كـركـر جـمـل

> عبده حسين أحمد:

> لا أتذكر من الذي قال هذه العبارة عن بلادنا «إن الداخل مفقود والخارج مولود» بالرغم من أن صديقنا الأستاذ سعيد الجريك صاحب ورئيس تحرير صحيفة «الصباح» الغراء أطال الله عمره.

قد روى لي هذه الحكاية، وأن رجلا تركيا هو الذي تنسب إليه هذه المقولة.. قال لي ذلك أكثر من مرة.. وذكر لي تفاصيل هذه الحكاية من أولها إلى آخرها.. ولكنني نسيتها تماما.. ربما أن ذاكرتي هي السبب أو أن الزمن هو العامل المشترك بيني وبينه.. فالذاكرة بدأت تضعف عندي بالتدريج.. كما بدأ الأصدقاء والمحبون والمعجبون بصحيفة «الصباح» يتجمعون.. وعادوا يتذكرون صاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ سعيد الجريك وصولاته وجولاته السياسية والاجتماعية وسخرياته اللاذعة فيها.. وهم الذين يتوددون إليه ويترددون عليه ويتمنون صداقته ويشيدون بوطنيته وشجاعته.

> وقد ذكرتني عبارة الرجل التركي عن اليمن بقصة الأسد في كتاب (كليلة ودمنة).. فعندما تقدمت السن بالأسد.. وأصبح عاجزا عن أي يصيد الحيوانات.. كان يأكل كل حيوان يزوره.. وتقول القصة إن بعض الحيوانات عابت على الثعلب أنه الوحيد الذي لم يزر الأسد المريض.. فوعد الثعلب بزيارته.. ولكنه عندما اقترب من عرين الأسد.. لاحظ أن الأقدام كلها تتجه إلى الداخل فقط.. أي أن الذين يدخلون لايخرجون.. فالداخل مفقود.. وكلهم مفقودون.. فقرر الثعلب ألا يزور الأسد في عرينه.

> كما ذكرتني هذه العبارة بما سمعته عن بعض الشركات الأجنبية وبعض البنوك أيضا منها (سيتي بنك) بصدق هذه العبارة.. فقد دخلت هذه الشركات والبنوك الأجنبية إلى بلادنا.. وخرجت منها.. بعد أن حدث لها ماحدث لكل الحيوانات التي كانت تزور الأسد في حكاية (كليلة ودمنة).. ثم تذكرت للمرة الثالثة أن بعض الشركات البريطانية كانت قد وافقت على الاستثمار في بلادنا بضمان الحكومة البريطانية.. وأن هذه الشركات قد حصلت بالفعل على ضمان حكومتها للاستثمار في اليمن.. مع أن هذه الشركات البريطانية كانت تعرف تماما أن «الداخل مفقود والخارج مولود».. ولذلك ماكان في نيتها أو بالها أن تستثمر في بلادنا.. لولا أن حكومة بريطانيا وقعت لها ضمانا بحماية استثماراتها.

> ولكن ما هي حقيقة الشركات العربية والأجنبية في الخارج؟.. ولماذا ترفض الاستثمار في بلادنا؟.. هل هي الثعلب الذي رفض أن يزور الأسد المريض في قصة (كليلة ودمنة).. بعد أن رأى بقية الحيوانات قد دخلت عرين الأسد ولم تخرج؟.. وهل هي الأخرى تريد ضمانات عربية ودولية لاستثماراتها في بلادنا؟.. ولماذا هذا الخوف من الاستثمار عندنا؟.. هل تخاف هذه الشركات أن يكون مصيرها نفس مصير رجل الأعمال المعروف والمستثمر اليمني (أحمد بن فريد الصريمة)؟.. لولا أنه بكل شجاعة وجرأة لجأ إلى محكمة باريس للحصول على مستحقاته المالية التي كانت تقدر بمليارات الريالات (25 مليون دولار).. وكان الحكم واضحا وصريحا- على حكومتنا- بدفع المبلغ كاملا خلال أسبوعين فقط.

> بقي أن نفهم أن أصحاب الاستثمارات والأموال العربية والأجنبية.. يفكرون في ذلك كله.. وبطريقة أصح وأدق.. فليس عندهم الشجاعة على اقتحام عرين الأسد المريض.. إذا لم تكن لديهم ضمانات دولية.. أقلها الأمن والاستقرار والنظام والقانون والقضاء العادل في بلادنا!!..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى