عبدالقادر هلال والواقع الشاق

> علي سالم اليزيدي:

> ليس فيما أنشد قوله هنا وصف يحدد ما بين التفاؤل والتشاؤم، إذ ينبغي أن نكون واقعيين في هذه المرحلة، فكل ما أمامنا عبارة عن واقع شاق، تكشفت بواطنه ونطقت مدلولاته، ولم يتبلور في الأفق ما يفصح عن ضمانات مستجيبة ملامسة لهذا الواقع الشاق، ووصفنا ما يشبه أحيانا ثقب الإبرة وإدخال الخيط الذي لاتتسع الفجوة الصغيرة جدا له، ومن شدة التوتر ليس أمام اللحظة ذاتها إلا المروق والعبور من هذه الفجوة، وبعدئذ سحب الخيط، هكذا ننتظر الأمل، ويحتشد خلفه كل الواقع ومتاعبه وتأملات الانفراج، ولكنها وكما قلت ربما تدع هذا الخيط يدخل في نهاية المطاف.

قام الأستاذ عبدالقادر علي هلال بزيارة إنسانية كبيرة المغزى إلى مخيم شهيد التصالح والتسامح صالح اليافعي- ولا أسهب هنا- لأنني قد تطرقت للموضوع من قبل، إلا أن قدوم الوزير والسياسي هلال وبعيدا عن التأويلات والتفاسير المتطايرة، فهي ما بين الوضع المتوتر، وما يحدث من حراك في الساحة الجنوبية، وقوة الضغوطات المتراكمة، وما بين الواقع المتدحرج الشاق أيضا وخطاب الحكم وبمنطقية الأخلاق ما بين الشدة والليونة، تقدم من واقعية الشخصية والثقافة المتسمة بالمشاعر المدركة إداركا ناضجا واقعيا، لايقف خارج الأبواب بقدر ما يقترب- متخطيا الحواجز- من التقاليد السياسية، حتى وإن فسرت بأنها محسوبة لطرف أو دبلوماسية الحكم كما يقال.

نضع هذا جانبا، فقد أنهكتنا فتفتة الأمور وتشريحها الفلسفي، إذ إننا على علم بطبيعة الحال أن السياسة بحرها (غويط)، وليست إدارة سهلة، وليس كل من ركب الحصان قفز به، إطلاقا! فهناك من يعرف بقناعة النفس أن الأمر ليس توظيفا للإمكانيات الشخصية بقدر ما هو مفارقات ما بين ثوب السياسي وروحه، وما بينهما التوازن وإنسانية الذات، ونحن نعرف تماما ما لدى الأستاذ عبدالقادر هلال من مزايا يتصف بها وحسن إدارة لعلاقاته الاجتماعية، وما بها من مروءة، وهي في الوقت نفسه جسدت اقترابه ومخالطته كل الشرائح من الناس، بل في أحيان كانت شاقة عليه بحجم الواقع الشاق الذي أمامنا ما بين موضوعية وحقوقية القضية في الجنوب، ومن يحمل الخيط نحو عين الإبرة، وهو أيضا وضع شاق آخر قد لانسمع صوته الآن، ولكننا نحس بهمهماته من بعيد.

قدوم الأستاذ عبدالقادر هلال وزير الإدارة المحلية إلى مخيم التصالح بعدن هو خطوة واتجاه صحيح لم يقدم عليه البعض، وتردد آخرون، وليس هنا القصد أنه يجلس على مقعد وزاري، فهو قد عايش كل الغليان السابق في الضالع وعدن وأبين، وعضو في لجنة وزارية برفقة د. صالح علي باصرة، وقال الاثنان كلاما منطقيا وواقعيا كان يمكن أن يحقق انفراجا ومدخلا لحلول تضرب الواقع الشاق الذي يقف ما بين حراك الجنوب و السلطة، فقد قدرنا أن الاثنين في لحظة ما دفعا نحو انفتاح يقترب بكل موضوعيته وحقائقه من الواقع قبل أن تتكدس النوايا الخبيثة، ثم ينفجر النهر الحار في أكثرالجنوب.

أنا هنا أقترب من فك اللغز، واقعية السياسة لها مساحة أكبر في فكر الوزير هلال، ولدى الرجل عنفوان يقوده من خلاله، تتحسس أصابعه بعض المفاتيح، وهنا لايعني بالقطع أن طريق الحل تبدأ من هنا أبدا، ولكن علينا أن لانطبق ذلك المثل القائل (ما في جهنم كوز بارد).

نعم نحن ننشد البحث عن حقنا في إعادة الترتيب الدار والحوار عبر بوابة الحراك الراهن، وما بين جرأة الوزير هلال وكثير من الواقعيين معه، فهم يصرخون كما صرخ ذلك الفارس الروسي من على صهوة حصانه في رجال الحكم من بلاط القيصر ذات ليلة ثلجية عاصفة (توقفوا يا قوم.. كفى عربدة.. لقد قامت ثورة في فرنسا) ثم حكى التاريخ بعدئذ ما يكفي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى