حتى لا نخسر أولادنا

> بلال غلام حسين:

> جلس لقمان الحكيم يوماً مع ابنه ليعلمه ويهذبه ويربيه، فبدأ بتعليمه توحيد الله سبحانه وتعالى، فقال له في مُنزل التحكيم: (يابني لاتشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم)، وعندما رباه فوعظه بقوله تعالى:(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصله في عامين أن أشكر لي ولوالديك إلي المصير، وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا)بعد ذلك علمه كيف يتوكل ويؤمن بالله فقال له عن الله: (يابني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير (وحينما هذبه كيف يعامل الناس فقال له عن الله:(يابني أقم الصلاة وأْمر بالمعروف وانهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير.) بعد هذه المقدمة أخي القارئ أختي القارئة، هناك سؤال أسأله لنفسي أولاً ثم أسألكم، كم مرة جلست مع ابنك وابنتك في اليوم الواحد، أو في الأسبوع أو في الشهر لتعرف عن أحوال أبنائك؟؟ عن دراسته، من يصاحب، أين يذهب، ماذا يعمل، أم أنك مشغول في مبارز القات أو الذهاب إلى العمل بعد الظهر لجني الأموال بطريقة أو أخرى!! وأنت أيتها الأم الفاضلة، كم مرة جلست مع ابنتك لتعرفي حالها مع نفسها وكيف تسير أمور حياتها؟؟ يجب أن نعلم ونواجه الواقع بصراحة ونعترف بالحقائق، بأن في وقتنا وزماننا هذا أولادنا ضائعون إلا من رحم ربي، لا من دراسة ولا تربية صحيحة ولا أصدقاء صالحون، هل تعلمون لماذا يحصل هذا في أولادنا؟؟ لسبب واحد وهو لأننا غافلون عنهم، ولا يوجد لدينا وقت لهم، ولهذا السبب فهم يصرفون طاقاتهم وأوقاتهم في الشارع ومقاهي الإنترنت ومحلات الألعاب الإلكترونية وما أدراك ما محلات الألعاب الإلكترونية التي كثرت في وقتنا الحاضر دون حسيب أو رقيب. في كل يوم من خلال جولاتي في الأسواق، أرى أولادنا الذين هم في عمر الزهور في الأماكن التي أشرت إليها بالساعات الطوال، وعلى النواصي يتسلقون خلف السيارات أو مع صحبة فاسدة يضرون الآخرين من كلام بذيء أو معاكسة النساء، هل تعلم أخي القارئ لو دققت في عدد المحلات والأكشاك التي توجد فيها الألعاب الإلكترونية لعرفت بأن عددها لا يحصى، وهي في ازدياد كبير، ولو دققت في عدد الساعات التي يقضي فيها أبناؤك في هذه المحلات لعلمت لماذا هم فاشلون في دراستهم وسيئي الخلق.

أصحاب هذه المحال لا يأبهون بكل ما يحصل لأولادنا، لأن همَّهم الوحيد كيف يكسبون المال لفتح عدد أكبر من هذه المحلات دون الإكتراث لما يحصل لأبنائنا والخاسر الأكبر هو أنا وأنت أيها الأب الفاضل.

ثم تعالوا لنسأل أنفسنا من أين يأتي أبناؤنا بهذا المال لكي يذهبوا إلى تلك الأماكن؟ كم هو مصروفه اليومي الذي تعطيه ليساعده لتمضية الساعات الطوال في هذه المحلات؟؟ هل سألت ابنك من أين يأتي بهذا المال؟؟

عديدة هي الأسئلة التي يجب أن نقف أمامها لنحاسب أنفسنا لماذا نخسر أولادنا!! أولادنا صغار السن لا تتجاوز أعمارهم السابعة والعاشرة، يمضون الأوقات حتى العاشرة مساءً في الشوارع وعلى مقاهي الإنترنت والألعاب الإلكترونية وينفقون الأموال الطائلة دون حسيب ولا رقيب. وفوق هذا وذاك مشكلة الهروب الشائعة من المدارس والتي تعتبر الطامة الكبرى، وبعد ذلك نأتي ونتحسر على فشل أولادنا في تعليمهم. بناتنا أراهم كثيراً في مقاهي الإنترنت يشاركن الشباب غرف الشات (المحادثة) وهي لا تأبه بالخطر الذي يحوم حولها، لأنها لا تعرف مع من تتحدث ومن يلعب بعقلها. هل سألت ابنتك أين تذهب ومع من تتحدث ومن هم أصدقاؤها، اعلموا أيها الآباء الأفاضل هذه كارثة قادمة إلى بيتك إذا لم تدرك زمام الأمور في يدك، وفوق كل ذاك للأسف الشديد أرى معظم أولياء الأمور الأفاضل في أوقات المساء وهم عائدون من مبارزهم الخاصة في حالة يرثى لها من نشوة القات، لا يعلم كم من عمارة بناها وكم من كذبة كذبها، يعود إلى المنزل لتناول طعام العشاء لبدء الشوط الثاني من تناول القات والجلوس أمام الفضائيات دون أن يسأل عن أولاده وأين هم وماذا عملوا.

آباؤنا الأفاضل أمهاتنا الفاضلات ، الأمر خطير جداً إذا لم نتداركه فسوف نفقد أولادنا إذا لم نأخذ بالحيطة ومراجعة الأمور بجدية ونتحمل مسؤوليتنا تجاه أبنائنا وبناتنا، التربية تبدأ من البيت أولاً، ثم يأتي دور السلطة المحلية لتتحمل مسؤوليتها من خلال ضبط الأمور في الشارع، ضبط صرف تراخيص لتلك المحلات وإصدار القوانين لضبط عمل هذه الأماكن ومحاسبة المخلين بقوانين السلطة المحلية. وكلاء المدارس والمدرسون يجب أن يتحملوا مسؤوليتهم في ضبط عملية التعليم وعملية الهروب من المدارس. وبعد كل ما ذكرته لك أخي الحبيب وحتى لا نخسر أولادنا، أنا أرجو من الآباء والأمهات أن يتحملوا المسؤولية التي تقع على عاتقهم أولاً، والعناية والمتابعة لأولادهم في كل وقت، إعطاء المزيد من الاهتمام لأبنائهم، الجلوس معهم ومحاسبتهم على كل صغيرة وكبيرة، متابعة دروسهم، متابعة تأدية الفرائض الدينية، إلزامهم بالعودة مبكراً إلى البيت، وضع أوقات معينة لمشاهدة التلفاز والعمل على ضبط البرامج التي يشاهدونها.. اجلس مع أولادك ودعهم يحسون بأنك موجود في حياتهم وحسسهم بحبك واهتمامك لهم حتى لا نخسر أولادنا.

[email protected]

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى