وصية بامطرف الأخيرة

> فؤاد راشد:

> خطف الموت الناشط السياسي والصحافي الجهبذ فؤاد محمد بامطرف .

كيف يمكن أن أتصور المشترك بدون بامطرف؟

وكيف يمكن أن أتصور هيئة تنسيق الفعاليات السياسية والجماهيرية وقوى المجتمع المدني بدون فؤاد بامطرف؟

الموت حق ولا اعتراض على مشيئة الله.

نعم، ولكنني من الصعوبة الآن أن أتصور القوى السياسية على اختلافها في حضرموت بدون بلدوزر حركة الدفع المعطاءة بتنوعها والتقاطها للأحداث.

ذلك هو فؤاد بامطرف .

عرفته في منتصف الثمانينات، حيث كنت أتلمس طريقي إلى الصحافة، كان رئيساً لتحرير صحيفة «الشرارة»، وهي الصحيفة الوحيدة التي تصدر في حضرموت وتطبع باليونوتيب، وكان إلى جانب ذلك مديراً عاماً للمؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون.

صارماً، حازماً، شديداً في العمل، وكان أيضاً كتلة حب تضفي على أجواء العمل الإبداعي الإعلامي محفزات تفجير الطاقات والإبداع.

طموحاً، وجباراً في اقتراح المبادرات العملية والسياسية، وكان واضح الرؤى وثاقب الرؤية.. ومع كل ذلك كان لا يفقه أساليب السياسة في الغش والتدليس ولي الذراع، وكان هذا كافياً لأن يجر عليه في قادم الزمان ضنك الحياة وخصومات المصالح والمنافع، وهو ما تم وما كان.

في منتصف الثمانينات كان يكتب عموداً صحفياً ثابتاً في «الشرارة» دشن من خلاله مرحلة المكاشفة النقدية في السياسة التي عرفت في المعسكر الشرقي- فيما بعد - بالبرسترويكا.. وحصد بسبب ذلك عداوات لا حصر لها.

مرت سيرة بامطرف بأطوار، فمن رجل كان يقود مؤسسة إعلامية ساهم بشكل أساس في ارتقائها في ظروف معقدة، إلى سياسي على قارعة الطريق يقود بالهمة العالية والمقدرات المعرفية الواسعة ذاتها النضال السياسي لتغيير مآل الحال الذي وصلت إليه البلاد بعد حرب صيف 94م.

لم يكل ولم يركع للمغريات، ولم ينل منه شظف العيش ويجبره على تغيير الحال كما فعل مئات من زملائه . اقتسم العمر أو كاد ما بين المسؤولية الوظيفية الحكومية وأدى ما عليه مرتاح البال وما بين المسؤولية الوطنية في العمل السياسي لإنقاذ البلد، ومات وهو يكتب بياناً سياسياً للمسيرة الجماهيرية التي كان من المقرر أن تشهدها المكلا يوم الأربعاء.

أظنه الآن يستشعر الهدوء بعد هذا العمر القصير - زمنياً- الكبير بحجم ما عاشه من أحداث ووجد نفسه فيه وكان له دور رئيس في المشاركة بفعل ناضج وأداء مسؤول.

يوم الأحد الماضي كنت بجانبه في مؤتمر صحفي للقاء المشترك بالصحفيين، وكنا كالعادة نتجاذب أطراف الحديث المتداخل بين السياسة وسؤال الحال.

في المؤتمر الصحفي قال بامطرف «بأنه آن الأوان للمشترك بحضرموت أن يتقدم بمبادرة محددة للفعاليات السياسية بالجنوب كمبادراته السياسية السابقة.

وأرى - والكلام له - «أن يتضمن بيان المسيرة الدعوة لقيادات المشترك بمحافظات الجنوب للإعداد لانعقاد مؤتمر وطني جنوبي نتدارس فيه القضية الجنوبية على كافة مستوياتها، ونتخذ قراراً واضحاً إزاءها»، وأضاف «وباعتبارنا أصحاب الدعوة لها يجب أن نتقدم بمشروع يتضمن ملامح هذه الرؤية».

هذه وصية بامطرف الأخيرة أرادنا كصحفيين أن نكون شهوداً عليها وعلى زملائه فيما إذا كان سيتقاعسون في تبنيها.

نقول له وهو بين يدي الله: لقد سمعنا وشهدنا.. لقد سمعنا وشهدنا، وها نحن نشهد العالم أجمعين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى