تكريس (الكوتا) النسائية بتعديلات دستورية هي الحل

> د. محمد علي السقاف :

> مقدمة:أعلن الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في اجتماعه مع قادة الأحزاب والتنظيمات السياسية في 24 سبتمبر 2007م عن مبادرته لتعديلات دستورية لتطوير النظام السياسي والديمقراطي في اليمن.

وقد وقع غالبية المحللين وتصريحات السياسيين والحزبيين في خطابين رئيسيين حول:

1) شمولية المبادرة الرئاسية للتعديلات الدستورية على تخصيص نسب معينة للمرأة من مقاعد مجلس النواب، في حين أنها لم تشتمل على ذلك.

2) الاعتقاد أن التخصيص يشمل الانتخابات البرلمانية، في حين أنه ينحصر في إطار مجلس النواب وحده.

سنقوم في محورين بتقييم المبادرة الرئاسية بخصوص التمكين السياسي للمرأة (أولا)

ونتناول بعد ذلك رؤيتنا القانونية للتمكين السياسي للمرأة للحصول على التمثيل المناسب لها الذي يتوائم مع عدد أفراها من تركيبة مجموع أفراد الشعب اليمني (ثانيا).

أولا: تقييم المبادرة الرئاسية للتمكين السياسي للمرأة اليمنية

1) المبادرة: وفق صحيفة «الثورة» الرسمية بتاريخ 2007/9/25، تتمثل مبادرة الرئيس للتعديلات الدستورية في الآتي:

- النظام السياسي للحكم يكون رئاسيا، مدة رئاسة الجمهورية 5 سنوات.

- تتكون السلطة التشريعية من غرفتين.. هما مجلس النواب ومجلس الشورى، يتم انتخاب مجلس النواب كل 4 سنوات، ومجلس الشورى أيضا ينتخب كل 4 سنوات.

- السلطة المحلية يعدل مسماها إلى الحكم المحلي، ويكون رئيس الحكم المحلي منتخبا من هيئة الناخبين.

- تشكل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة.

- يتم تخصيص نسبة 15% للمرأة في الانتخابات لعضوية مجلس النواب، وينص على ذلك في قانون الانتخابات.

2) التقييم: من الواضح أن المواضيع الثلاثة الأولى هي المعنية بتعديلات دستورية، بعكس اللجنة العليا للانتخابات والتخصيص لحصص النساء، وإدراجها مع المبادرة الرئاسية المسماة بالتعديلات الدستورية هو مصدر الخطأ والالتباس المشار إليهما أعلاه، ويظهر تقييمنا للمبادرة الرئاسية تراجعها عن قرارات المؤتمر الشعبي العام نفسه (الحزب الحاكم الذي يترأسه رئيس الجمهورية) في نسب، ونطاق، وطبيعة التخصيص للحصص (الكوتا).

أ- البيان الختامي لأعمال الدورة الرابعة للجنة الدائمة (صنعاء 19 - 20 فبراير 2005)

- تخصيص ما لايقل عن 15% من الدوائر للنساء للانتخابات النيابية، ونسبة 15% - 20% في انتخابات المجالس المحلية بمستوياتها المختلفة.

ب- البيان الختامي للمؤتمر العام السابع (عدن 15 - 17 ديسمبر 2005)

تحديد نسبة 15% من المقاعد للنساء في الدوائر الانتخابية للمجالس المحلية البرلمانية.

ج- المبادرة الرئاسية (سبتمبر 2007) تخصيص نسبة 15% للمرأة في الانتخابات لعضوية مجلس النواب.

مظاهر التراجع: في (أ) - النسبة ما لايقل عن 15% للانتخابات النيابية، في حين في (ب) و(ج) نسبته 15% مع ملاحظة وجود عبارة ما لايقل عن 15% في (أ) قد يعوض هذا الفارق بينهما في (ج) استبعدت نظام الحصص بالنسبة للمجالس المحلية.

وفي (أ) و (ب) و (ج) لم تتم الإشارة إلى نظام الحصص في مجلس الشورى، سواء بالتعيين السائد حينها، أم عند الانتخاب المقترح الآن في مبادرة التعديل الدستوري، وحصر العملية برمتها في مجلس النواب. القاسم المشترك في (أ) و (ب) و (ج) أن التخصيص بتلك النسب ينحصر على مستوى الدوائر الانتخابية، وليس على مستوى عدد المقاعد، وهناك فارق كبير بين الأمرين.

ثانيا: رؤيتنا القانونية في التمكين السياسي

إغفال وضع (كوتا) حصص للنساء ضمن المبادرة الرئاسية للتعديلات الدستورية وقصر ذلك في إطار نصوص تشريعية يجعل من السهل تعديلها، إن لم يكن إلغاؤها، لهذا يتوجب إدخالها ضمن مشروع التعديلات الدستورية للمبادرة الرئاسية أو بمبادرة من أحزاب المعارضة أو باتفاق الطرفين.

وحيث أن أصول تعديل الدستور وفق تعديلات 2001 ميزت بين تعديلات تتطلب الموافقة والتصويت عليها على مستوى مجلس النواب فقط، وتعديلات تتطلب إضافة إلى ذلك استفتاء الشعب عليها، نرى ضرورة جعل موضوع (الكوتا) النسائية وفق الافتراض الثاني باستفتاء شعبي. وقد خصصت بعض الدول العربية والأجنبية (كوتا) نسائية في دساتيرها مثل:

موريتانيا: منذ الثالث من أغسطس2005 في الدستور الجديد (يونيو 2006) بنسبة 20% من المقاعد في الجمعية الوطنية (مجلس النواب) ومجلس الشيوخ والمجالس البلدية.

العراق: المجلس التشريعي بنسبة 25% من المقاعد.

إفغانستان: الجمعية الوطنية بنسبة 25% من المقاعد.

في حين أن دولا عربية تبنت تشريعات (كوتا) نسائية (تونس 25% المجلس التشريعي و20% في المجالس البلدية، وفلسطين 20% من مقاعد المجلس التشريعي.. إلخ)

من هنا يجب إجراء تعديل دستوري لتخصيص (الكوتا) النسائية للمرأة من خلال المواد الآتية كأمثلة ليست حصرية:

المادة (5) من الدستور: «يقوم النظام السياسي للجمهورية على التعددية السياسية والحزبية.. وينظم القانون الأحكام والإجراءات الخاصة بتكوين التنظيمات والأحزاب السياسية، وممارسة النشاط السياسي، وضمان المساواة بين الرجال والنساء، دون تمييز بينهما في ترشيحات الأحزاب في الانتخابات العامة».

المادة (41) الحالية حول «المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات»، تستبدل بإعادة نص المادة (27) من دستور الوحدة الذي ألغي في تعديلات عام 1994، والمتعلق بـ «لا تمييز بين المواطنين حسب الجنس أو اللون.. إلخ».

المادة (43): «للمواطن من الجنسين حق الانتخابات والترشيح، وينظم القانون الأحكام المتعلقة بممارسة هذا الحق للرجال والنساء، وتضمن الدولة للنساء تحقيق نسبة لاتقل عن الربع من المجالس المنتخبة».

مادة دستورية شاملة في إطار الباب الثاني للحقوق والواجبات للمواطنين الأساسية: «تضمن الدولة حقوق متساوية للرجال والنساء في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتضع التشريعات اللازمة لتحقيق تلك المساواة».

وعلى ضوء هذه المقترحات لتعديلات دستورية: من القانون التي يتوجب تعديلها قانون الأحزاب السياسية فيما يخص الإعانات المخصصة من الدولة للأحزاب، حيث نصت المادة 19 الفقرة (ب) على توزيع 75% من المبلغ الإجمالي للإعانة على الأحزاب وفق عدد الأصوات التي يحوزها مرشحوها. اقتراحنا لمن من الأحزاب التي تتقدم بترشيحات كبيرة من النساء احتساب عدد الأصوات للرجال والنساء في تقدير مبلغ الإعانة وأصوات الرجال فقط تحتسب لمن يرشح أقل من 25% من إجمالي مرشحيه في الانتخابات. في الخلاصة: إدخال (الكوتا) النسائية ضمن التعديلات الدستورية والاستفتاء على أي تغيير عليها من جهة، وألاتقل نسبة (الكوتا) عن 25% من مقاعد المجالس المنتخبة، وليس على أساس الدوائر الانتخابية، إضافة إلى عدم حصر ذلك على مجلس النواب، وهي مقترحات لم ترد في المبادرة الرئاسية، ولكنها باتت ضرورية، ومن دون ذلك يصعب القول إن الشعب يمارس السلطة عبر الهيئات المنتخبة، في حين أن المرأة وهي جزء من الشعب غير ممثلة في تلك الهيئات الدستورية المنتخبة.

قدمت هذه الورقة الموجزة لمؤسسة برامح التنمية الثقافية للدكتورة رؤوفة حسن، في 26 فبراير 2008

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى