> رغم التزاحم اللامتناهي للوارد الجديد من الأخبار والأفكار والمعلومات والمواقف لغزو ما تبقى من مساحة في الذاكرة، يبقى أرشيفها يحفظ الكثير من الذكريات والمواقف الإنسانية بحلوها ومرها.

وبين هذه وتلك تظل ملفات وصفحات وصور وأسماء حاضرة حضور الوارد الجديد على سطح الذاكرة دون الاستعانة بمحركات البحث في أرشيفها.

اقترن اسم الأستاذ ناصر حسين العوذلي بمرحلة النهضة التربوية والتعليمية والرياضية في عاصمة سلطنة العوالق السفلى أحور، كما هو الحال وأسماء مؤسسيها وروادها ورموزها وهم كثر.

عرفته أستاذاً ومربياً فاضلاً في المدرسة المتوسطة بأحور، حيث كنت أحد طلاب تلك المدرسة النموذجية في النصف الثاني من عقد الستينات، فقد كان من ألمع الأساتذة الذين تأثرنا بهم لتعدد مواهبهم وسعة مداركهم واطلاعهم، ومعه ممن تأثرنا بهم أساتذة أجلاء من السودان الشقيق، كالأستاذ عدنان والأستاذ أمين.

وعرفته إنساناً طيباً ومتواضعاً ومحباً للعلم وأهله من خلال مجالسته وقربه من الوالد السيد علي بن أبي بكر المشهور المشرف العام للتعليم آنذاك وملازمته الحضور في أمسياته الدعوية ومحاضراته ودروسه العلمية والإرشادية التي يقيمها الوالد بعد صلاتي العصر والمغرب. وعرفته رياضياً بارعاً، فقد كان لاعباً موهوباً وموجهاً رياضياً ترك بصمات واضحة على النشاط الرياضي والثقافي لاختلاطه بالشباب ومحبي الرياضة في المنطقة، كما قام بتفعيل وتطوير النشاط الكشفي في إطار المدرسة والأندية الرياضية الفاعلة وأبرزها نادي الشعب ونادي الشباب.

عرفته بعد ذلك ناشطاً سياسياً ومثقفاً ثورياً متميزاً من خلال تفاعله في الجمعيات الأدبية وإثرائها وله بصمات في هذا الاتجاه طبعت في ذاكرة الأجيال وأضحت وعياً ثورياً ووطنياً. ومثله الكثير من الوطنيين الذين لم يستهوهم امتطاء المنصات والمنابر ولا صفحات الجرائد الأولى، كما عرفته دبلوماسياً حكيماً ومستشاراً مخضرماً مشهوداً له بصدقه ونزاهته وتفانيه في العمل السياسي والاجتماعي.

كم يتمنى الأصدقاء أن يقدموا شيئاً في ظل حاجة أصدقائهم أحياء، ولكن تحجب الهمم ردود أفعال ناكري الجميل فتموت الكثير من الأماني ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

رحم الله أستاذنا وصديقنا ناصر حسين رحمة الأبرار وأسكنه دار القرار. ولأهله وأصدقائه ومحبيه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون.