مؤتمر ضياع الفرص

> محمد باجنيد:

> المسئولون عن مؤتمر الاستثمار السياحي في حضرموت من أهل النوايا الطيبة، يعملون بهمة قوية وعزيمة مليئة بالطموح من أجل المؤتمر لدرجة التفاؤل بنجاحه، وذهب التفاؤل ببعضهم إلى السفر خارج حضرموت، وإقامة الندوات والمؤتمرات الصحفية بهدف التبصير بفرض الاستثمار العقاري والسياحي، جهود أدت إلى فقدان الكثير من شحومهم وإلى النقص في أوزانهم، حتى باتوا مثالاً للرشاقة والنحافة، وأصبحت الأسئلة المطروحة على كل من يلتقيهم: (كيف تمكنت من تخفيض وزنك ؟).

التجارب السابقة لمؤتمرات شبيهة تقول إن ناتج المؤتمر الحضرمي استثماريا يساوي (لا شيء) باستثناء تقديم الشكر لمحبوبة الشاعر الحضرمي الراحل حسين المحضار التي عذبته حتى يترك المكلا ويبحث عن (إقامة) في وطن آخر.

لعل مؤتمر المانحين في لندن الذي عقد قبل عامين دليل على فشل المؤتمرات الداعية للمنح المالية أو للاستثمار في بلاد ذاع صيتها بانتشار الفساد في كل المفاصل حتى أصبح الحصول على دواء للفساد معجزة تحتاج إلى لجان تلو لجان للبحث في الأسباب وطرق العلاج، ثم تكوين لجان أخرى لأن اللجان الفارطة لم تقدم غير بيان طويل بعدد ساعات العمل والتخزين التي قضتها بحثا عن الفساد المجهول المصدر والمكان.

ومؤتمر لندن حقق وعوداً بالدعم (وعوداً وليست التزاماً) بحوالى (%5) من حاجة اليمن لدعم التنمية، وهذا يعني بداهة أن عدم ثقة المانحين في القدرة على تحقيق التنمية وصل إلى قرابة الـ(%95).

لو أن غرفة تجارة وصناعة حضرموت طرحت للمؤتمر شعار (مؤتمر ضياع الفرص) لكان ذلك أكثر واقعية، وناقشت فيه لماذا يذهب الخليجيون للاستثمار إلى مشارق الأرض ومغاربها ويمتنعون عن الاستثمار في اليمن الموحد في وقت ترفد فيه الصناديق الخليجية الاقتصاد العالمي بحوالى 200مليار دولار أمريكي سنويا؟.. وماذا يمكن أن تفعله غرفة تجارة وصناعة حضرموت في المطبات والعراقيل التي تنتظر المستثمرين من القائمين على تعطيل المشاريع في حضرموت؟ فيما لو أقبل المستثمرون بجدية على الاستثمار في حضرموت (عكس التوقعات) ؟

ماذا ستفعل الغرفة التجارية حيال صعوبة توثيق الأراضي أثناء الدوام الرسمي ومرونته في الظلام؟

ماذا لو أقامت غرفة تجارة وصناعة حضرموت ندوة ضيوفها من ذوي الشأن، ووضعت تلك الأسئلة وغيرها بحثاً عن أجوبة ناجحة وحلول للأسباب الطاردة للاستثمار!؟

المستثمرون الحقيقيون قد يأتون على سمعة (الحضرمي القديم)، لكن المفاجأة التي تنتظرهم ستكون مفجعة وطاردة في الوقت نفسه، فلم يعد في البلاد حضرمي زمان .. إذ جاء الفاتحون الجدد بثقافات جديدة وسلوكيات جديدة.

سينعقد المؤتمر في أواخر مارس بلاشك غير أن أحدا من المدعوين لن يستجيب لدعوة أخرى، لأنه سيكون مصدوما من أن المكلا خارج محيط القرن الواحد والعشرين، ومتسائلا لماذا يطلقون عليها (مدينة) ؟؟ ولا يوجد بها مطار يمكن القول إنه مطار مدينة ولا يوجد لها ميناء عصري رغم أنها تطل على محيط.

وأخيرا لماذا .. لماذا .. تتبنى غرفة تجارة وصناعة حضرموت مؤتمراً وهي تعلم تمام العلم أنها عاجزة عن حل مشاكل المستثمرين القائمة (وما أكثرها)، لاسيما مشاكل الأراضي.

ولا يحتاج تكرار القول في أن دول العالم تقدم للمستثمرين أراضي متكاملة الخدمات من هاتف وماء وكهرباء ومجاري.

وفي بلادنا سنتظر الربيع الذي يأتي بالكهرباء النووية ومياه البحر المحلاة والخدمات الإليكترونية لنقدمها مع عروض بفرص الاستثمار للمستثمر ! وهو انتظار لربيع يشبه من ينتظر الغول والعنقاء والخل الوفي وتحسين الأوضاع الاقتصادية في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى