محمد سر عظمتنا

> «الأيام» توفيق يحيى الحكيم - عدن

> العظماء دائما يصنعون ويتربون على أعين القدر حتى يبلغوا اشدهم، فيصبحون هامات شامخة في وجه الزمن وعلى مر العصور ويشار إليهم ببنان القلب قبل بنان اليد، وسهام أعدائهم الموجهة إليهم لا تزيدهم إلا رفعة وسموا.

وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود.. ومحمد صلى الله عليه وسلم سيد العظماء ولا فخر، وسيد ولد آدم ولا فخر!، تربى في كنف الله، أحاطته عنايته من كل مكان، نبيا ورسولا وإنسانا، جمع خصال البشرية والرسالة في جسد واحد.. جعله أحد المستشرقين وهو يكتب كتاب العظماء المائة أول عظيم في قائمته.

العظمة لم تعطه شرفا زائدا أو فخرا رائدا، بل أنها هي التي ازدانت به وتجملت باسمه وعظمت رفعة وشرفا بانتساب محمد صلى الله عليه وسلم إليها.

إنها عظمة بشرية متحركة وصناعة ربانية متوثبة جعلت حب عظمته لدى القريب والبعيد والحبيب والعدو حتى شهد له اعداؤه.. والحق ما شهدت به الأعداء.

من عظمته بقاء منهجه وخلود رسالته وحب أتباعه له بغض النظر عن ألوانهم وألسنتهم وبلدانهم، كيف لا وشهادة التوحيد لا تزيد المؤمن عظمة إلا إذا نطق بأشهد ألا إله إلا الله محمد رسول الله، بل إن النداء الخالد على مر العصور للصلاة والفلاح لايكون إلا بالشهادتين، محل العظمة ومنارها.

وعظمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذه يستمدها أيضا من عظمة الله سبحانه وتعالى ذي الكبرياء والعظمة، وأي عظمة تضاهي عظمة ربنا وخالقنا، فكيف بمن عظمه الله ورفع ذكره وشأنه.

فماذا سيجني هؤلاء الأقزام من البشر إن هم قدحوا في عظمته أو أساءوا إلى سمعته أو تدخلوا في عرضه وآل بيته، لن يجنوا شيئا سوى لعنة الألسن لهم وكره القلوب وحقدها عليهم على مر الزمان.

إذن لا فائدة في إساءتهم ولا طائل من وراء فعلهم سوى أن يعرف الصادق في محبته من الدعى الذي يلهج لسانه بحبه ويكذب فعله واقعه.

إن محمدا صلى الله عليه وسلم لايحتاج إلى نصرة أو دفاع من أحد مادام أن الله ناصره ومدافع عنه، بل يحتاج أن تكون أمته أمة حرة أبية، تأبى الضيم وتأبى أن تكون شيطانا أخرس، تستهلك سمعها وفكرها في ما لا حاجة إليه.

إنه يحتاج إلى أمة القرآن المتحركة تحركا إيجابيا، وإلا كانت حسرة النبي أعظم وأنكى «يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا». إنه يحتاج إلى أمة حية يسرى الإيمان في عروقها وتضخ العزيمة في جسدها فتزداد قوة وإصرارا وتحديا لا مثيل له، لأنها أمة البقاء والتضحية- يكفي محمد صلى الله عليه وسلم هذا وذاك، أما شانئه وحاسده وأعداؤه فإن الله قد تكفل بهم «إن شانئك هو الأبتر»، فقد جعله الله أبترا مقطوع الخير والبركة والإيمان.بل جعل الله عز وجل المعركة الحقيقية بالإساءة والتحقير والاستهزاء ليست بين رسوله وبين أولئك الأقزام بل المعركة بين الله وبينهم، ولا شك أنها معركة يخسرون فيها لا محالة.. «إنم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا».نصوص لاتحتاج إلى ثمة توضيح، لأنها واضحة المعالم، نيرة المواقف، حسمية المواجهة.

أما نحن فأسباب يجريها القدر ليرى حقيقة نصرتنا وحبنا وحرارة إيماننا تجاه عظيم ملأ بعظمته التاريخ بأسره.. إنه محمد صلى الله عليه وسلم العظيم الذي أبقى فينا سر عظمته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى