يشبم المهرجان والقضية

> الشيخ علي محمد ثابت:

> احتضنت مدينة يشبم بمديرية الصعيد محافظة شبوة مهرجان الصحوة أو الانطلاقة الشبوانية لمواكبة الزخم الذي بلغه الحراك السلمي السياسي الشعبي المتصاعد في سائر محافظات الجنوب.

ويهدف اختيار مدينة يشبم مكانا للمهرجان لاعتبارات سياسية لهذه المدينة، متصلة بتاريخها البعيد والقريب، فتورد بعض المصادر التاريخية أنها كانت عاصمة لدولة أوسان، وظلت خلال القرون المتعاقبة حاضرة هامة للمنطقة الممتدة من البحر إلى الصحراء التي تكون الآن محافظة شبوة، وكانت في فترة لاحقة عاصمة لدولة منصر بن صلاح العولقي وأبنائه حتى انتقالها إلى مدينة نصاب في فترة لاحقة، وبقيت يشبم المكان الأنسب لإقامة المهرجانات القبلية والدينية، ونشأ فيها الكثير من العلماء والشخصيات الوطنية.

وخلال مرحلة النضال الوطني لتحرير الجنوب من الاستعمار البريطاني شهدت مدينة يشبم الكثير من الأحداث المفصلية حتى بعد الاستقلال وقيام جمهورية اليمن الجنوبية، زارها وعقد مهرجانات فيها كل زعماء الجنوب .

وقد احتشدت جموع غفيرة من أبناء شبوة توافدت من كل مديرياتها لحضور المهرجان، ولتعلن انتصارها على حالة التمزق التي فرضتها عليها السياسات الخبيثة التي أشعلت الفتن والحروب خلال الفترة الممتدة منذ 94/7/7، وقد أكدت الحشود انتصارها على مشاريع التمزيق عندما أقبلت تعانق الوفود المشاركة في المهرجان من محافظات الجنوب من الضالع حتى حضرموت، وتحيي طلائع الحراك السياسي المناضلين من أجل التغلب على واقع الهزيمة والنهب المفروض على كل أراضي وثروات وأبناء الجنوب، وفي مقدمتهم العميد ناصر النوبة وحسن أحمد باعوم وناصر الخبجي وبن يحيى ويحيى غالب وغيرهم من الناشطين والشعراء وفي مقدمتهم أحمد القمع.

وليعلن أبناء شبوة بهتافاتهم المدوية التي رددت صداها الجبال بأن الصف الجنوبي وتسامحه وتصالحه ونضاله من أجل استعادة الحق والكرامة والسيادة هو الغاية المنشودة لكل أبناء الجنوب، وأن لاتراجع عن ذلك.

وقد عبرت الكلمات عن مرارة المعاناة خلال السنوات العجاف المنصرمة، وما يعانيه أبناء شبوة، وتحديدا في هذا المهرجان الذي كرس الكثير من الحديث عن النهب المتهور والواسع للثروات النفطية والغازية والسمكية وغيرها من الموارد، وعن حالة الإقصاء الكاملة لأبناء محافظة شبوة من كل الفرص المتاحة في الاستثمارت والعمالة والخدمات والحرمان من الثروات التي يتقاسمها النافذون في السلطة وفقا لكيفية تجعل بلوكات نفطية وشركات متخصصة تابعة لأشخاص نافذين في السلطة، وغيرها من الأساليب التي حولت الوطن إلى ضيعة خاصة، وحولت أبناء شبوة إلى غرباء فقراء عاطلين عن العمل، يعيشون ويرون خيرات أرضهم تنهب.

لقد كان المهرجان وقفة هامة أمام واقع سيء تعيشه شبوة ويعيشه الجنوب قاطبة، ومحطة انطلاق نحو المستقبل، وتناولت الكلمات والقصائد الشعرية التي ألقاها عدد من الإخوة المشاركين في المهرجان ذلك الواقع بالعرض والتحليل واتخاذ المواقف والعمل على رفع الضيم، وأكدت الكلمات والقصائد والهتافات من الجموع الغاضبة أن مهرجان يشبم وكل ما سبقه من فعاليات الحراك السياسي الشعبي الجنوبي، وما حددت فيها من مواقف ورؤى سياسية ترفض الواقع المفروض على الجنوب، وتجعلنا نقول إنه بمنطق اللغة السياسية المعاصرة والمسئولة، فإن قضية الجنوب تعبر وبشكل جلي، عن حق شعب في تقرير مصيره، وهو حق مشروع في كل الأعراف والقوانين الدولية التي تنص على أن لكل شعب الحق في تقرير مصير أبنائه وثرواته ومستقبله، وهو حق سبق له أن تقرر بالاستقلال عن الاستعمار البريطاني، وقيام دولة الجنوب المستقلة، وكيانها الوطني المعروف للملأ.. ولايسقط هذا الحق تحت أي مبرر أو زيف، ويتحول أبناء الجنوب إلى أقلية منهوبة الأرض والحقوق والسيادة، تعيش على هامش الحياة وتعاني الفقر والإقصاء وطمس الهوية.

بذلك فإن للجنوب قضية، صارت عنوانا له وصوتا مدويا تسمعه الدوائر الإقليمية والدولية.. ولاتسمعه السلطة!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى