حضرموت ليست محافظة يمنية!!

> د. سعيد الجريري:

> قد يبدو العنوان مستفزاً للذات الوطنية، لكن الأكثر استفزازاً منه أن يكون المستفز- بفتح الفاء- هو الذي يمارس ما يؤكد معنى العنوان، ولا ينفيه.

ذات يوم، استفز د. طه حسين، حمية الأدباء والباحثين اليمنيين بتساؤله المنهجي، وهو يدرس الشعر الجاهلي: وهل لليمن شعراء؟، حتى لم يغب عن بال د. عبدالعزيز المقالح هذا التساؤل وهو يكتب مقدمة كتابه عن الشعر المعاصر وليس الجاهلي- في اليمن؟

ولن نتساءل الآن بوحي من العنوان: وهل حضرموت محافظة يمنية؟ لكننا سنتساءل كما تساءل عميد الأدب العربي: وهل لحضرموت أدباء؟ وعندئذ سيتصدى لنا النشامى والغيارى، وسيمطروننا بحديث (مجاني) - نعرفه على أية حال- عن حضرموت الثقافة والأدب والتاريخ والحضارة، لكنهم سيتناسون النفط - كالعادة-!! ولن نحاجج، ولن نفصل القول، بل سنوجزه فنقول: إذا كان الحال كذلك، فلماذا تُقصى حضرموت، ويُقصى أدباؤها ومثقفوها ومبدعوها عن المشاركة في فعاليات الأيام الثقافية المزمع إقامتها في أربع مدن سعودية في المدة من 22- 27 مارس الجاري، بحسب تصريح السفير الأحول لصحيفة «الأيام» (24/فبراير) وصحيفة المدينة السعودية (25/فبراير)؟؟!

200 مثقف ومفكر وأديب وشاعر وفنان هم قوام المشاركين، وليس لحضرموت من تمثيل مذكور، باستثناء مدير مكتب الوزارة في المكلا بصفة شخصية؟؟!

هل لهذا الإقصاء من تعليل (ثقافي) أو تأويل وطني أو تفسير فني أو تسويغ إداري؟ وهل له من معنى، سوى الاستخفاف الموغل في ساديته؟!

كيف يسوغون لأنفسهم تجاهل محافظة بحجم حضرموت، فلا يكون لها مشاركة؟ لقد استمرأوا الأمر حتى لم يعد لحضرموت في أجندتهم رقم!!

لقد غيبوا حضورها عن كل مشاركة في الخارج، وليست عواصم الثقافة العربية (المغرب، الخرطوم، عمَّان، الجزائر) ببعيدة، إذ ذهبت وفود تلو أخرى، وكأن حضرموت خالية من أية قيمة ثقافية!!

هل وصل الأمر حد أن يقال للفنان التشكيلي المبدع صالح الشبيبي - مثلاً - لا مجال لمشاركتك، فإن شئت أن تشارك فهات لوحاتك يعرضها آخرون هم الأصل - في ما يبدو- أيها الفرع المنسي؟!

هل نعبّر هنا عن رأي شخصي أو موقف إطار إبداعي (اتحاد الأدباء)؟.. كلا، فليس ثمة رأي شخصي ولا موقف نقابي حسب، بل هو أقرب إلى التعبير الجريح عن المشكل (غير الوطني) الذي يعد هذا التهميش بل الإقصاء مظهراً سقيماً من مظاهر خلفياته المتورمة بؤساً وقماءة ثقافية.

إن داعي الكتابة الآن ليس الرغبة في السفر - كما قد يظن هواة السفريات- ولكنه احتجاج على بؤس ما يفعلون. فلقد استفز هذا التجاهل المتعمد، المثقفين وغير المثقفين، حتى بات الاحتجاج مرشحاً للأخذ بأكثر من خيار، لعل المخططين في أجواء باردة، بعقول باردة، يغادرون منطق (القبيلة الثقافية) السائد، الذي يسوق الوطن إلى مآزق تنتهي به - لا سمح الله- إلى حيث ألقت رحلَها أمُّ قشعم.

يبدو أن وزراء الثقافة المتعاقبين يستخفون بنا كلما رددوا عبارتهم التقليدية التي لا تعني شيئاً: حضرموت الثقافة والأدب والتاريخ والحضارة!!، والدليل هو استثناء حضرموت - مثلاً - من المشاركات الثقافية الخارجية.. فهل يخطئ من يتساءل ببراءة وطنية: هل حضرموت محافظة من محافظات الجمهورية اليمنية أو مقاطعة من مقاطعات كينشاسا؟؟!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى