادنوا أو يتجملوا ونصحوه بقولهم :«تستطيع العودة ولكن بنصف أمل وبقدم شبه مصابة فلا تحلم بعودة قدمك كما كانت».

ولأنه لاعب من طراز لا يقبل أنصاف الحلول والمهادنة فقد حز في نفسه أن يبقى بغير الوجه الذي عود جمهوره أن يشاهدوه به ولسان حاله يقول:«مهما يكن المضي صوب الأمام مثيراً فإنه وبوضع كهذا يبقى انتحاراً لا أكثر، بعدها أتاح اللاعب للجميع مشاهدة دموع الأطفال تنهال على مقلتي رجل ضخم عندما أعلن اعتزاله اللعب نهائياً لأن الإصابة جعلته يفقد إمكاناته التي يعرفها عن نفسه..!

ايفان كوردوبا (انتر ميلان 2008م )

في مباراة انتر ميلان مع الآرسنال في دوري أبطال أوروبا وفي الوقت الذي تجرع فيه نادي الانتر سيناريو قاسٍ جداً بإقصاء مدافعه ماتيراتزي بالبطاقة الحمراء، بدا وكأن كل الظروف تجمعت في سبيل سقوط الانتر.. ذلك أن مدافعهم المبدع (كوردوبا) خرج من أرضية الملعب والدموع تملأ عينيه.فقد تعرض كوردوبا لتمزق في أربطة الرباط الصليبي وهي الإصابة التي يبدو أن أرحم نتائجها باللاعب ستعني انتهاء هذا الموسم بالنسبة له ..!

إدواردو داسيلفا (آرسنال 2008)

غير بعيد عن إصابة الكولومبي كوردوبا لاعب الانتر .

كان الآرسنال هو الآخر يتجرع من كأس الإصابات الشديد المرارة، ففي مباراة النادي اللندني أمام (بيرمنجهام سيتي) في الدوري الإنجليزي .. وبعد دقائق (قليلة) من انطلاق المباراة كان الجميع قد شاهد بدهشة المشهد التالي: مدافع بيرمنجهام (تايلور) يتجه بأشياء من القسوة وشيء من الحماقة إلى قدم البرازيلي الأصل الكرواتي الجنسية إدواردو فصرخ اللاعب المصاب صرخات أسمعت من به صمم..الوجوه كانت مشدوهة وزملاء اللاعب في النادي يدارون الدموع ويستمطرون اللعنات ، لأن ما حصل أمامهم لا يمت لكرة القدم بأدنى صلة..!

الإصابة كانت غائرة وساقه أصيبت بكسر مضاعف عند المفصل..خمسة أشهر سيحتاجها اللاعب للعلاج وربما أكثر منها للتأهيل والتدرب والعودة كما في السابق .. هذا إن قُدرت له العودة من جديد..!

غيض من فيض

هكذا وضعت الإصابة نقطة على سطور مسيرة غيض من فيض لاعبين أجبرتهم على التنحي والمغادرة وهكذا كانت قاسية رحيمة مع البعض بإيقافهم إلى أجلٍ غير مسمى..وبين هؤلاء وهؤلاء لا يجوز التمني أو الابتهال إلا بما يجوز لهم أن يدعوا بأن يتغير الحال وفي هذه الزاوية بالذات من التفكير والتأمل تتجلى الإصابة متأملة نهاية السؤال..! إذ كم هي فاجعة وصاعقة ومحزنة .. إنها الإصابة..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى