فؤاد بامطرف لماذا ودعتني ثم رحلت؟!

> علي سالم اليزيدي:

> فاجعة كبيرة أصابتني، لم تصدق عيناي ما أرى وأقرأ، رحل الصديق والرفيق القريب أبو خليل، أهذا أمامي؟!! وفقدت الوعي للحظات قبل أن أفيق وينتاب من حولي الدهشة، ما الذي يحدث لي، الحمد لله هذا قضاء الله ولا رادد له، صباح يوم الجمعة الماضي عدت من بيت الله من الكعبة المشرفة والحرم المكي، حيث أديت مناسك العمرة قبل الفجر ثم صليت الفجر، وعدت بعدئذ إلى الفندق بجدة التي كنت فيها برفقة الوفد الجامعي اليمني لغرض التغطية الصحيفة هناك.

تناولت الفطور ثم اتجهت نحو موقع الانترنت لمتابعة صحيفة «الأيام» من خلاله، وفجأة صدمت وشعرت بأني أصرخ أهوي، لا أدري! ظللت أنظر إلى خبر وفاة الصديق فؤاد بامطرف أبو خليل، وشعرت لحظتها أن إرادة الله قد سبقت وحصلت ولله الحمد، وجاء شعوري بالرغبة في البحث عن أحد بجانبي يقف معي أتحدث معه أبكي وانسابت الدموع وزعقت ثم جمعت ذاتي، وأجريت مكالمة إلى الرياض، حيث يوجد هناك الأستاذ والكاتب الصحفي زميلنا سعيد سبتي أبو غسان وسكتنا قلنا بضع كلمات، ثم هربت الأحرف وكل ما قلناه إنا لله وإنا إليه راجعون، ترى ماهو السر الذي جعلني وأنا وسعيد سبتي نتلقى هذا الخبر الفاجع بعيدا عن المكلا، ونحن الزملاء، ما الذي تفعله الأقدار والإرادة الإلهية، إنه سر الخالق سبحانه وتعالى.

ولكن ما يجيرني ويهز كياني وأشجاني وهواجسي هو لماذا اتصل المغفور له فؤاد بامطرف إلى البيت بالمكلا يوم الإثنين، وترد عليه ابنتي نوارس، التي كان يكنيني بها منذ ولادتها وهو الذي عرفها مثلما عرفنا حياة بعضنا وواكبنا تقلباتنا وخفاياها؟ هل أراد فؤاد بامطرف ترك رسالة لي ووداعي؟ ما هذا السر العميق؟ إنها المشاعر التي تجمع النفوس والتقارب الذي سرنا على حده أياما وأشهرا وسنوات! وسألها عني ثم ودعها وتمنى لي عودة طيبة، ولحظة أن سمعت نوارس الخبر الفاجع بكت، وحدثتني عن هذه المكالمة، وهي تبحث عن إجابة أفتقدها أنا الآخر، إنها الوداع والسلام، رحمة الله عليك يا أبا خليل.. يارفيق المسيرة والتعب وأنهار الوفاء.

رحل فؤاد بامطرف الذي عشت معه أمتع تجاربي المهنية، سرنا معا، صنعنا أشياء رائعة، اشتركنا في تحويل اللحظة إلى شيء نافع، ولكن الرجل قد رحل عن دنيانا، كان كتلة من الوفاء والسباق إلى المواجهة وقبول التحديات.. عاش أغلب زمنه لا بل لنقل كل زمنه يحمل المتاعب والهموم الشخصية والعمومية ولا يتبرم، رجل صافي النفس وطيب السريرة قليل الشكوى، وحيثما حل كان التفاؤل هو كل ما ينهمر منه.. إنه أبو خليل رحمه الله ولنا الصبر والسلوان.

ما الذي سأقوله بعد، ومثلما قال لي الأستاذ صالح يمين من الصعب الكتابة عن فؤاد، فما يجمعنا ويربط بيننا كبير وكثير، لا يقف عند حدث أو سنة أو أسماء.. وهو فؤاد الإنسان.. الوطن.. الصادق الذي حمل رسالة أرادها أن تحيا.. وتوقف وهو يجاهد في الميدان.. ولعله أراد منا ذلك.. وهو بالقطع ما لا يمكن التوقف عنه أو التراجع أمامه.. نعم.. ظلمه من يبيعون الوطن وتجار المواسم، ومع هذا ظل يرفض اليأس البغيض.. امتلك الشجاعة وجسارة الموقف.. ورفع العلم الذي لن ينتكس أبدا بعده.

رحل فؤاد بامطرف وترك لنا نحن الورثة إرثا كبيرا.. كبيرا لا نحتاج لوصية أو رابطة دم لإثبات الحق فيه أو تحمل المسؤولية إزاءه.. إرث مرَّ في وطن يعيش فيه السماسرة والناهبون، ويموت فيه الأوفياء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى